"حياة واحدة لا تكفينى" هذا ما قالة عباس محمود العقاد عندما سئل عن حبه للقراءة معلقا على ذلك بأنه لا يقرأ ليكتب كما يظن البعض.. وإنما يقرأ لأنه يملك حياة واحدة وحياة واحدة لا تكفيه.
وصف العقاد حبة وعشقة للقراءة لهذا السبب ولأن القراءة تجعلنا نزداد عمرا وقدرا فى الحياة وعمقها.. لا فى إضافة السنوات لأعمارنا قائلا: "القراءة دون غيرها هى التى تعطينى أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق، وإن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب".
وبعد تعليل وتفسير العقاد عن سبب القراءة من حيث التبحر والتعمق والتجول فى الأفكار والعقول من يد كاتب لآخر فإننا اليوم لابد وأن نؤكد على قول العقاد ونضيف سؤالا ليس بالجديد.. ولكن لم يطرحة العقاد ولم يجب علية وهو.. لماذا نكتب؟
أعتقد أن الكتابة هى أداة تفريغية لأعماقنا وذواتنا.. وقد تميزنا عن سائر المخلوقات فنحن نكتب لنتداول المعلومات فيما بيننا وللوساطة المعرفية بين الاشخاص وبعضها فمن الجائز أن يكتب موضوع واحد على يد أكثر من كاتب ونجد أن له لونا ومذاقا مختلفا فى كل مرة نقرأه.
نكتب لكى نصل للآخرين ونتواصل معهم.. ولننتقل من عالم لآخر من حياة لأخرى أيضا.. فتجسيد حيوات مختلفة للإنسان الواحد جائز فى الكتابة والسرد تجعلنا ننتقل بين السطور بحرية وبهو مطلق.. تجعلنا قادرين على التعبير والإفراغ والتعميق والتصديق.. إنها سحر ليس له مثيل.. وهنا أقول أن كل منا يستطيع الكتابة والتعبير يستطيع أن يتربع على عرش ذاته فى أوراق من صنع خيالة وتركيباتة الخاصة التى سيمتلكها وتملكه عمرا قادما.
"ليس كل من يستطيع الإبحار فى التركيبات والتعبيرات اللغوية فقط هو من يستطيع الكتابة، وإنما يستطيعها كل من امتلك قلم وورقة".
وسطر حروفا وكلمات تعبر عن نفسة وذاته وتركها وقتا طويلا.. ليلتقى بها بعد ذلك بحفاوة وترحاب من التقى بذاته بعد انتقال السنوات والأزمنة.
سيجد إنسانا جديدا.. مختلفا قد يبكى أو يضحك حينها ولكنه حتما سيجد ما يحرك شعورة بعد هذا الإفراغ الزمنى للكلمات.
الكتابة أيضا مثل القراءة موصل جيد للحرارة المعرفية والمعلوماتية.. فإذا كانت القراءة أداة تواصل بيننا وبين الآخرين.. فالكتابة هى أداة تواصل بيننا وبين ذواتنا.
صورة أرشيفية