أثار تمسك رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، بقراره بهدم حديقة "غازى" فى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول، جدلا كبيرا فى الأوساط التركية، لاسيما عقب إعلانه اليوم عن اعتزامه بناء مسجد ومتحف ودار أوبرا فى الميدان، كما أعلن أيضا عن اعتزامه هدم مركز أتاتورك الثقافى الذى يقع فى ميدان تقسيم.
وكان أردوغان قد عمل مؤخرا على احتواء الأزمة التى واجهته بعدما أمر قوات الأمن بالانسحاب من ساحة تقسيم وحديقة جيزى، التى كان إعلان العزم على هدمها الشرارة التى أشعلت الصدامات، كما اعتذر نائب رئيس الوزراء، "بولنت أرينج"، عما جرى فى إسطنبول، وقال، بدلا من أن يطلق الغاز على أناس يقولون لا فنحن نريد مركزا تجاريا هنا، وكان على السلطات أن تقنعهم وتقول لهم إنها تشاركهم قلقهم.
وكان من أكبر المعارضين لقرارات أردوغان هو رئيس حزب الشعب الجمهورى، "كمال كيلتشدار أوغلو"، الذى طالب أردوغان بالتراجع عن قراراته والاعتذار للشعب التركى عن استخدام قوات الشرطة للعنف "المفرط" فى التعامل مع المتظاهرين فى ميدان تقسيم، كما طالب كيلتشدار أوغلو أعضاء حزبه بالانضمام إلى المتظاهرين فى الميدان.
ومن جانبه وجه رئيس الوزراء التركى الاتهامات إلى رئيس حزب الشعب الجمهورى، الذى "يتسم بالطابع العلمانى"، بمحاولة استغلال المظاهرات من أجل تحقيق مصالح سياسية، عبر دعم الاحتجاجات والتظاهرات التى انطلقت فى اسطنبول، والدعوة إليها وحث المواطنين للخروج فيها.
ومن ناحية أخرى، دعا الرئيس التركى، عبدالله جول، شعبه إلى تغليب "المنطق"، وقال، "إن الاحتجاجات العنيفة ضد هدم حديقة "غازى" فى ميدان تقسيم بوسط اسطنبول وصلت إلى "حد مقلق".
كما وصف وزير الخارجية التركى، أحمد داود أوغلو، التظاهرات المناهضة للحكومة بأنها ستضر بـ"سمعة" بلاده فى العالم، مضيفا أن استمرار هذه التظاهرات لن تؤدى إلى أى مكاسب، بل على العكس ستضر بسمعة تركيا التى تحظى بالإعجاب فى المنطقة والعالم.
وفى السياق ذاته، أكدت وزارة الداخلية التركية أنها بصدد إجراء تحقيق موسع حول استخدام بعض قوات الشرطة للقوة المفرطة فى التعامل مع جموع المتظاهرين المتجمعين فى محيط ميدان "تقسيم" بمدينة إسطنبول.
وقالت الداخلية التركية، فى بيان لها، إن من سولت له نفسه من قوات الأمن، وتعدى صلاحياته التى يقرها الدستور والقانون، واستخدم القوة المفرطة فى التعامل مع المحتجين، سيخضع لعقاب صارم جزاء ما فعل، إذا ما ثبت تورطه فى هذه الجريمة.
وأشارت الصحف التركية المعارضة للحكومة التركية الحالية وعلى رأسها جمهوريت، وميلليت، وراديكال، إلى أن أنقرة تخشى من (ربيع تركى) من خلال تجمع المتظاهرين بميدان تقسيم ومطالبة بعضهم بإسقاط حكومة أردوغان.
أما عن ردود الفعل الخارجية حول العنف الدائر فى تركيا، فقد أدانت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وغيرها من منظمات حقوق الإنسان استخدام الشرطة التركية للعنف، المتمثل فى الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، مطالبة الحكومة التركية بوقف العنف ضد الشعب.
أما عن سوريا فيعد وزير الإعلام السورى، عمران الزعبى، السياسى الأول والوحيد الذى سرعان ما طالب رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، بالتنحى فى حال كان عاجزا عن اتباع وسائل غير عنيفة إزاء التظاهرات التى اندلعت فى تركيا، مؤكدا أن مطالب الشعب التركى لا تستحق كل هذا العنف.