قد نصاب أحياناً بفقدان الإحساس بالتناسب مع الغير فى حالات الخطر وانعدام الرؤى واليقين، فيميل البعض إلى العزلة، والانزواء، والاختفاء، بل الردة والانكفاء إلى الداخل، حماية للنفس بل فى محاولة لتصحيح الأوضاع بداخله.
قد يكون ذلك صحيح، ولكن بدون أن ترى وتعى ما يحدث حولك وبدون أن تكون أذنك ما يحدث فى الشارع، فأنت لست فى أمان، فمن السهل جداً أن تكون ضحية عزلتك وكذلك أسرتك، فأنت بحاجه إلى التواصل الاجتماعى والإنسانى المستمر، قد تفيدك العزلة فى حالة اتخاذ قرار أو التفكير فى أمر معين، أو لاسترداد عافيتك، أو للتأمل وتجديد حياتك، لذلك سميها عزلة مؤقتة وفى نفس الوقت لا تجعل نفسك بعيداً عن الأحداث الجارية، وذلك فى محاولة لاستعادة التوازن الفكرى من زوايا ورؤى مختلفة فى محاولة للعودة للمجتمع بصورة أقوى وأفضل مما كان.
تصبح العزلة خطر على الإنسان عندما تتحول إلى خوف مستمر بل إلى حالة مرضية بانفصاله عن المجتمع، فبمرور الوقت يجد نفسه فى متاهة صعب الخروج منها، والتكيف مرة أخرى مع المجتمع، فتبدو عزلته كأنه حَكَمَ على نفسه بالموت البطىء، فكل يوم يمر عليه يجعله يفقد جزء من إحساسه بنفسه وبمن حوله.
يقول د. وليام جميس: "هذه آخر كلماتى لك، لا تخف من الحياة، آمن بأن الحياة تستحق أن تعيشها، وسوف يساعدك إيمانك على تحقيق الواقع".
انعزالك يجعلك صيداً سهلاً ثميناً من أعدائك، بل يعرضك لأخطار رهيبة قد تفقدك حياتك، لكونك أسقط الكثير من أحداث وأمور مهمة من حساباتك بل أفقدتك المعرفة الضرورية لتواجدك وبقائك، وجعلتك عاجز بأى لغة تتحدث بها مع من حولك من أهلك وناسك وجيرانك، بل جعلتك تشعر بالخلل فى كيانك، واختلال موازين القوى والثبات فى حياتك، بل العكس أنت محمى بمن حولك، وإن كانوا مختلفين معك.
يقول "لورد تشستر فيلد": "المعرفة بالعالم تكتسب من الخارج، وليس خلف الجدران المغلقة".
وهناك كثير من الناس فرضت عليهم عزلة جبرية فكان إبداعهم داخل سجنهم، لأنهم فى نفس الوقت كانوا على دراية ووعى بما حدث لهم وما يحدث حولهم، أما انعزال الحاكم وانفصاله عن شعبه فتلك كارثة كبرى، وهناك عزلة اختيارية للعلماء والمفكرين والأدباء والمبدعين، تكون من آن لآخر للتأمل والتفكر والتدبر.. وهذا لا ينفى أنهم أشد الناس اختلاط بالحياة.
يقول زج زجلر: "قد يمنعك الآخرين عن فعل شىء لبعض الوقت لكن أنت الذى تمنعها كل الوقت".
الإنسان بطبعه كائن اجتماعى يميل إلى التواصل والإبداع والرقى، ومن يسعى إلى ذلك لابد وأن يختلط ويعيش فى وسط الناس بهم ومعهم وكلما زاد انغماسك بمجتمعك زادت رؤيتك وثباتك وصلابتك ويحتاج منك ذلك إلى كياسة وفطنة وفن ومعرفة مع من تتعامل.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ريهام عمر
شكراً لك
عدد الردود 0
بواسطة:
ربيع السيد
استمر
استمرارك في الكتابة يعطينا الأمل في الحياة