"اليوم السابع"تخترق العالم السرى لدور الأيتام..صبية يسيطرون على الدور بعد هروب مجالس الإدارات..وأيتام"أم القرى"يبيعون المخدرات..ومشرف بالدار:الإدارة تتغاضى عن المخالفات..والشؤون الاجتماعية ترفض التدخل

الأحد، 02 يونيو 2013 01:12 م
"اليوم السابع"تخترق العالم السرى لدور الأيتام..صبية يسيطرون على الدور بعد هروب مجالس الإدارات..وأيتام"أم القرى"يبيعون المخدرات..ومشرف بالدار:الإدارة تتغاضى عن المخالفات..والشؤون الاجتماعية ترفض التدخل
تحقيق - رانيا فزاع - أحمد أبوحجر- نهى عبد النبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السكون الذى يخيم على دار «الرواد للأيتام» بمنطقة السادس من أكتوبر، لا يقطعه سوى نباح الكلاب المتفرقة حول المكان، فى هذه الأثناء كان الشاب العشرينى «س.م» يغفو على أحد أسرة الدار بحثا عن راحة افتقدها كثيرا، وحوله شباب تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشر إلى الخامسة والعشرين عاما يعملون أو يجلسون فى انتظار الحصول على شقة من المفترض أن تمنحها له الدار عند بلوغه الحادية والعشرين من العمر كما هو متبع فى هذه الحالات.

هذا هو المشهد المسيطر على دار الرواد للأيتام التى تركتها الإدارة للأيتام «الأبناء» بعد خلافات بين الطرفين حول حق الطرف الأول فى البحث عن حقوقه فى الرعاية اللاحقة من توفير وحدات سكنية ومساكن بديلة بعد تركهم للدار، أما الطرف الثانى فدائما ما يؤكد أنه «ليس لهم حقوق».



«دار الرواد» واحدة من 27 دارا لرعاية وإيواء الأيتام بمدينة السادس من أكتوبر، تعانى أربعة منها من مشاكل تبدأ من عدم توافر الرعاية الصحية والغذائية والاجتماعية وصولا إلى تحول بعضها إلى أماكن لبيع المخدرات.

«الداخلية نفسها تعلم بوجود تجار مخدرات وبلطجية داخل الدور ولم تقم باتخاذ خطوات حيالها»..يقابلك هذا الرد دائما إذا حاولت السؤال عنها أو الذهاب إليها أو حتى المرور بجانبها وإذا أبلغت أحدهم بأنك مصر على الذهاب لن تجد سوى نصيحة واحدة : «اعلم أنك فى حماية نفسك وإذا تعرضت للقتل أو الاعتداء لن ينفذك أحد»، أما إذا نجحت فى الدخول هناك فستجد غرف الإدارة مغلقة والدار خالية من أى معونات تساعد على الحياة اليومية، فالمطبخ خالى من الطعام، ولا يوجد مشرف واحد أو أموال يستخدمونها فى شراء احتياجاتهم.

«س.م» واحدا من مئات الأيتام فى منطقة 6 أكتوبر الذين يواجهون نوعين من المشاكل، الأول متعلق بالمسؤولين عن الجمعيات، والثانى يرتبط بمشاكل داخل الدار وهى «دار الأمين، وليلة القدر، وأم القرى للأيتام، والرواد».



بدأت محاولتنا فى الدخول لتلك الدور من أسبوعين عندما ذهبنا إلى دار ليلة القدر، باعتبار أننا متطوعون ونريد مساعدة الأيتام بسبل مختلفة تبدأ بالدعم المادى وتصل للدعم النفسى والاجتماعى، قال لنا الحارس: «إذا أردتم أن تفعلوا خيرا حقا فاذهبوا لدار «ابنتى للأيتام» تبعد قليلا عن ليلة القدر للأيتام».

قابلنا مدير الدار خالد فتحى فتحدث معنا عن حالة الإهمال الشديد فى دور الأيتام بالمنطقة وقال: «توجد ثلاث دور أيتام تشكل خطورة كبيرة على المنطقة هذه الدور هى أم القرى، والأمين، وليلة القدر».



وقال إن دار ليلة القدر التى تأسست على يد الأخوين مصطفى وعلى أمين وبعد وفاتهما تولى إدارتها شخصيات غير مسؤولة أدت إلى تدهور الأوضاع بشكل كبير، حتى إن الدار تحولت من إيواء للأيتام إلى مأوى للبلطجة، وإذا حدثت حادثة سطو أو قتل أو سرقة فى المكان، تتحرك قوات الأمن إلى هذه الدار مباشرة.

وأضاف: «الشرطة تعلم جيدا أن هذه الدور تحولت لمأوى للبلطجية الذين كبر سنهم، ومن المفترض أن يتركوا الدار ولكن، أحيانا يحصلون على مبالغ مالية من الدور وينفقونها ويعودون مرة أخرى وأحيانا لا تتوافر موارد مالية لهذا، مؤكدا أن الأزمة الثانية الموجودة بدار ليلة القدر هى الاختلاط بين البنات والشباب فهم موجودون فى نفس الدار، ما يؤدى إلى وقوع حوادث تحرش فى بعض الأحيان، وختم حديثه بإثنائنا عن الذهاب إلى هناك لما قد نتعرض له من مضايقات والأمر نفسه ينطبق على دار الأمين.

حالة الغموض التى تلف هذه الدور دفعتنا للتواصل مع بعض «الجروبات على الفيس بوك» التى تتحدث عن أوضاع المدينة وما تعانيه من مشاكل بهذه الدور، وبعد التواصل معهم ساعدونا من خلال أحد الموظفين بالشؤون الاجتماعية وأوصلونا لشباب من الرواد وهناك قابلنا «س. م» الذى نحتفظ باسمه خوفا من تعرضه للمتاعب.



أيتام «الرواد»..الانحراف نتيجة طبيعية للمعاملة السيئة
الفتى «س.م» يعيش بدار «الرواد» القريبة من المسجد الأشهر بمدينة 6 أكتوبر «الحصرى» لكنه يتبع رسميا دار «أم القرى» وتبلغ مساحتها 13000 متر، لكنه يفضل المعيشة وسط إخوته فى «الرواد»، ويرى أنه لم يقترف أى ذنب سوى أنه ولد ليجد نفسه يتيما دون أسرة أو أحد يدافع عن حقوقه، ويعبر عن حالته هذه باندفاع وغضب شديدين قائلا: «نعم نقوم ببيع المخدرات ولكن لجأنا لهذا مما رأيناه من ظلم وعدم اهتمام بنا».

وأضاف «كانوا يدوسون علينا قبل ذلك ويعاملونا أسوأ معاملة فى مكان العمل وفى الدار، فلا يوجد طعام لنا أو رعاية صحية وعندما يتعرض واحد من إخوتى للمرض، يقوم رزق «أخونا الكبير» بعلاجه على نفقته الخاصة.

«رزق» الشخصية الغامضة واحد من أشهر الأسماء فى دار أم القرى، فإذا ذكرت اسم أم القرى يصحبها رزق دوما، ورزق هو الأخ الأكبر للأيتام فى الدار والمسؤول عنهم بشكل أو بآخر ويتردد أنه المسؤول عما يبيعونه من مخدرات فى الدار، حتى إن واحدا من الأيتام عندما تعرض للإصابة، ولم يجد من يساعده فتحمل «رزق» مصروفات علاجه.

«س.م» يقول إن الأزمة فى دار أم القرى للأيتام تكمن فى عدم توافر طعام أو شراب، وأن الأطفال هناك يعيشون بلا ملجأ لهم أو مساعدة من قبل أى طرف من الأطراف، وقال إنه يريد أن تعطيه الجمعية حقوقهم فى توفير شقق لهم بعد خروجهم من الدار أو فتح الورش المغلقة داخل الدار التى لا يستخدمها أحد.

أحمد عزيز هو واحد من أبناء دار الرواد ولا تختلف مشاكله كثيرا عن الفتيان أمثاله فى باقى الدور ويقول: «تتبع الجمعية دار الطفولة السعيدة، وكنا نعيش فى مقر الجمعية بمصر القديمة ثم تم نقلنا، وتدهور وضعنا بعد ذلك مع تعاقب المديرين، الذين أساءوا معاملتنا».



وأضاف «حرروا ضدى محاضر فتركت الدار وعدت لها مرة أخرى بعد الثورة، فطلبوا لنا الشرطة وتجمهرنا أمام الدار للمطالبة بحقوقنا فطلبوا لنا قوات خاصة من الأمن والجيش، وبعد تأكيدات أننا لم نقم باقتحام الدار أو الإضرار بهم، فتركوا لنا الدار وحرروا محضرا قالوا فيه إننا نحاول الاستيلاء عليها».

وأكد قائلا: «رفعنا قضية ضدهم مطالبين باسترداد حقوقنا فالدار مقدرة للبيع بـ 15 مليون جنيه، ولكل فرد منا الحق فى الحصول على شقة ورغم ذلك يقومون ببيعها وتأجيرها والاستفادة بأموالها لصالحهم».

وأكد عزيز أنهم أثبتوا أن الجمعية تتلاعب بأموالهم قائلا:
«عندما ذهبنا للبنك وجدنا الشقق المفترض أن نحصل عليها بعد بلوغ السن القانونية مسجلة باسم الجمعية، رغم أنها كانت مكتوبة بأسمائنا» ويضيف: «إن رصيده فى دفتر التوفير المفتوح له منذ الصغر لم يتجاوز 6 آلاف جنيه وهو مبلغ قليل لا يتساوى مع كم التبرعات التى كانوا يحصلون عليها».

مصطفى 26 عاما والشهير بمصطفى درش الذى كان مشغولا بمتابعة الكلاب الذى يقوم بتربيتها كمصدر رزق يعينه على الحياة تحدث عن ملكية الدار التى تعود للرائد هاشم يحيى رئيس مجلس إدارة الجمعية، الذى قال عنه إنه كان يحصل على أموال باسم الجمعية، وأظهر لنا أوراقا تثبت حصولهم على شقق وقاموا بتأجيرها إضافة إلى أراضٍ شاسعة داخل القاهرة وخارجها ومسجد لم يقوموا ببنائه، وهى أراضٍ يحصلون عليها بمبالغ مخفضة على اعتبار أنها ستؤل للأيتام وهو أمر لا يحدث.

حتى إنه فى أحد الخطابات الموجهة من الجمعية للشؤون الاجتماعية والتى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منها، يؤكد أن مبلغ 462 جنيها مرتفعا للغاية، كما أنه لا يتوافق مع قدرة الجمعية التى كانت ترغب فى الحصول بها على قطعة أرض مساحتها 1200 متر بالمنطقة الثامنة المجاورة الأولى، وأكدت أن الرقم مبالغ فيه، وبهذا تحاول الجمعية الحصول على أراضٍ بأسعار أقل ولا تعطيها للأبناء فى الدار.

وكشف لنا مصطفى عن مستد آخر يؤكد أنه تمت مخاطبة جهاز المدينة لتخصيص قطعة رقم 59 امتداد المنطقة الصناعية الثالثة بمساحة ألف متر، وسعر المتر 165 جنيها وهى التى لم يرها الأيتام حتى الآن، على حد قولهم، فيما يكشف خطاب آخر موجه من رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر عن تخصيص قطعة أرض بمساحة 5708 بالحى الأول والثانى وفوضت فيه الجمعية المهندس مأمون محمد ثابت لاستلام الأرض.

«دار الأمين»..الإدارة تركت الأيتام للمجهول
من دار الرواد إلى دار الأمين للأيتام المملوكة لجمعية الشابات المسلمات والتى حدث بها جريمة قتل بعد حادث سرقة بالإكراه، قام به واحد من نزلاء الدار وضربه بست طعنات نافذة، وإذا حاولت الذهاب إلى الدار فستدخل بسهولة تامة ولن تجد على الباب سوى مجموعة من الأطفال والشباب، دون حارس أمن أو مشرف أو موظف، والأطفال يستقبلونك برغبة فى الحديث ويحكون لك عن مأساتهم من عدم وجود مشرفين فى الدار أو أى مسؤول بها، فبدت مهملة للغاية ولا يوجد بها إلا مسؤول واحد من الإدارة أكد الأولاد أنهم لم يروه منذ 7 سنوات.
هانى إبراهيم واحد منهم قابلناه على مدخل الدار وعمره 19 عاما، قال: «الإدارة تركت الدار ولا يقوم أحد بالإنفاق علينا وإذا تعرض أحدنا للمرض، لا نجد من يساعدنا»، أما أصغر طفل فى الدار ويدعى هانى أيضا فيقول: «لا أستطيع المذاكرة فكلما طلبت من المشرف أموالا لشراء كتب يقول لى غدا ولا يعطينى شيئا، والطعام الذى نتناوله ملوثا والكلاب والقطط تشاركنا فيه».

نجحنا أيضا فى الحصول على فيديو من داخل المطعم الذى بدا وكأنه غير مخصص لبشر فلا يوجد طعام وحتى الموجود سيئ للغاية.

وعن البنات اللائى كن موجودات بالدار وتردد تعرضهن لاعتداءات جنسية وأصبح بعضهن حوامل، قال أحد الشباب: «تم نقل الفتيات منذ حوالى 6 شهور خوفا عليهن لكننا لم نفعل لهن شيئا، فهن أخواتنا ونحميهن ممن بالخارج».

حلم «على ومصطفى أمين» يتحول لكابوس بسبب الإهمال
من دار الأمين لدار ليلة القدر لم يختلف الأمر كثيرا، فخلف بوابة سوداء بأحد مبانى الحى الثامن بمدينة السادس من أكتوبر أدرك أكثر من 134 من أبناء الدار، الواقع الذى يعيشونه بين ثلاث مبان صماء تحتضنها..أشجار خضراء يائسة من الحياة عمرها من عمر الأبناء تحيطهم، وسط بقعة من مياه الصرف الصحى التى تتسع لتغرق مدخل المطبخ الذى يتناولون فيه أطعمتهم فى غياب رعاية واهتمام مجلس الإدارة، بينما تربوا هم «الأيتام» فى غرف خالية من سبل الحياة الآدمية تزوج أكثر من 20 ابنا من أخواتهم البنات لينجبوا أطفالا ليكملوا مسيرة آبائهم.

على اليمين من الدار يوجد ملعب خماسى لكرة قدم غطته الأتربة وتساقطت عليه أوراق الشجر، فيما قسم أبناء الدار المبنيين الآخرين بينهم أولهما للشباب والآخر للفتيات، لكن أن ترى فتاة فى مبنى الشباب أو العكس ليس مستحيلا، فمنهم أزواج كما يقولون وآباء كما يدعون، فيما يقبع المطبخ فى نهاية الركن الأيمن من الدار.



أكبرهم «س» ذو بنية قوية وقامة طويلة استقبلنا على الباب أطلعناه على هويتنا الصحفية، انزعج فى البداية من الوصف الذى دأب الإعلام على وصفهم به «بلطجية ومحتلون الدار» فأوضحت له الأمر بأن الوصف صادر عن بيان منسوب للشؤون الاجتماعية، لم يبد رأيا لكنه رافقنا وبدأ يتحدث متحفظا: منذ أكثر من 20 عاما وأنا موجود بالدار، إهمال وعقاب وذل دون أن يكون هناك اهتمام أو ثواب أو فعل حسن».

ويضيف: «الدار هى مأوانا الوحيد فعنوانى بالبطاقة الشخصية مدون على عنوان الدار، وقبل 3 سنوات تركت الدار بعد التحاقى بالعمل فى أحد الفنادق معتمدا على أن لى شقة ودفتر توفير به مبلغ لن يقل عن 50 ألف جنيه مودعة باسمى، منذ أن وطأت قدماى الدار، لكن بعد فترة تركت العمل ولم أجد مأوى غير الدار فعدت للمطالبة بحقى فى شقة، ووظيفة، ودفتر التوفير».

بركات أو «أبو إلياس» قال لـ«اليوم السابع» عما يدور حول اتهامات بممارسة الأعمال المنافية للآداب بالدار: «لسنا بلطجية ولا قطاع طرق ولا محتالين على الدار، وما يحدث أننا هنا نتزوج من أخواتنا بطريقة رسمية، وعلى الرغم من ذلك فهناك عدد من الخارجين الذين يسيئون لسمعة الدار، وكل ذلك بسبب نظرة الاحتقار التى تطاردنا من المجتمع الذى يصنفنا على أننا لقطاء وبلطجية، فالمجتمع لا يرحمنا كما أن الإدارة أفقدتنا الطفولة والإحساس بها، وأضاعت مفاهيم العدل فاتبعوا معنا سياسة «فرق تسد» حتى يتمكنوا من السيطرة علينا».

ويضيف: أقطن وزوجتى وأبنائى فى غرفتى بمبنى الأولاد، ولم أر مسؤولا فى الإدارة هنا منذ ما يقرب من أربعة أشهر، وسمعنا ما يقال عن تجارة مخدرات وسرقة وشذوذ جنسى، لكن ما لا يعلمه أحد أننا إخوة ندافع عن بعض ونحمى بعض فنحن نعتبر أنفسنا أكبر أسرة على مستوى مصر.

الدار التى أسسها الأخوان مصطفى وعلى أمين فى الثمانينيات على مساحة فدان ونصف الفدان بهدف رعاية الأيتام، والمشهرة برقم 180 لسنة 2000 بمدينة 6 أكتوبر هى الوحيدة بين دور رعاية وإيواء الأيتام بأكتوبر التى تتواجد بها كل الأعمار، فإذا كان كبيرهم «س» قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره فإن «هاميس» التى لم تكمل عامها الثانى بعد تعتبر أبرز الوجوه المنضمة للدار.

فى مبنى البنات..تشرح «هناء على» الأخت الكبرى، مشاكل الدار فى بيان قاموا بكتابته وطبعه بعد كثرة الشكاوى وما يتردد عن أنهم بلطجية، وأكدت أن الدار بها عناصر جيدة وأخرى سيئة كما أنهم بهذه الطريقة يقومون بتشويه سمعة جميع الأبناء، واعترفت بالإهمال الشديد فى الطعام والرعاية الصحية فى الدار نافية ما يتردد عن وجود علاقات بين الأولاد والبنات أو تعرضهم لتحرشات بالداخل، وأكدت أنهم يريدون مجلس إدارة جديدا يهتم بهم بدلا من مشرفى الصباح الذين لا يعرفون عنهم شيئا بالليل، ويتعرضون أحيانا للتعب أو يحتاجون شيئا فلا يجدون من يساعدهم.

يشرح البيان الذى أصدره الأطفال فى الدار التدهور الذى أصابه بعد رحيل الأخوين مصطفى وعلى أمين وكان يضم 70 فتاة و50 صبيا بين 10 و25 عاما، وقاموا بتشكيل مجلس إدارة جديد تحت إشراف السجون وبإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وبرئاسة صفية أمين ثم مجلس إدارة آخر برئاسة وفاء مستكاوى واحدة من قيادات الشؤون الاجتماعية، وبه موظفون من الوزارة وتمت إقالتهم وتحويلهم للنيابة العامة بعد شكوى من أبناء الدار برصد المخالفات الموجودة.

وفى ديسمبر 2012 تم تشكيل مجلس أمناء جديد برئاسة عالية الشرقاوى وعضوية عدد من الشخصيات العامة المهتمة بالعمل الاجتماعى، ففقدوا الثقة فى مجالس الإدارة بعدما تكررت مأساة من يبلغون سن 18عاما ويبدأون البحث عن كفيل.

ويكشف البيان أنه تم تزويج 20 شابا وفتاة وتحرير عقود شقق لهم بحق انتفاع وليس ملكية، وحرروا مبلغ 50 ألفا للابن ومثلها للابنة، ولعدم توفير أموال لفتح مشروعات، غادر الأبناء الشقق وعادوا للدار مرة أخرى، وطالبوا بتحويل الشقق من حق انتفاع إلى ملكية فرفض المسؤولون مع قبولهم كل الشروط الأخرى، إلا أن جميع المجالس رفضت، وطالبوا بإنشاء إدارة مستقلة خاصة بالرعاية اللاحقة، وتوفير وظائف بما يتناسب مع قدرات الأبناء حتى تضمن انخراطهم فى العمل، واستبعاد العناصر غير الصالحة من الهيكل الوظيفى وخاصة التابعين لوزارة الشؤون الاجتماعية، وإنشاء إدارة مستقلة بالمؤسسة وإنشاء مجلس أعلى للأيتام يضم ممثلين عن وزارت التضامن والصحة والداخلية والشباب والعدل والأوقاف، وممثلين عن الأيتام لوضع خطة فعالة للخروج لبر الأمان.



«أم القرى» كرة القدم قبل المخدرات
تحت لافتة كبيرة «دار أم القرى لرعاية وإيواء الأيتام» جلس فردان أمن منزوعان الصلاحية فى التعامل مع المترددين على الدار، واكتفى أحدهما بالنظر إلينا من خلف نظارته الشمسية دون أن يتحرك له ساكنا، فباعتبار أنك أحد أبناء الدار أو داخل إليها برفقة أحدهم فهذا يكفى لأن تتجول داخلها.

أربعة مبانى متهالكة وكأن عمرها تجاوز مئات السنين، فهناك فى المبنى الأول عنبر خاص بالمسنين وكبار السن، أغلقوا عليهم أبواب العنبر، أما الطابق الثانى فهو مخصص لمعيشة أبناء الدار لكنه بلا أسرة ولا حتى أغطية ولا كهرباء، غرف خاوية مكتظة بقوائم الأسرة وبقاياها، افترش أحدهم الأرض فيما نام الآخر شبه عاريا فى البلكونة، فى مقابل الغرف تتواجد دورات المياه التى تنبعث منها روائح تزكم الأنوف، أما الطابق الثالث ففيه عدة غرف معيشة بالإضافة إلى غرفة للمشرف.

فى مقابل المبنى الأول تتواجد الورش التى اكتفت الإدارة بإغلاقها ورفضت تعليم الأبناء أى حرفة يتكسبون منها أو تؤهلهم إلى سوق العمل.. وبين المبنى الأول المخصص لمعيشة الأبناء ومبنى الورش يقع المطبخ الخاوى من الأكل والمكتظ بالقاذورات، وأوانى غير آدمية، عمال المطبخ يستخدمون أغطية الأوانى كأطباق كبيرة تسع لعشرة أبناء، تتوسط المبانى الثلاثة قطعة أرض فضاء يستخدمها الأبناء فى لعب الكرة يوميا.

كغيرها من الدور تتفاوت أعمار قاطنيها لكن تتشابه معهم فى إهمال الإدارات ولا مبالاة وزارة التضامن الاجتماعى وتجاهل الداخلية، فالسمعة السيئة تحاصر دار أم القرى خاصة فى تجارة المخدرات، حتى تحول اسمها من دار لرعاية الأيتام لدار تعليم الإجرام.

«تامر» أحد أبناء الدار والبالغ من العمر 25 عاما يحكى عن واقع مرير يعيشه فى الدار منذ أن قدم إليها طفلا فيقول: «لا تسأل عن تجارة المخدرات لكن اسأل عن الدافع لذلك، فلا إدارة تقوم بواجبها نحو الأبناء، ولا تقوم بدورها فقط إلا فى «الشحاتة علينا» من أجل جمع التبرعات والاستفادة بها، وفى نظير ذلك لا تقدم خدمة صحية ولا وجبة غذائية مفيدة ولا تتعامل مع أبنائها بآدمية».

بينما قال ياسر محمد، مشرف بالدار منذ سبعة أشهر: أتواجد بالدار وأعرف كل كبيرة وصغيرة عنها، والمشكلات تحاصر الدار، وخاطبنا إدارة الجمعية فى الهرم أكثر من مرة لتوفير أى إمكانيات لتوفير الرعاية للأولاد، فيأتى الرد فوريا جاهزا: «مفيش إمكانيات».

ويكمل: «الطعام سيىء ولا تتوافر به القيمة الغذائية للأبناء ولا يرقى للمستوى الآدمى، فالدجاج لا يأتى إلا مرة واحدة فى الأسبوع أما اللحوم فكل 10 أيام وجبة، وهو أحد أسباب هروب الأبناء للعمل فى الخارج لتوفير ظروف معيشة أفضل، والأبناء يعاملون كأرقام وأجساد دون وضع برامج علمية لرعايتهم أو تأهيلهم، فالإدارة تعامل الابن من ناحية الأكل والشرب والنوم فقط.

ويوضح ياسر طبيعة عمله فى الدار كمشرف فيقول: أنا معين من قبل الإدارة ودورى ينحصر فى إيقاظهم من النوم وتوفير المصروف ووجبة المدرسة، ولم يخبرنى أحد ببرنامج للرعاية ولا برنامج للتأهيل ولا أى شىء، ويضيف: «قلة المصروف أيضا من المشكلات التى تواجه الأبناء فيوميا أحصل على 97 جنيها كمصروفات لـ10 أبناء من الدار يدرسون فى مدارس الأورمان بالجيزة موضحا أن نصيب كل واحد فقط 9 جنيهات، ويضيف: رصدنا أكثر من مخالفة جسيمة فى الدار -دون أن يوضح نوعها- وكتبتها فى تقرير ورفعته للإدارة لكنها لم تستجب، وكأنها تتعامل بمنطلق ودن من طين والأخرى من عجين.

توجهنا بعد ذلك للشؤون الاجتماعية للتعرف على دورها فى الرقابة على هذه الدور، وذهبنا إلى مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية بالعجوزة، التى حولتنا بدورها إلى إدارة الشؤون الاجتماعية بمجمع التحرير المسؤولة عن الإشراف على دور الأيتام، فأحالتنا المدير المسؤولة إلى موظفة أخرى اكتفت بالاعتراف بأن الدور الثلاثة المذكورة بها مشكلات، لكن لا تستطيع الحديث عنها، وقالت إنها على استعداد لإخبارنا بإنجازات الإدارة.

نجحنا فى الحصول على ملكية الدور الثلاثة، وعرفنا أن ميزانية دار ليلة القدر للأيتام تقدر بـ40 مليون جنيه، وهى موجودة فى الدار، وهذا هو السبب الرئيسى فى الخلاف بين الإدارة والأولاد الذين يتعاملون مع هذه المبالغ، باعتبارها ملكا لهم، ولهم حق فيها وهو أمر ترفضه الدار وتعتبر الأموال ملكية لكل الأبناء الجدد.

وعلمنا أن الدار محسوبة على الجمعيات غير المسندة للشؤون الاجتماعية، وهى التى تعتمد فى عملها على التبرعات، ولكنها تقع تحت إشراف الوزارة، فى نفس الوقت يوجد فى مجلس الإدارة أعضاء من الشؤون الاجتماعية للاستفادة منهم فى الخبرة فى العمل بالدار.



الدور الثلاثة مملوكة لشخصيات عامة من بينهم، دار أم القرى التى تتبع جمعية على ابن أبى طالب مقرها الهرم، ذهبنا للعنوان المذكور، وهناك وجدنا مبنى مكونا من ثلاثة أدوار يسمى جمعية جوامع الخير الإسلامية لرعاية الأيتام، وتضم مشروعا لكفالة الطفل اليتيم، ويوجد لديها دوران للأيتام أحدهما فى الهرم وخاص بالفتيات، والآخر فى السادس من أكتوبر وخاص بالبنين، ويضم 104 أولاد، ومن المفترض أن يخرجوا من الدار وعمرهم 21 عاما، ولكن هذا لم يحدث لرغبتهم فى الحصول على ما يصفونه بحقهم من الجمعية ممثلا فى مبالغ مالية يحصلون عليها من تبرعات على مدى أعوام وجودهم بها.

أحمد سعيد المشرف بالجمعية هو الشخص الوحيد الذى قابلناه هناك وتحدث معنا عن الجمعية ودروها وأهميتها، والمشاكل التى تقابلهم وتقتصر فى ذلك على عدم توافر أموال خاصة بتوفير بدائل للأولاد بعد خروجهم من الدار، فالمبالغ المالية قليلة ولا تكفى لشراء شقق أو حتى تعينهم بعد خروجهم من الدار، وعن المشاكل الخاصة بوجود مخدرات أو تحول الدار لوكر، نفى سعيد ذلك وقال: إن الأمر يقتصر على سلوكيات فردية من البعض وقال: «ليست أم القرى وحدها أكتوبر كلها والعة».

المهندس عصام قنديل رئيس لجنة السكان بمجلس أمناء مدينة 6 أكتوبر والعضو فى حزب الحرية والعدالة، يقر بوجود تجاوزات فى دور رعاية الأيتام الموجودة فى أكتوبر ويضيف: توجد فى المدينة حوالى 27 دار رعاية وإيواء الأيتام، وتتكفل بالأبناء منذ لحظة ميلادهم حتى سن 21 عاما، على أن تقوم مجالس إدارات الدور من خلال وزارة التضامن الاجتماعى بتوفير وحدات سكنية ووظيفة لهم.

ويضيف: كل الدور بها مشكلات لكن الأزمات فى بعضها زادت عن الحد، موضحا أن هناك 4 أدوار هم دار الرواد الواقعة فى الحى السادس، ودار ليلة القدر الموجودة بالحى الثامن، ودار أم القرى الواقعة بالقرب من شرطة نجدة أكتوبر، بالإضافة إلى دار الأمين التابعة لجمعية الشابات المسلمات فى الحى الخامس، تحولت إلى بؤر خارجة عن السيطرة وبها تجاوزات تختلف من دار إلى أخرى، وأضاف: الدور الأربعة بها مشكلة موحدة، حيث تتجاوز أعمار أبناء هذه الدور عن السن القانونية المحددة بـ21 سنة، وخاصة فى دار الرواد، لكن الوضع فى دار أم القرى مختلف، ففيها تجارة مخدرات علنية بين الأبناء، ومن يقوم بممارسة تلك التجارة داخل الدار نعرفه وجلسنا معه أكثر من مرة وأقنعناه بالعدول عما يقترفه فى حق نفسه وفى حق أخوته من الأبناء، ووعدنا بمغادرة الدار والتوقف عن نشاطه، مضيفا: كذلك الداران الآخران ليلة القدر والأمين يعرف عنهما ممارسة أبنائهما للبلطجة واستخدام السلاح، بالإضافة إلى تواجد شباب وفتيات بالدارين وهو ما يعمق من الأزمة بسبب غياب الإدارات عن الدور وكذلك غياب دور المشرفين.

نقل الفتيات من دار الأمين إلى دار رفقاء النبى للأيتام
وفى دار «رفقاء النبى للأيتام» التى تم نقل عدد من الفتيات اليتيمات من «دارا الأمين» إليها، تقول مديرة العلاقات العامة بالدار وفاء رمضان: إن الفتيات كانت لديهن مشكلات نفسية صعبة عندما تم تحويلهن إلينا، وكان من الصعب التعامل معهن بسبب أسلوبهن وعدم توعيتهن باحترام الأكبر سنا، وذلك نتيجة لتعرضهن للضرب المبرح من الصغر، وعندما أصبحن فتيات قام أولاد الدار الذين تحولوا إلى بلطجية بسبب عدم وجود مشرفين، بالتعدى الجنسى على الفتيات فكرهن حياتهن.

وأضافت وفاء: إن الـ14 فتاة التى تتراوح أعمارهن ما بين 15 إلى 20 عاما، أصبحن أكثر حبا للحياة، والتزمن بدراستهن ونسين كل الماضى المؤلم الذى عاشوه، وهن حاليا يتدربن بالمشغل المخصص لهن فى الدار ويتعلمن الخياطة بجانب الدراسة، وسوف يتم عمل معرض لهن فى وقت قريب.

وأضافت وفاء أن المشكلة التى تؤثر فى سلوك الأيتام من الصغر هى الأم البديلة، وتقريبا كل دور الأيتام يلجأون إلى الأم البديلة من الأرياف نظرا للتكاليف، وبدلا من أن تصبح الأم البديلة رحمة ونعمة للأيتام تحولت إلى نقمة لأنها غير مؤهلة لتربية الأطفال، ويتعاملن مع الأطفال كأنهم أدوات بلا روح.

وروت إحدى الفتيات لوفاء أنها كانت تتعرض للضرب عندما كان لديهم أم بديلة فى الدار لأسباب لا تفهمها وهى طفلة، فمثلا كانت تقول لها بعض الإرشادات بلهجتها «الريفية»، وكانت الطفلة لا تفهم ما تقول فتقوم الأم البديلة بضربها لأنها لم تنفذ تعليماتها.
«الجيران» يعرفون عن الدور أكثر مما تعرفه «الشؤون الاجتماعية»
الحصول على معلومات حول تلك الدور من إدارة الشؤون الاجتماعية، غاية فى الصعوبة خاصة أنها تتعامل مع هذا الملف بحساسية شديدة بحجة أن ملفات الدور المذكورة لدى الوزيرة تتابعها بنفسها، بينما فى جمعية الشابات المسيحيات بمنطقة الحسين التى تتبعها «دار الأمين» فلن تجد سوى اثنين من الموظفين يرفضان التصريح بأى معلومات دون الحصول على إذن من صاحبة الدار التى ترفض بدورها التحدث لأحد.

الجيران المحيطون بالدور كان لهم نفس الرأى فقالوا إن أم القرى بمدينة 6 أكتوبر أصبحت وكرا لتجارة المخدرات والسلاح، فالأولاد فى الدار لا يعرفون ما هو الحلال والحرام يعيشون بمفردهم دون مشرفين ولا مسؤول عن الدار فيلجأون لأى طريقة حتى يستطيعون العيش، ويقول محمد عبد الله الذى يسكن بالقرب من أم القرى: «أنا بشوفهم بعينى بيبيعوا المخدارت، والناس كلها عارفة الحكاية، والدار تعتبر أكبر مكان مشهورا لبيع كل أنواع المخدرات، وعادة بتيجى ناس كتير تشترى فى الفترة من 5 إلى آخر الليل، وشباب فى عربيات «ولاد ناس» وعربيات جيب، وسواقين تكاتك، وكل الطبقات».

ويحكى جمال على: «أنا بعدى كل يوم من عند الدار لإنى شغال بالقرب منها ودائما بشوف الأيتام، وسنهم تقريبا من 15 إلى 20 عاما، وهمه بيبعوا المخدرات، وفى مرة من المرات نده علىَّ واحد من الأولاد «تعالى قرب كيفك إيه يا باشا» واندهشت من الموقف لأنه كان بداخل الدار».

لمشاهدة الفيديو اضغط هنا





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

مووووووورى

يخربيت الفساد

عدد الردود 0

بواسطة:

أحود جمال الدين

تحقيق ممتاز

جهد كبير وتحقيق هايل بالتوفيق دائمآ

عدد الردود 0

بواسطة:

سامر

تسلم ايدكم تحقيق ممتاز

عدد الردود 0

بواسطة:

k0rsan

الحقيقه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة