إن مشهد التاريخ الإنسانى فى الصراعات الحضارية والوجودية والأصولية وكذا فى حصاد الحملات والغزوات العسكرية والثقافية والدينية وغيرها قد برهن يقيناً أن الأمم والشعوب كانت وظلت وستكون هى الباقية والمنتصرة دائماً، والمستعمرون والغزاة الأجانب منتكسون وراحلون، كما أن الحركات والتيارات والجماعات والميلشيات والأحزاب الدينية والثقافية والسياسية والعسكرية والوطنية وغيرها، التى أفرزتها الشعوب والأمم من معينها فى مواجهة الاستعمار والنكبات والانكسارات وغيرها، هم متغيرون ومتقلبون بتغير ديناميكية الحياة وتطور العلوم والثقافات والتكنولوجيات والحضارات وغيرها.
كما برهن التاريخ على أن جميع الإمبراطوريات والأقطاب العسكرية والحضارية والاقتصادية العظمى منحصرون ومنحدرون ومندثرون فى ذاكرة التاريخ، فقد سقطت الخلافة العثمانية وسقطت الإمبراطورية البريطانية العظمى وسقطت النازية وسقط الاتحاد السوفيتى وها هى الولايات المتحدة الأمريكية فى طريقها إلى الانحصار والانحدار والتقلص والسقوط، علماً بأن الأهداف السوفيتية والأمريكية القابعة فى مستنقعات أفغانستان قد أنقلب سلباً وتدميراً على القطبين الأعظم فى العالم، علماً بأن حركة طالبان ذى الأيديولوجية الدينية والإسلامية الراديكالية ستظل حركة مقاومة إسلامية بعيدة عن العمل السياسى المتقلب التوجهات والأهداف.
كما أن واشنطن تريد الخروج من أفغانستان منتصرة بفرض إرادتها السياسية على أفغانستان وطالبان أمام العالم، علماً بأن حامد كرازى قد أصبح فى منظور الولايات المتحدة من بقايا هزائم حرب أفغانستان، كما حولت أمريكا المجاهدون العرب سابقاً فى أفغانستان إلى أرهابين بعد خروج الاتحاد السوفيتى من أفغانستان، علماً بأن الانهيار الاقتصادى العالمى، وكذا حرب فيتنام والعراق وأفغانستان هما بداية انحصار السياسة العسكرية الأمريكية داخل أراضيها، علماً بأن الصراع المسلح على الحكم بين طالبان وحكومة كرازى وحلفائها فى أفغانستان سوف يبدأ ويستعر بعد خروج القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان.
د. حسن صادق هيكل يكتب: بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية
الإثنين، 24 يونيو 2013 06:35 م