ما أجمل النصرة لبعضنا البعض فنصرة فلسطين واجبة ونصرة المسلمين المستضعفين فى بورما واجبة ونصرة الشعب السورى واجبة لا جدال ولكن نصرة مصر أحق وأوجب وإن كان لا تعارض بينهم جميعا.
لم أكن أعلم أن لدينا كل هذا التمثيل والهزل بين ادعاء النصرة لسوريا وبين مدح خطباء النصرة للحاكم المسلم الذى يريد تطبيق شرع الله ويبكى لسماع آية من كتاب الله، فكم من المسلمين والمؤمنين يبكون بين يدى الله تضرعا وخشية دون الحاجة لكلمات الآخرين ومديحهم ونفاقهم،
ما أعلمه جيدا إما أن يكون المؤتمر والحشد لسوريا فنحسن اختيار الزمان والمكان والحضور وإما أن يكون المؤتمر والحشد لبيان أن هناك مؤيدين للحاكم ومحبين له ولا ريب فى ذلك لكن يجب أن نعلن أن المؤتمر لهذا الغرض ولا لوم ولا تثريب ولكن العيب كل العيب فى الخلط بين الأشياء وبين المتاجرة بالدين وادعاء الربط بين نظام الحكم والشرعية وتطبيق الشريعة ولم نر بعد عام كامل أى خطوة واحدة نحو الشريعة الغراء.
ولا قيمة ولا جدوى لمؤتمرات الأبواق والميكروفونات فكم من ملايين المظاهرات خرجت خلال خمسين عاما تنادى بتحرير القدس وكم علم للعدو الإسرائيلى حرقناه واحترقنا بناره وكم شعار رفع يهتف عالقدس رايحين شهداء بالملايين ولم يذهب واحد منهم لتحرير سيناء لا القدس، ولا أدرى كيف سيتم التحرير ونظام الحكم الآن فى مصر هم الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار والسلام بين حماس وإسرائيل الذى يمنع إطلاق صاروخ واحد عليها من غزة أو مصر وكذلك أيضا من منع الراغبين فى التوجه إلى سوريا من الذهاب وها هى الحدود مفتوحة من تركيا إلى الأردن، وبدلا من دغدغة المشاعر بمطالبة حزب الله بالخروج فورا كان الأجدى مطالبة إيران وروسيا ولم نجرؤ عن ذكرهما بحرف واحد يوحد بارئه.
لم أنادى ولم أطلب التخلى يوما عن دور واجب لنصرة سوريا الشقيقة ونصرة المستضعفين فى كل مكان لكن الغرض مرض أن كان الهدف سوريا حقا فلما لم يقام قبل ذلك مؤتمر نصرة وها هو عام ينقضى على النظام الحاكم لم نر فيه كلمة عن مؤتمر يعد لنصرة سوريا وقد أقيم لهم مؤتمرات فى كل دول الخليج وسحبوا جميعا سفراءهم هناك ويرسلون دعما لا حدود له لشعبها منذ شهور عدة دون استعراض للعضلات فمتى تقرر عقد هذا المؤتمر وما الذى استجد على ساحة سوريا والدماء هناك تسيل منذ اكثر من عامين.
انظروا بروية يرحمكم الله نعم نصرة سوريا واجبة لكن نصرة مصر بكل ابنائها أوجب فأين نصرة ثأر جنودنا فى رفح وأين ثأر الدماء التى تسيل أسبوعيا فى سيناء.
ما أراه هو الهراء بعينه لأن الإحساس بالمسؤولية وعامل الوقت هام جدا فى تفادى الخطر ويعنينى الآن نصرة مصر حقا وتجنب ما سنراه بعد أيام فلا نكن كالنعامة تضع رأسها فى الرمال حتى يحدق بها الخطر من كل صوب وحدب.
إن الحرص على درء الفتن وتجنب الخطر أشد وأوجب فالراعى سيحاسب عن رعيته وشعبه أولا لا أن يتاجر بدماء الأشقاء فى سوريا الحبيبة ليظهر اليوم أسدا بين أنصاره وغدا حين تشتعل النار حول قصره يصمت ويختفى يومين ثم يخرج بعدها يدعو للحوار والمصالحة الوطنية بعد فوات الأوان وزهق الأرواح، ومن الواجب والحكمة أن يكون للراعى قرون استشعار يتفادى بها أى أزمات تحدق بالوطن وتكاد أن تفتك به لكن أن نخرج للناس بدعوى نصرة شعب شقيق ونهدف من ورائه إظهار نصرة الرئيس والجماعة ونظام الحكم.
إن السياسى حين يفتقد الخبرة والحنكة والوعى السياسى يُضَيِع نفسه ومن يسير خلفه أما الحاكم الذى يفتقد للوعى السياسى والخبرة والحكمة فيُضَيِع أمه بأكملها ما بالك لو فقد أيضا البصيرة وخدع نفسه ومن حوله بشعارات جوفاء أكل عليها الدهر وشرب فلا هى حررت أوطان ولا أعادت ثأر شهيد وحين يبتلى الله شخصا بالغرور فلا يرى أمامه وحين يبتليه بمحاولة تغييب الوعى والعقل فلا ينظر للمستقبل ولكن يستمر فى تقليب صفحات الماضى والحديث عن الفلول وحين يزد عليه الابتلاء بالاستعلاء عن النصح والاستقواء بالعصبة وإذا انخدع بمن حوله ولم يرى تحت قدميه وأخذ يهدد ويتوعد ليقسم شعبه نصفين ويثير هذا على هذا ويستعدى أنصاره على معارضيه ويشعل النار بدلا من اطفائها فهو الجهل بعينه لأن النار ستأكل الجميع ولن تفرق بين من أشعلها ومن انكوى بها.
حقا لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها، والحكمة ضالة المؤمن ومن أوتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ومن فقدها فقد ما لم يستطع الحفاظ عليه، وهكذا الأيام ما أسرعها وما أسرع النهايات.
اللهم استر مصر بسترك واحفظها بحفظك من شر الفتن وشر الغرور وحب الدنيا والسلطان.
محمد مرسى فى مؤتمر نصرة سوريا
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس عماد السيد
اين اسم الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل متولي
شكرا د هاني ابوالفتوح
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر عرابي
مقال في الصميم
تسلم ايد اللي كتب المقال صحيح فين نصرة مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل متولي
شكرا د هاني ابوالفتوح
شكرا يا دكتور على المقال الرائع ده
عدد الردود 0
بواسطة:
د صفاء الليثي
الكاتب الرائع
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين السيد
مقال في الصميم
مفيش غير اننا نقول لك الله يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح لطف الله
نصرة مصر قبل نصرة سوريا
عدد الردود 0
بواسطة:
صابر علي
نصرة مصر
روح ياشيخ الله ينصر دينك
عدد الردود 0
بواسطة:
د. هاني أبوالفتوح ( كاتب المقال )
شكرا للموقع الحبيب ورجاء التكرم بكتابة اسم الكاتب على المقال