استضافت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى اليوم، برئاسة الدكتور إيهاب الخراط وفدا ألمانيا لمناقشة قضية العدالة الانتقالية واستعراض التجربة الألمانية فى ذلك الصدد وإمكانية انضمام مصر للمحكمة الجنائية الدولية والمزايا والمساوئ المترتبة على ذلك.
ومن جانبه أكد المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض المصرية، أن المشكلة القائمة فى مصر سببها عدم وجود خبرات كافية فى مجال العدالة الانتقالية وهو ما يؤدى إلى تعرضنا إلى خسائر فادحة قائلا: إن ما شهدته مصر من أحداث ما بعد الثورة خير دليل، وطالب بإصدار قانون للعدالة الانتقالية.
وقال: إن القضاء الوطنى هو الذى لابد أن يتصدى للجرائم الجسيمة مشيرا إلى أن ما حدث فى ميدان التحرير والإسكندرية ضد المتظاهرين السلميين يتطلب منظومة عدالة انتقالية سريعة.
وأشار إلى أن هناك نوع من التوازن فى منظومة العدالة داعيا إلى ضرورة قيام المحاكم الوطنية بالتحقيق فى مثل هذه الجرائم لوجود المجنى عليهم والجناة فى إقليم الدولة وتحقيق الردع العام لافتا إلى وجود شروط أهمها وجود محاكم وطنية قادرة على التحقيق فى تلك الجرائم وتشريعات وطنية تعالج ذلك مع عناصر من النيابة والشرطة مؤهلة تتصدى لجمع الأدلة مع الحياد التام فى جمع الأدلة والمستندات المتعلقة بالجرائم.
ودعا إلى وجود برامج وإمكانيات تمكن سلطات الدولة من حماية الشهود مشيرا إلى أن العديد من الشهود يتخلفون عن شهادتهم وما شهدوا به أمام النيابة إما للترهيب أو الترغيب.
وقال: أنا لا ألوم القضاء المصرى فى التعامل مع هذه الجرائم فليس لديه طرق وخبرة لدى الشرطة والنيابة على التعامل مع هذه القضايا.
وأشار إلى وجود عدة عناصر قد تدفعنا إلى اللجوء للمحاكم شبه الدولية كوجود نزاع شبه مسلح فى الدولة مما تعجز السلطات عن التحقيق فيما حدث أو وجود نظام ديكتاتورى لا يضمن عدالة المحاكمات وعدم وجود الإرادة لدى السلطات فى الاضطلاع بتلك المحاكمات وعدم وجود الأمن الكافى فى الإقليم الذى تتم به المحاكمات وضرب مثالا بما حدث فى ليبيا.
وأكد أن الدول العظمى إذا أرادت إحالة دولة غير عضو فى الجنائية الدولية سوف تحيلها، وأشار إلى أن مزايا الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية مشاركة مصر فى جمعية الدول الأطراف ويكون لنا دور فى توجيه العدالة الجنائية الدولية واحترام حقوق الإنسان.
وانتقل للمساوئ التى قد تنتج عن الانضمام لافتا إلى أن الدول الكبرى جيوشها ترتكب جرائم دولية مثلما حدث فى العراق وأفغانستان ومنها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وعند التصديق على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية سوف يعرضون على المحكمة بشكل مباشر.
وقال: إن التصديق على الاتفاقية الدولية المنظمة للمحكمة الجنائية الدولية لابد أن يتم من نظرة شاملة لمجمل نصوص النظام الأساسى للمحكمة وطالب البلاد بتدعيم النظام القانونى والقضائى ولا ينسحب الاختصاص من مصر فى قضية معينة.
وأكد أن النظام نفسه بدأ يدرس نظام العدالة الانتقالية لأنها المخرج الوحيد أمام مصر ومن يخالف هذا الاتجاه يخالف العدالة، ودعا إلى طرح أسئلة عن المرحلة الزمنية التى ستشملها العدالة الانتقالية ومن الذى سيقوم على إعمال مفهومها على أرض الواقع، وقسم المرحلة من 1981 حتى قيام الثورة والثانية من الثورة وحتى انتهاء فعاليات الثورة والثالثة التى نحن فيها الآن، مشيرا إلى العدالة التاريخية بما يمنع تكرار الانتهاكات.
ومن جانبه أكد المستشار فولفجانج شومبورج قاضى سابق فى دوائر استئناف المحكمة الجنائية الدولية إن أهم مبدأ نعليه فى عملنا أننا لا نحاول نقل أى نظام من أنظمتنا إلى دول أخرى ولا نتوقع أن تتخذوا نموذج من نماذجنا ولكننا نقدم لكم الخبرات التى مررنا بها فى الاتحاد الأوروبى.
وأكد أن دخول مصر فى معاهدة دولية من شأنه تقوية القضاء المحلى، وعندما تسألوننى عما يحدث فى إسرائيل ليس لدينا الحقائق مشيرا إلى أن العدالة تتضمن إنصاف الأبرياء.
وأضاف أن القانون الجنائى الدولى لم يكن لدينا من قصف الناتو لبعض المواقع وقتل العديد من الأبرياء ولم تكن لدينا الصلاحيات لذلك أو عن مدى تورط فرنسا فى جرائم إبادة ونحن كقضاة ضعفاء.
وأوضح أن جزر القمر قد وقعت على نظام روما الأساسى مما مكنها من مواجهة إسرائيل فى موقف حاسم عندما هاجمت سفينة تركية فى طريقها إلى جزر القمر وأقامت دعوى قضائية ضد إسرائيل.
وقال: إن فكرة إقامة محاكم دولية نشأت من أروقة الصليب الأحمر الدولى وفى أعقاب الصراعات المسلحة فبعد الحرب العالمية الأولى ظهر مدى الإلحاح فى تنفيذ الفكرة ولكنها لم تنفذ، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية تم إنشاء أول محكمة دولية فى ألمانيا، وبالتوازى مع ذلك كان هناك محكمة مشابهة فى طوكيو ولكن لا توجد تقارير كثيرة عنها.
وأضاف أن القضاء الألمانى حاول فى الثلاثين سنة الأولى بعد الحرب تغطية بعض الحقائق مشيرا إلى أن كل محاولة لطمس الحقيقة تعود على صاحبها وتفتح جروحا خافية ومازلنا منشغلين بما قام به القضاء تلك الفترة بعد مرور 60 عاما على الحرب.
وقال:من المؤسف جدا أنه كانت هناك محاولات من بعض رجال القضاء والقانون فى محاولة توفير غطاء لبعض زملائهم وذلك بعد الحرب، وفى عام 1989 سقط سور برلين وتم الحديث عن الانتهاكات التى حدثت، مشيرا إلى أن بعض الناشطين طالبوا ألمانيا الاتحادية أن تتحفظ على وثائق أمن الدولة السابق فى ألمانيا الشرقية، وكنت أعمل وكيلا لوزارة العدل فى ألمانيا الاتحادية وكلفت بالبحث عن الجرائم التى حدثت فى ألمانيا الشرقية، وتبعا لمبدأ أننا سواء أمام القانون فلا يصح معاقبة من هم فى درجة أدنى من السلم الوظيفى ولذلك عملنا بالتدريج ونوه إلى أن دور القضاء والعدالة ليس فقط الحكم على الناس وإنما البحث إن كان الشخص يستحق البراءة.
نائب رئيس محكمة النقض: نفتقد الخبرات فى مجال العدالة الانتقالية
الأحد، 16 يونيو 2013 02:40 م