قال "إتش إيه هيلر"، الخبير بمركز بروكنجز الأمريكى، إن مصر لديها طريقة لوضع الناس أصحاب الآراء المنطقية فى مواقف غير معقولة على أساس منتظم، و30 يونيو ليس استثناء عن هذا، مشيرا إلى وجود خصوم الرئيس محمد مرسى الذين يصبحون بالتأكيد أكثر تشككا إزاء ما إذا كانت الاحتجاجات فكرة جيدة أم لا، حتى على الرغم من أنهم يريدون إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مثلما يريد منظمو الاحتجاجات المقررة فى أواخر الشهر الحالى.
ووصف "هيلر" فى مقال تحليلى له على موقع "العربية" بالإنجليزية هذا الأمر بأنه أشبه بالمأزق، حسبما قال له بعض الناس ومن بينهم شخصيات من داخل المجتمع المدنى وأحزاب المعارضة.. ويقول إنه لو لم يكن هناك مثل هذا الجمود الكارثى فى السياسة والحكم، لفضل هؤلاء أن يظل مرسى فى السلطة، وليس لأى سبب آخر سوى أن يثبتوا للشعب المصرى للأبد أن الإخوان المسلمين ليسوا بالقوى التى تستطيع أن تحكم، ومن ثم يحققوا هدفهم ويوجهوا ضربة قاضية لهم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة بعد ثلاث سنوات، وسيكون الثمن ليس فقط إنهاء المستقبل السياسى للإخوان فى مصر، ولكن التأثير أيضا على حركات الإخوان فى العالم.
ولكن فى ظل هذا الجمود يجد النشطاء أن الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة هى الوسيلة الأكثر سلمية وهدوءً لإخراج البلاد من الأزمة التى تجد نفسها فيها، وعلى العكس من أنصار الرئيس، فهم لا يرون أن الدعوة غير قانونية أو غير دستورية، بل إنها طريقة ديمقراطية تماما وتوافقية للمضى قدما، نظرا لانخفاض شعبية الرئيس، وغياب الكفاءات داخل الحكومة والحزب الحاكم.
ويمضى "هيلر" قائلاً إن القضية المهمة التى يتحدث عنها المعارضون بشكل متزايد هى أنهم لا يستطيعوا أن يتصورا سيناريو يؤدى فيه الاحتجاجات إلى قيام الرئيس مرسى بالدعوة لانتخابات مبكرة، معتبرين أن مرسى لن يترك الرئاسة أبداً حتى ينهى فترته ويخسر أمام منافس فى انتخابات حرة وشفافة.
ويتابع "هيلر" قائلا إن هناك البعض من المعارضين للإخوان المسلمين يطالبون الجيش بشكل فعال على القيام بنوع من "الانقلاب العسكرى"، لكن هناك من بينهم من يتسموا بالواقعية ويعرفون أن الجيش ليس مهتما وليس راغبا فى القيام بمثل هذه الخطوة، فالجيش لديه المكانة التى يريدها من خلال الامتيازات التى حصل عليها فى الدستور الجديد وليس لديه رغبة فى الانخراط فى أى نوع من أدوار الحكم ليشارك ببساطة فى خلافات سياسية حزبية.
وأسترد "هيلر" قائلاً: "ففى حالة حدوث اضطرابات اجتماعية تهدد بانهيار النظام العام مثلما حدث فى ثورة 25 يناير، فإن الجيش مستعد للمشاركة بشكل مباشرة، وإن كان بتردد، لأنه فى هذه الحالة سيحظى بتأييد شعبى كاسح".
وأوضح أن جميع استطلاعات الرأى التى تمت على مدار لعامين الماضيين، تؤكد أن الأغلبية الكاسحة من المصريين يثقون بشدة فى الجيش.. فضلا عن ذلك، من المحتمل تماما أن يكون هناك عدد كاف من الشخصيات المدنية التى توفر غطاءً مدنيا لمثل هذه الخطوة بالتعاون مع الجيش إما لإجبار مرسى على ترك منصبه أو "قصقصة" جناحيه بقوة.
لكن هنا تكمن الصعوبة، حسبما يقول "هيلر"، فلو أن هدف 30 يونيو إجبار الرئيس مرسى على الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة من خلال الاحتجاجات، والرئيس لن يفعل هذا إلا لو كان هناك قدر هائل من عدم الاستقرار الاجتماعى، فإما أن يفشل 30 يونيو، أو يحدث عدم الاستقرار الاجتماعى سواء حتماً أو بالتخطيط له.
ويمضى خبير "بروكنجز" قائلاً إن العديد من النشطاء لا يزال لديهم شكوك سليمة إزاء هذا السيناريو برمته، بما أن أحدا لم يقل إنه يدعو للعنف فى يوم 30 يونيو، لكن نظرا لهذا الزخم الذى يزداد قبل هذا اليوم، سيكون من الحماقة اعتبار أن العنف غير محتمل، فلو أن هناك قدرا بسيطا للغاية من الاستفزاز من جانب عناصر من داخل المعارضة، أو من جانب أنصار الرئيس الذين يعتبرون أن هذه معركة للدفاع عن الله والإسلام، فإن العنف الناتج قد يكون هائلاً.
ويرى "هيلر" أن هناك عدة طرق للخروج من الصورة القاتمة الراهنة، لكن أيا منا لا يبدو محتملا، فيستطيع أن يهدئ الرئيس مرسى من المعارضة بإجراء تغيير جذرى فى حكومته إلا أننا لو أخذ فى الاعتبار أنه قام بتعيين قيادات إخوانية وإسلامية فى عدة محافظات مؤخرا، سواء بمراعاة الكفاءة أو دونها، فإن هذا أمر لا يمكن الاعتماد عليه.
أو أن يمر يوم 30 يونيو بدون عوائق، مع جيوب منعزلة من الاشتباكات فى أماكن متفرقة، لكن الاشتباكات التى وقعت الأسبوع الماضى ليست مشجعة فى هذا الصدد، ويمكن أن يشهد هذا اليوم احتجاجات أشبه بما حدث فى نوفمبر وديسمبر الماضيين، ولو حدث هذا فإن الوضع الراهن سيظل قائما.
وختم "هيلر" مقاله قائلاً إن الوضع الراهن، الذى يعانى فيه الاقتصاد بشدة غير قابل للاستمرار، بل على العكس هو أشبه القطار المحطم البطىء وبينما لا يعلم أحد متى سيتلف، فلا توجد شكوك كثيرة فى أن المزيد من الخلاف أمر لا مر منه فى ظل وجود هذا الفريق الحاكم.
خبير معهد بروكنجز الأمريكى: لولا الجمود السياسى الكارثى بمصر لصبرت "المعارضة" على وجود "الإخوان" 4 سنوات لإنهاء مستقبلهم السياسى.. ويؤكد: الانتخابات الرئاسية المبكرة هى الوسيلة الأمثل للخروج من الأزمة
الأحد، 23 يونيو 2013 06:24 م