د. حامد طاهر

الشلليــة

الأحد، 02 يونيو 2013 01:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أخطر الأمراض الاجتماعية المتفشية فى الشعب المصرى حاليا وخاصة
فى النخب الإدارية والسياسية والإعلامية: الشللـية. ومعناها ببساطة التفاف مجموعة من الأفراد الذين تلتقى مصالحهم الخاصة أو توجهاتهم الحياتية حول
أحد المتنفذين الذى يمكنه أن يحقق لهم هذه المصالح ويجمعهم فى دائرة مغلقة
تنفى أو تستبعد أو تطرد كل المخالفين له ولهم. وهكذا تقوم الشللية أخيرا على
شخص واحد يكون بمثابة النواة فى تركيب الذرة أو ملكة النمل فى الخلية وهو
الذى يعطى للأفراد المحيطين به تماسكهم وينفخ فيهم روح التعصب.
ومما يلاحظ على أفراد الشلة أن كل فرد فيها ليس قويا فى ذاته بل إنه ضعيف جدا وبسبب هذا الضعف يسعى إلى الاستقواء بغيره الذى هو ضعيف أيضا. فما الذى يحقق لهما ما يبدوان عليه من القوة؟ إنه العقل المدبر الذى يجيد اختيارهم ثم تدريبهم وقيادتهم، وهو عقل ذكى وماهر يستطيع أن يجمع الضعفاء من حوله وأن يغرس فى نفوسهم أنهم بهذا التجمع يصبحون أقوياء وبالتالى يمكنهم أن يحصلوا على ما يريدون بل وأيضا على ما يشتهون !
ومن أهم المبادئ التى يعتقد أفراد الشلة فيها: الثقة التامة فى أنفسهم كمجموع وعدم الثقة أصلا فى أحد ممن يغايرهم ولذلك تراهم لا ينخرطون فرادى فى نقاش أو حوار مع من يختلف معهم وإذا أرادوا النيل من مخالفيهم لجأوا إلى وسيلة تشويه سمعته باختلاق الأكاذيب وترويج الشائعات وهم يرون فى هذا الأسلوب اللا أخلاقى أسهل طريق للانتصار على خصومهم والإبقاء على استمرار شلتهم متماسكة .
ولا يوجد داخل الشلة من يمارس التفكير بصورة مستقلة وإلا لأدرك على الفور أنه منساق فى شبه قطيع من الحيوانات غير العاقلة. فهو يسكن تماما عندما يهدأ زملاؤه ويندفع فى وسطهم أو خلفهم حين يندفعون ويثورون. وكلما أظهر قدرا من الشجاعة والتهور أثناء الهجوم حصل على بعض الثناء الذى تترتب عليه بالضرورة بعض المكاسب الشخصية .
إن الشللية ترجع بالمجتمع المدنى والمتحضر إلى عصور الجاهلية وحياة الطبيعة الأولى التى كانت تخلو من سلطة القانون العام والأعراف والمبادئ الأخلاقية وحقوق الإنسان. وعلينا ألا ننسى ما سطره لنا نجيب محفوظ عن فتوات الأحياء الشعبية بالقاهرة وشللهم المستبدة بالحارات، وكذلك ما فعلته المافيا الإيطالية فى بلادها وحتى بعد أن انتقلت بأساليبها الإجرامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
وقد تسألنى الآن: كيف نقاوم هذه الشللية؟ وأسارع فأقول: بمعرفة مركز النواة فى كل شلة والقضاء عليه دون تردد، حتى لا يستفحل خطره ويوقف بالتالى حركة التقدم فى المجتمع .





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة