محمود البدرى يكتب: قابيل وهابيل

الإثنين، 17 يونيو 2013 11:38 م
محمود البدرى يكتب: قابيل وهابيل أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازال السباق المحموم بين حملتى "تمرد وتجرد" على أشده، حيث تسعى كلاهما لاهثاً فى محاولة مستميتة لفرض إرداته السياسية على الشارع المصرى، فتسابقتا وتسارعتا لجمع التوقيعات على استمارات رفض وتأييد لمرسى.
فاجأت الحملتان الشعب المصرى بما أعلن عن جمعهما لأعداد توقيعات فاقت كل حدود يقبلها عقل أو منطق حيث تعدت النسبة ما حصده الفائز بمنصب الرئاسة فى الانتخابات الرئاسية الأولى فى التاريخ السياسى المصرى.
تلقفت قوافل المعارضة بقياداتها وفلولها وأذناب النظام البائد بكل أركانه الفرصة لتعلن عن مساندة فورية وقوية لتلك الحركة موفرة لها غطاء سياسى وإعلامى ومالى لا مثيل ولا حدود له، لعلها تدرك ما لم تستطع إدراكه.
كما سارعت قواقل التأييد بأجنحتها فى الإعلان عن مساندة قوية للحملة الأخرى موفرة لها غطاء سياسى يعضد من سيرتها وسيرها لعلها تقوى جبهة الرئيس الذى يحمل أحلامها فى التمكين.
ولا غرابة من ذلك الإجراء من قبل الحملتين فى تلك الحقبة شديدة التخبط، شدية الضبابية، حيث اختلط فيها الحابل بالنابل فتعذر التفريق بين الخطأ والصواب، بين الثائر والسافر، بين الحالة الثورية والفوضوية، بين الثورة والثورة المضادة، بين الشهيد والبلطجى، بين طالب حق وطالب سلطة أو منفعة، فقد ارتدى الجميع أقنعة طمست معالم وجوههم فلم يعد يُرى منها غير ما يريدون.
ومن ناحية أخرى فقد أشار الكثير من الخبراء بمخالفة الحملتين للقواعد القانونية والدستورية وأنهما والعدم سواء ولا يغير ما يفعلانه شيئاً من أو على أرض الواقع، هذا فضلاً عن تشكيكات قوية فى مدى صدق ومصداقية وجدية تلك الاستمارات، فضلاً عن أحقية من وقع فيها على التصويت.

تم الإعلان عن جمع أكثر من 15 مليون توقيع من تمرد، وعددٍ آخر قل أو كثر لتجرد حسب إعلانهما، كما تسابق الاثنان فى الدعوة إلى النزول إلى الشارع ما بين تظاهر واعتصام على وعد بلقاء فى أرض المعركة فى 30 يونيه، حيث من المؤكد ان ذلك اليوم سوف يشهد كارثة محققة إن سارت الوتيرة على ما هى عليه وهو ما سوف يكون بمثابة نكسة يونيه الثانية.
سارعت الحملتان فى التبرأ من أى عنف هم يعلمون أنه واقع لا محالة، فغريب الأمر أن الطرفين ألقيا بتهمة التعدى على الآخر، وكأن سيناريو قابيل وهابيل يكرر نفسه طوال الفترات التى أعقبت 11 فبراير.
فقد اتهم كلاهما الاخر ووصفه بأنه قابيل المعتدى غير أنه لم يفكر ولو لحظة واحدة فى أن يتحلى بأخلاق هابيل المعتدى عليه، فقد طغت حالة اللامبالاة على كلاهما فتناسيا وتغافلا ما ستجلبه تصرفاتهما على الوطن الذى مازال يئن شاكياً ظلم أبنائه.
ومن المؤكد أن من حق المواطن أن يُجاب له على بعض الأسئلة:
الأول: ما هى مصادر تمويل الحملتين بكل وسائلها وأدواتها؟ حيث كان من الأشرف لهما أن يعلنا عن مصادر تمويلهما إمعاناً فى مصداقية يمكن أن يحصلوا عليها من الشعب المصرى، غير الجهود الذاتية التى لا يصدقها عقل أو عاقل.
الثانى: اذا كان بقدرة كل من الحملتين جمع تلك التوقيعات الهائلة، فلماذا لم يتم إنشاء حزب سياسى يسابق الزمن فى حصد أغلبية محققة يكتسح بها كل انتخابات ممكنة نيابية كانت أو رئاسية أو غيرها؟ فيمسك بمقاليد الأمور ويرينا سياساته وعبقريته فى إدارة البلاد ؟
الثالث: إذا كانا بتلك الشعبية المطلقة، فلما لا يفكر أحدهما فى الحصول على منصب رئيس الوزراء والذى يعتبر شريكاً فى الحكم المتصارع عليه ؟
الرابع: هل يستطيعا أن يصلا إلى المواطن المصرى؟، حيث إنه الطريق الوحيد للوصول إلى المآرب السياسية ومادون ذلك مراهقة فكرية وسياسية.
الخامس: ما أشار اليه الكاتب المرموق الذى نصح بحجب حق التصويت لمن جهل القراءة والكتابة فى محاولة منه إلى إضفاء شرعية على محاولات "تمرد"، حيث أشار أن دول العالم تجرى انتخابات رئاسية مبكرة فى ظل أربع حالات هى إقرار دستور جديد، وإصدار قرارات أسفرت عن أزمة، واستشعار الرئيس للحرج، وقيام البرلمان بسحب الثقة من الرئيس، غير ان الحالات الاربع لم تتحقق بعد.
نحن نحتاج إلى تمرد على تمرد وتجرد غير تجرد، فمصر أكبر من الجميع وهى لا تستحق منا كل ذلك الجفاء والغباء والأنانية حيث اعتنق الجميع المذهب الميكافيلى فجعل غايته تسوقه إلى وسيلة بصرف النظر عن نتائجها حتى وان كانت ستدمر وطن بأكمله.

فلنمعن العقل والمنطق والوطنية ونؤثر حب الوطن على المصحلة الشخصية والحزبية الضيقة، ولنعلى حب مصر على كره الآخرين، حتى لا يبعث الله لنا غراباً يوارى سوءاتنا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة