مسعود أبو السعد، موظف عادى، متزوج، لكنه غير قادر على تغيير حياته التي لا تعجبه، ولكنه بالصدفة يرى محلا لبيع الأخلاق، ويرى أن الأخلاق القبيحة قد نفدت فيقوم بشراء بعض أخلاق الخير، لكنه بعد أن عمل بها خسر كل شىء فيضطر لشراء بعض الأخلاق القبيحة مثل النفاق الذى يساعده على تولى أفضل المناصب ويصبح من الأغنياء وترضى عنه زوجته، ولكنه، بالصدفة أيضا وعن طريق الخطأ، يبتلع حبة الصراحة ليفضح كل شىء.
ما فعله مسعود أبوالسعد- أو الفنان الكبير فؤاد المهندس- فى الفيلم المدهش «أرض النفاق» هو بالضبط ما فعله منذ أيام معالى وزير التربية والتعليم الدكتور إبراهيم غنيم، الذى يبدو أنه تناول حبوب الصراحة فى المؤتمر الصحفى الذى نظمته حملة «شباب مصر الواعد»، وكانت إجابته كاشفة لكل ما يجرى فى مصر الآن، بل إنها كانت موجعة، لأنها أكدت أن الثورة لم تصل إلى هذه الوزارة مثلما لم تصل إلى قصر الرئاسة!
فنفس الأفكار والسياسات والرؤى القديمة، ولكن مع تغيير بسيط فى الوجوه واللحى، فالوزير أثناء المؤتمر جاءه سؤال واضح ومحدد، وهو: «لماذا تتغير مناهج التاريخ بتغيير الرئيس؟ ولماذا صار ضروريا أن يتم مدح الرئيس الحالى فى كتاب التاريخ إذا جاء ذكره؟».
وكان جواب وزير التربية والتعليم: «لا يمكن ذكر سيرة الرئيس الحالى بأى عصر فى كتاب التاريخ بشكل متزن، وأنه إذا ذكر فلابد من مدحه، قائلا: مقدرش أخالفك لأنى عارفك تقدر تحط الحديد فى إيدى»!
هكذا أجاب الوزير، وكنت أظن أن القيامة ستقوم بعد اعتراف الوزير المسؤول عن تعليم 15 مليون تلميذ، أنه رائد مدرسة «اربط الحمار.. مطرح ما يعوز صاحبه» التى يتبناها فى كل عصر «عبد المأمور»، وأن الوزير يرى أنه لو تم ذكر الرئيس بصورة متزنة سيتم إبعاد الوزير المسؤول، بل على حد تعبيره «هيتحط الحديد فى إيده» ومن أجل ذلك تجد معالى الوزير يقول دائما للسيد الرئيس «يا سيدى أمرك أمرك يا سيدى»!
لكنى رغم كل ذلك لا أدعو للهجوم على الوزير ولا حتى لانتقاده، بل إننى أشكره مرتين، الأولى: لصراحته أمام تلاميذه الذين كانوا يجلسون أمامه، والذين أدركوا أن الوزراء مجرد سكرتارية لدى الرئيس، ولا يمكن أن يفعلوا شيئا دون موافقته وتعليماته وتوجيهاته، والثانية: لأنه أكد أن وجود أى وزير مثل عدمه، وأن الثورة لم تفعل شيئا، لأنها لم تستطع أن تحقق العدالة التى تجعل الرئيس يذكر بشكل متزن فى كتاب التاريخ، بل والتأكيد على أنه مجرد موظف لدى الشعب، وله مدة خدمة بمجرد أن تنتهى لابد أن يغادر منصبه، وبالتالى فلا يحق له التدخل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فى مناهج التعليم التى يدرسها الطلاب، فما بالك إذا كان هذا التدخل فى التاريخ!
لكن شكر وزير التعليم واجب، لحسن تعاونه مع جماعة الإخوان طيلة الفترة الماضية، علاوة على تعاونه مع الطلاب الذين يقومون صباح كل يوم بتسريب امتحانات الثانوية العامة، دون أن تستطيع وزارة التعليم أن تصل إليهم أو تقف أمامهم، وتمنع هذا العبث الذى لا هدف له سوى التأكيد على فشل معالى الوزير ومساعديه، ورغم ذلك لن يغادر منصبه طالما أنه يرفع شعار «يا سيدى أمرك.. مقدرش أخالفك لأنى عارفك تقدر تحط الحديد فى إيدى»!.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد منير
مش بس