تأملات سياسية

أثار انتباهى مشهد الفنان محمد سعد فى فيلم «تَتَح» عندما وجد ابن أخته مضروبا، فسأل أهل الحتة: مين اللى ضرب الواد ابن أختى؟ فرد المعلم بلطجى الحارة أنا اللى ضربته وبدلا من الانتقام لابن أخته فاجأنا بصفعة قوية على وجه الولد، ثم قال له «وإيه يعنى لما يضربك؟»، هذا المشهد على قدر ما هو كوميدى إلا أن هناك مشهدا مماثلا له لكنه ليس بكوميديا بل هو ملىء بالتراجيديا التى أدمعت قلوبنا قبل أعيننا، عندما فاجأتنا إثيوبيا بقرار تحويل مجرى النيل لبناء سد النهضة فى اليوم التالى لزيارة الرئيس محمد مرسى ويبدو أنهم استشعروا مدى الضعف السياسى الذى تمر به مصر، وكما تقول الدراسات المتخصصة، إن هذا السد سيحرم مصر من جزء كبير من ماء النيل، وقد ينتج من ذلك تبوير ملايين الأفدنة وتعطيش الكثيرين من المصريين، وكنا فى انتظار رد سياسى ودبلوماسى وقانونى يتناسب مع حجم مصر ونفوذها التاريخى فى القارة الأفريقية، لكن كل ما وجدناه هو مؤتمر هزيل سياسيا كل ما فعله أنه عقد المشكلة، وأصبحت فضيحة مصر بجلاجل، وتأكد أعداؤها أنه الوقت المناسب لتمرير وتحقيق كل رغباتهم العدائية ووجد النظام الحاكم نفسه فى وضع سيئ بعدما تم انتقاده من جانب الجميع، ثم جاءت حملة تمرد لتعلن جمع أكثر من 15 مليون توقيع، فماذا كان رد فعل النظام؟ قرر تخفيف الضغط عنه بصفع الشقيقة سوريا بدلا من إثيوبيا، كما فى «تتح» بفتح الجهاد هناك، وسحب السفير وإغلاق السفارة، اعتقادا منه أن هذه الإجراءات «ستخيل» على جموع الشعب، لكن العكس هو ما حدث، بدأت قطاعات كبرى من المصريين استعدادات الحشد ليوم 30 - 6 للتعبير عن حقهم فى استخدام أرقى آليات الديمقراطية، فى سحب الثقة من حاكمهم بشكل سلمى، ولن يثنيهم عن ذلك تهديد أو وعيد من هذا أو ذاك.