"يعيش أهل بلدى وبينهم مفيش.. تعارف يخلى التحالف يعيش.. تعيش كل طايفة من التانية خايفة وتنزل ستاير بداير وشيش.. يعيش التنابلة فى حى الزمالك وحى الزمالك.. مسالك مسالك.. تحاول تفكر تهوب هنالك تودر حياتك.. بلاش المهالك.. يعيش الغلابة فى طى النجوع نهارهم سحابة وليلهم دموع.. سواعد هزيلة لكن فيها حيلة.. تبدر تخضر.. جفاف الربوع.. يعيش أهل بلدى " كلمات افتكرتها وكان يدندن بها الشيخ إمام ويغنى معه الشباب من طلاب وعمال وفلاحين فى الجامعات والمركز الثقافى الروسى والجلسات الخاصة، المشكلة أن هذه الكلمات التى كنا نصرخ بها فى القرن الماضى تعبر عن الحاله التى نعيشها الآن من انقسام واضطراب واتساع الفجوة بين الأغنياء المتفرعنين والفقراء المقهورين، يعنى ببساطة الحالة هى هية.
الحكاية وما فيها أن هذه الأيام تمرذكرى ميلاد ووفاة الشيخ إمام الذى ولد فى 2 يوليو 1918 وتوفى فى 7 يونيو 1995، كون الشيخ إمام مع الشاعر أحمد فؤاد نجم بعد نكسه 67 ثنائى عبقرى وظاهرة فنية مختلفة أثرت فى حياتنا وشكلت وعينا وزرعت بذور الثورة، اسمه الحقيقى إمام محمد أحمد عيسى وأطلق عليه لقب الشيخ لأنه قضى طفولته فى حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا رئيس الجمعية الشرعية بأبى النمرس.
طوال مسيرته كان يصرخ فى وجه السلطة، من أجل رغيف العيش للفقراء والعدالة ونور الحرية للجميع وهى نفس شعار ثورة 25 يناير.
شوف يا صاحبى لما أقولك طوال السنوات السابقة على الثورة كانت البلد بتغلى ببركان من الغضب، والإحباط والانقسام، المهم إن إمام ونجم لعبا دورًا ثوريا من خلال الأشعار الحماسية والتحريضية التى تعبر عن إيمانهما بالطبقات الكادحة والهجوم على الأنظمة الحاكمة فى مصر والعالم العربى، حلمه وفنه كان للدفاع عن المشروع القومى العربى وضد العنصرية والصهيونية والرأسمالية، استقى فنه من أساتذته سيد درويش والشيخ درويش الحريرى والشيخ زكريا أحمد من الحان شعبية أصيلة تنوعت ما بين نقد وتقريع وهجاء وتحريض.
الشيخ إمام تمرد من خلال اللحن والغناءعلى السائد فى تلك الفترة ولم يتنازل أبدا، الدليل قصة وكيل وزارة الثقافة وكان هو نفسه مدير إذاعة صوت العرب حيث دعى نجم وإمام إلى مكتبه، قدم لهما الشاى والقهوة مع شيكين باسمه وباسم نجم، سأله نجم ما هذا؟ قال: هذه هدية لبدأ التعامل معنا فى أجهزة الإعلام. فقل له الشيخ إمام: هذه رشوة وليست هدية، لأن الهدية لا تكون بهذه القيمة، لأن قيمة كل شيك بعشرة آلاف جنيه وتعتبر ثروة، وكان ذلك فى أواخر ستينات القرن الماضى، رفضا قبول الشيكين، النتيجة أنه تم منعهما من السفر واعتقلا .فقالا: "ممنوع من السفر.. ممنوع من الغنا.. ممنوع من الكلام ممنوع من الاشتياق.. ممنوع من الاستياء.. ممنوع من الابتسام وكل يوم فى حبك.. تزيد الممنوعات وكل يوم باحبك، أكتر من اللى فات "رحم الله الشيخ ويجعل قبرة روضة من رياض الجنة.
•نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة