فى هذا الزمن الكئيب باتت الكلمات خرساء والحروف عمياء، وانبتر جذع الكبرياء واندثر الخشوع.. ونزفت القلوب وبكت العيون وأفلس رصيد الصبر.. وامتلأت القبور ونزعت الرحمة من الصدور والتفت الأرواح بأوشحة من العزاء مطلية بلون الدم الذى طرق كل باب فأثمرت زهوره ثورة عشق.. ملأت رائحتها الأرجاء وانفرجت لها أسارير السماء.. وبلحظة تهافت عليها الغربان من كل مكان ليقطفوا ورودها ويسحقوا ثمارها ويسكتوا فيها نبضات القلوب.
ولكن قبل أن تنالوا مبتغاكم يا أصحاب النفوس الضعيفة.. يا من أعمتكم الكراسى عن رؤية الحقيقة.. لم لا تشخصون بأبصاركم إلى أبواب السماء لتقرأوا ما كتب بها من قصص وروايات ولتتلوا ما أنزل فى كتب السماوات فتتوقعوا المصير البائس الذى ينتظركم.. التفتوا قليلا إلى الوراء وعيشوا فى زمن "رسولكم"- عليه الصلاة والسلام- وزمن صحبه الكرام لكى تروا كيف كان الزهد فى الدنيا هو شعارهم المرفوع.. وكان الطعام فقط لسد الجوع.. فلا همًا لهم سوى أن يسعوا لإرضاء الرحمن وأن يكون الإنسان خادماً ومعيناً لأخيه الإنسان.
مالكم الآن تتقاتلون على كرسى لن يدوم.. يحمل لكم كل الذنوب.. منه تنزف الدماء وتعتصر القلوب.. وتتفجر الآلام وتئن النفوس بآهات ملؤها الدموع.. وحزن لطخ كل الوجوه؟.. ما بال كرسيكم يبكى؟.. هل عرف قدره المحتوم وإلى أين نهايته ستكون؟.. وما بال مشاعركم قد ماتت وأحاسيسكم بالبشر قد خبت وخمدت.. ومرضاة الله قد نسيت.. ألا تعلمون أنكم ستحاسبون يوم تنشق عنكم القبور فتقولون يا ليتنا نعود لنسحق ذاك الكرسى الملعون؟!.. عندها لن تجدوا أمامكم سوى جزاء أناس أسلتم دماءهم وانتهكتم أعراضهم وأكلتم حقوقهم ولن تروا أمامكم سوى اللظى والنار والأمل المفقود بالنجاة.. فالوساطة هناك مرفوضة.. ليتكم تدركون أننا بساعات محددة سوف نسافر جميعنا فى أفواج خالين من الجاه والسلطة والمال والقصور ومحملين فى زوارق أعمالنا إما إلى الجنة والنعيم.. أو إلى النار والسعير..
فلكل من تطلخ كرسيه بالدماء أقول: دع كرسيك لمن يكون بالناس رحيماً واحفظ أنت ماء وجهك.. والتفت إلى علاقتك بربك واستغفر لذنبك فالله غفور رحيم.. املأ محفظة أعمالك بما ينجيك عند لقائك بجبار السماوات والأرض.. وابتعد عن الأفعال التى تعرضك لغضب الله وسخطه وعذابه.. وارفع تلك النظارة السوداء عن عينيك لأنها تعميك عن رؤية الحق والخير وسترى ما يدهشك عند خالقك وتقر به عينك.. ولكل من يسعى إلى الكرسى أقول له: انتبه فإن سعيك للأسف قد يكون على حساب دماء وجماجم الأبرياء.. فتباً لكرسى لا يحمل فى طياته إلا الآثام وإزهاق أرواح البشر.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
راااااااااااااااااااااااااااااااااائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
dr_maysara
الإمارة أمانة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. هاني أبوالفتوح
لا فض فوك ولا حرمنا الله من إبداعك
عدد الردود 0
بواسطة:
شامية
كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته ..
عدد الردود 0
بواسطة:
هدى
سلمت لنا قلمك
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
ردود لأصدقائي الأعزاء
عدد الردود 0
بواسطة:
سعاد باشات
شكرا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد موالدي
ابداع تلو ابداع من نبع لاينضب
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل صيدلي
جميلة جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
أيمن جمال مشيمش
حروف تستحق التحيه والتقدير