قال محللون مصريون، اليوم الأحد، إن الرئيس المصرى الإسلامى محمد مرسى يحاول الهروب من الأزمة السياسية الداخلية والتظاهرات المناهضة له المتوقعة نهاية الشهر الجارى عبر التركيز على النزاع السورى ومحاولة كسب ود الولايات المتحدة من خلال تبنى مواقفها فى سوريا.
وأعلن مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين مساء السبت "قطع العلاقات تماما مع النظام السورى"، وقال فى كلمة ألقاها أمام آلاف الإسلاميين المحتشدين فى ملعب "إستاد القاهرة" فى مؤتمر "لنصرة سوريا" نظمته الهيئــة الشرعيــة للحقــوق والإصلاح السلفية أن مصر "قررت اليوم قطع العلاقات تماما مع النظام الحالى فى سوريا وإغلاق سفارة النظام الحالى فى مصر وسحب القائم بالأعمال المصرى" فى دمشق.
وكانت مصر وسوريا تبادلتا سحب سفرائهما بالفعل فى فبراير 2012 خلال فترة حكم المجلس العسكرى لمصر وانقطعت خطوط الاتصال السياسى بين القاهرة ودمشق منذ أكثر من عام، حسبما قال دبلوماسيون.
واستغل الرئيس المصرى الفعالية الداعمة لسوريا لتوجيه تحذير، اعتبر المحللون أنه موجه للحركات الشبابية والأحزاب المعارضة التى دعت إلى التظاهر نهاية الشهر الجارى، للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
وأكد مرسى أنه سيتم التعامل "بكل حسم مع العابثين" من بقايا النظام السابق، وأضاف "الواهمون الذين يتصورون أن بإمكانهم هدم الاستقرار والشرعية هؤلاء الواهمون أنصار النظام السابق وبقايا فلوله" سيتم التعامل معهم "بكل حسم".
ويواجه الرئيس المصرى غضبا شعبيا متصاعدا تبلور حول "حركة تمرد" الشبابية التى تجمع توقيعات للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ودعت الحركة التى التفت المعارضة المصرية حولها وفى القلب منها جبهة الإنقاذ الوطنى (الائتلاف الرئيسى للمعارضة المصرية)، إلى الحشد لتظاهرات فى 30 يونيو الجارى بمناسبة الذكرى الأولى لتولى مرسى السلطة.
وبحسب الصحف المصرية فإن حملة "تمرد" نجحت حتى الآن فى جمع ما يقرب من 15 مليون توقيع على هذه العريضة، وتستغل الحركة تفاقم الأزمة الاقتصادية وشح المنتجات البترولية وتكرر انقطاع الكهرباء وغلاء أسعار السلع الأساسية لحشد آلاف المصريين الغاضبين لـ "إسقاط حكم الإخوان" حسبما تقول.
واستحوذت قرارات مرسى على جل اهتمام الصحف المصرية المستقلة والقومية الصادرة الأحد، وخلال عامه الأول فى الحكم، أكد الرئيس مرسى بشكل مستمر على حل الأزمة فى سوريا بشكل سياسى، كما اقترح لجنة رباعية من مصر وإيران وتركيا والسعودية للأمر ذاته.
واعتبر وزير الخارجية المصرى السابق محمد العرابى، الذى كان يتولى هذا المنصب فى فترة حكم المجلس العسكرى التى أعقبت إسقاط حسنى مبارك، إن "الأسباب الداخلية هى التى حكمت قرارات الرئيس المصرى تجاه سوريا"، وقال لفرانس برس "النظام المصرى يواجه مأزقا سياسيا داخليا يحاول صرف الأنظار عنه عبر التركيز على مشاكل السياسة الخارجية.. هذا أمر دارج فى السياسة".
وأضاف العرابى "الموقف جيد لكنه متأخر وغير فعال فالسيناريو الحالى موجود فى سوريا منذ عامين وبالتالى التوقيت نفسه مثير للتعجب"، وتابع "هناك أزمة داخلية فى مصر وهو (مرسى) يحاول استخدام كل الوسائل للخروج منها".
بدوره يعتقد المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية السفير السابق السيد أمين شلبى أن الرئيس المصرى "يحاول التركيز على قضايا خارجية تحقق نوعا من الالتفاف الشعبى حوله"، لكن شلبى قال لفرانس برس "هذا الموقف لن يكون له تأثير كبير على الحراك الشعبى المناهض لمرسى والذى يواصل حشد المواطنين ليوم 30 (حزيران) يونيو". وتابع "الأزمة الداخلية أعمق بكثير من أن يغطيها التركيز على قضايا السياسة الخارجية".
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شاركت جماعة الإخوان المسلمين فى مسيرات وفعاليات حول قضايا خارجية حاشدة الآلاف من أنصارها فى الشارع من بينها مسيرة لدعم القدس قبل عشرة أيام.
وتحولت تظاهرة شارك فيها بضعة آلاف من الإسلاميين الجمعة فى مسجد عمرو بن العاص فى القاهرة بهدف "نصرة الشعب السورى" إلى تظاهرة لمناصرة الرئيس المصرى.
واستغل القائمون على "حركة تجرد"، وهى حركة شعبية تهدف لجمع توقيعات لدعم شرعية مرسى، التظاهرة وقاموا بجمع توقيعات من المشاركين. وهتف المتظاهرون "بنحبك يا مرسى"، كما وزعت منشورات تروج "لإنجازاته" خلال سنته الأولى فى الحكم.
وكان حزب النور السلفى، الذراع السياسية للدعوة السلفية، أعلن قبل أيام عدم مشاركته فى مظاهرات نهاية الشهر، مشددا فى بيان على "أن الحشد والوعيد من الجانبين (معارضى وأنصار مرسى) بالنزول يوم 30 يونيو يوحى بأجواء حرب وصدام سوف يخسر فيها الجميع".
كما تحفظ القيادى بالحزب نادر بكار على مؤتمر "نصرة" الشعب السورى الذى قال إن حزبه اعتذر عن عدم المشاركة فيه بقوله "نتحفظ على فعاليات متعددة تُقام فى هذا التوقيت تحديدا ًلتؤجج من نار الحشد والحشد المضاد قبل يوم 30 يونيو".
ويقول محللون إن مرسى يحاول رأب أى صدع فى صفوف الإسلاميين قبل التظاهرات لضمان دعمهم له خاصة مناصريه من الجماعة الإسلامية.
وتقول إيمان رجب، الخبيرة فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مؤتمر دعم سوريا "يهدف لتوجيه رسالة مفادها أن "الرئيس المصرى ليس وحيدا" عبر تعظيم سياسة الحشود لأنصاره الإسلاميين.
وقالت رجب "هناك رسالة أخرى بأن التحالف الإسلامى متماسك وخاصة مع تواجد جزء من السلفيين والجماعة الإسلامية فى المؤتمر حتى لو غاب عنه حزب النور".
وترى رجب أن قطع العلاقات مع سوريا هى رسالة موجهة كذلك إلى الولايات المتحدة فى تلك اللحظة الحاسمة قبل تظاهرات نهاية الشهر للتأكيد على أنه قادر على مساعدتها فى تنفيذ سياساتها فى الشرق الأوسط وخصوصا فى سوريا.
وقالت إن "نظام مرسى تبنى الموقف الأمريكى فى الصراع فى سوريا المنصب حول دعم المعارضة المسلحة والتضييق على النظام السورى ودعم الدول التى تسلح المعارضة"، وهو ما وصفته بأنه "محاولة استباقية من مرسى لخطب الود الأمريكى وتحقيق إنجاز لواشنطن فى الشرق الأوسط مقابل غض الطرف عن الطريقة التى يمكن أن يتعامل بها مع التظاهرات المتوقعة".
واعتبرت صحيفة الوطن المستقلة التى تتخذ عادة مواقف مناهضة للإسلاميين أن "مرسى يقدم القربان الأخير لأمريكا".
وكالة الأنباء الفرنسية: النظام المصرى يسعى للهروب من المأزق الداخلى بقطع العلاقات مع الأسد.. وخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية تقول: "مرسى" تبنى الموقف الأمريكى تجاه الصراع السورى
الأحد، 16 يونيو 2013 04:26 م
الرئيس محمد مرسى خلال مؤتمر نصرة سوريا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة