كنت قد عاهدت نفسى ألا أخوض غمار الحديث عن أحوال البلاد لعلمى كما علمت قلوب غيرى من أهل الإيمان الذين لا أدعينى منهم ولكن لعلى أن أنال بحبهم شفاعة، أن الدنيا وما فيها لا تساوى لحظة أو أقل لتكون شغلنا الشاغل ناهيك عن أن عزيزها ذليل وقويها بحق ضعيف، ومن يمكر فيها إنما يمكر بنفسه، ومن يظلم إنما يزيد إلى ظلام قلبه ظلاما إلى ظلمات، ولكن الذى يذيقنى مرارة الذل والمهانة بل ويصلى قلبى نار العار، أن يكون أهل الإسلام ، إلا من نذر نفسه لله حقا فأسلم له قياده فنال عذرا عند ملك الملوك وجبار السموات والأرض فهو هو أى الرجل بحق، يكونوا الغثاء الذى أخبر به الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : " حب الدنيا ، وكراهية الموت " . ما كان خبرا فى الماضى صار واقعا، رأته العيون ووعته القلوب والعقول بلا ريب، لذا إخوانى فالناس ثلاثة :أما الأول فساخط لدينه والثانى ساكن لما سكن الناس إليه والثالث قلبه مع الدين ولسانه وجوارحه عليه ... أما النجاة ففى أن يقدم كل منا عذره إلى ربه وليحصى حججه فنعم ما قال سيدنا عمر " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم" واعلم أن الله مطلع ومن سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه، ألا يا أمة الإسلام تفقهوا قول الحبيب محمد ففيه الكفاية "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى... فقد أبى" ولا أرانا إلا قد أبينا واسألوا غثاء السيل.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة