انطلق القطار الطلقة ـ الموجة الثانية للثورة المصرية ـ من محطة الفشل الإخوانى المزرى فى إدارة شئون البلاد على كافة الأصعدة، بما فى ذلك صعيد الكلام فيما أطلق عليه جوازاً الحوار الوطنى. وهو من نوع الفشل البَيِّن الخاذق للعين فلا يُنكر إلا من مغرض أو من ذى هوى أو مصاب بالعمى . القطار الطلقة قادم لا محالة إلى محطة الوصول مهما كانت معوقات الوصول من ترغيب أو ترهيب أو شق للصف ، ثم يمضى فى رحلة جديدة بمصر إلى آفاق المستقبل الرحيب بعد أن يضع الشعب النقاط مع الحروف فتستقيم اللغة وينضبط المنطق مع حقائق الأشياء . إلا أنه قبل أن يغادر محطة الوصول فى رحلته الجديدة يضع المجتمع كله على المحك ، الموالين والمعارضين ، والمحايدين من أصحاب المواقف الرمادية ، وحزب الكنبة . والمحك على خمسة خيارات . الخيار الأول : أن يأتى يوم 30 يونيه ، ويمر مرور الكرام دون مظاهرات أو فعاليات لها من التأثير ما يمكن أن يترك أثراً ، ثم تمضى الأيام فى أثره كبقية الأيام . وهذا الخيار يتبناه الموالين لسلطة الإخوان ومن لف لفهم . فلو تحقق حلمهم فى تحقق هذا الخيار، فبشر الشعب بالعيش فى ظل حكم إخوانى شره سيأكل من مصر اللحم والعظام ويروى ظمأه بدمائها، إذ أن هذا مسلك طبيعى لمن عانى من تباريح الحرمان من ناحية ، ويحلم بدولة خلافة فى ظلال تنظيم دولى يسعى إلى تبوأ مقعد أستاذية العالم من ناحية أخرى .الخيار الثانى : أن يعلن رئيس الجمهورية على رؤوس الأشهاد ـ انطلاقاً من الثقة بالنفس ، والثقة فى ولاء الناس وتأييدهم ـ طرح نفسه للثقة من خلال الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة نزولاً على رغبة الجماهير . وترك الاختيار للشعب ، فإما يختاره الشعب اختياراً يخرس الألسنة ويحجم أصحابها . وإما يختار الشعب غيره فيتحمل تبعة اختياره . ويعود هو معززاً مكرماً إلى صفوف الجماهير . الخيار الثالث : أن تندلع مظاهرات حاشدة فى كافة الميادين ، تقوم على إثرها الميليشيات المسلحة التابعة لجماعات تيار الإسلام السياسى بالاحتكاك الدموى بها، وهنا نكون أمام خيارين فرعيين هما: الأول أن يتدخل الجيش لمواجهة خيار شمشون الذى يتبناه تيار الإسلام السياسى حماية لخيار الشعب . الثانى: أن يمتنع الجيش عن التدخل فيتطور الموقف غريزياً إلى حرب شوارع تفضى إلى حرب أهلية. وأن تترك المظاهرات عدة أيام أو عدة أسابيع مع الاحتكاك الدامى الذى لا يفضى إلى تدخل الجيش ولا يمنع الدماء فتصاب الجموع بالإرهاق واليأس ولا تجد سبيلاً سوى الاستسلام ، فيحكم الإخوان بالحديد والنار، وهذا الخيار هو الأقرب للتنفيذ من جانب السلطة . وأن تركب قوى المعارضة مع اتحادها الموجة ، وتشكل مجلساً انتقالياً يتولى السلطة ، ويلقى اعترافاً دولياً باعتباره خيار الجماهير التى وقعت بسحب الثقة من الرئيس ، ثم يضع هذا المجلس نقطة ، ونبدأ من أول السطر ، فتشكل جمعية تأسيسية لوضع دستورجديد يعيد القطار إلى قضبانه تمهيداً للانطلاق إلى الآفاق الأرحب . كل تلك الخيارات يتوقف تحقق أحدها دون الآخر على مدى استجابة الجماهير للحشد فى الميادين حماية لهذا الإختيار وفرضه على أجندة العمل السياسى لمصر الثورة . فهل من مجيب ؟ !
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة