د. خالد المبروك الناجح يكتب: النهر الحزين

يا نيل يا ساحِر الوُجود
يا خَيرَ مَن يُنبِئ عن مَعنى خُلود
مَن شَرِبَ مِياهك لا بُدَّ أنْ يَومَ يَعُود
قَد عُدتُ مِرارًا لكِنِّى فى هذى المَرَّة
أراكَ على غَيرِ المُعتاد كَئيب
أتُراكَ تَندب حَظّ الثورة
ومآل أقرَب للتّخريب
أم طافَ بِسمعِكَ ما أسموه بِسَدِّ النهضَة
تَقطَعُ شريانًا مِن جَسَدِكَ أيدى غريب،
لَم يُؤلِّف فى رِحاب الكَونِ مِثلك
فجَمَعتَ بَين أهلك
مِن هِلالٍ وصَليب
فعَرَفتُ أنَّ ماءَك
يَحتَوى تِرياقَ فِتنَة
إنَّهُ ماء المَحَبَّة
يَرتَوى منه القريب
تَجمَعُ الأهل على خَيرٍ ومِحنَه
تَنبذُ كُلّ مُريب،
شاعر النيل أشادَ بِحُماتِكَ والوادى الخَصيب،
وتَغَنّى العَندَليب :
"وبلَدنا عالترعة بتغسِل شَعرَها" عند المغيب
ببهائك مُطرِب الأجيال غنّى:
"والناس فى حُبِّه سُكارى
هاموا على شَطِّه الرّحيب"،
بَيرَم هامَ وعَبَّر
هاجَهُ الوَجدُ فَصَوَّر
لبهائك تُحفَة شمس الأصيل
خَلَّدَتها كوكب الشرق فَغَنَّت
لقُدودٍ تتمايَل قُرب مَجراكَ الجَميل
***********

حُزنكَ لا يُخطِئهُ عابِر
فى وُجوهِ الناسِ ظاهِر
قد عَهِدنا شَعبكَ تَعلوهُ بَسمَه
شعب مِصر هكذا هُم أهل نُكتَه
تتحَدّى شَظَف العَيشِ وتَدعو للحَياه
قُل لى بِرَبِّكَ ما دَهاه ؟!
أتُراهُ يَتَحَسَّس ما بدا فى الأُفقِ نَكبَه
تَتَراءى تَمحَقُ ما قَد رآه ! ،
شعب وادى النيل لا تَسكن لعُصبَه
تُهلِكُ الحَرثَ وتَهدِم ما بَناه
سَلَفٌ خَيِّر، فلا تَحنى الجِباه