قالت جين هارمان، النائبة السابقة بالكونجرس الأمريكى، إن صدور حكم بالإدانة فى مصر ضد المنظمات غير الحكومية فى قضية التمويل الأجنبى يجب أن يثير القلق لدى هؤلاء الذين يركزون فقط على الدراما السورية، ويتجاهلون الصراع الدائر فى مصر، وأشارت هارمان إلى أن الوقت لم يتأخر بعد أمام الرئيس محمد مرسى والمصريين لتبنى تغيير ديمقراطى حقيقى.
وتقول هارمان، مديرة مركز "ودرو وليسن" للأبحاث الدولية، فى مقالها بموقع "دايلى بيست" الأمريكى، إن مصر فى حالة فوضى، ويبدو أن قادتها عازمون على جعل الوضع السىء أكثر سوءا.
وتوضح هارمان، إنها عادت مؤخرا من رحلتها الرابعة لمصر خلال 18 شهرا، ورأت فرص ضائعة لا تعد ولاتحصى على كل الأصعدة، فالبلاد تبدو عالقة وهناك احتمال حقيقى بأن يصل الاقتصاد إلى نمو سلبى، والاضطراب فى ازدياد، ويتلاشى الأمل فى بناء ديمقراطية تعددية فى أكبر دولة فى العالم العربى.
والدليل الأحدث هو إدانة موظفى المنظمات الأجنبية فى قضية التمويل الأجنبى، ويستحق هؤلاء دعم الحكومة الأمريكية وهم يحصلون عليه بالفعل، حسبما تقول هارمن، حيث أدانت واشنطن وبقوة حكم المحكمة، كما ذهب الدعم الأمريكى أيضا للمنظمات المصرية التى تبنى قدرة سياسية داخل البلاد، والتى تعد أحد المقومات الأساسية للديمقراطية التعددية.
ولا تزال حكومة محمد مرسى تواصل الادعاء بأنها تتشاور مع المنظمات داخل البلاد حول عدد كبير من القضايا، لكن هذه الجماعات تختلف معها، وأحدث مثال يتعلق بقانون الجمعيات الأهلية المقترح، والذى يفرض قيودا شديدا على منظمات المجتمع المدنى المحلية والأجنبية.
وبدلا من تبنى مشروع يحظى بتأييد كالذى اقترحه النائب محمد أنور السادات، فإن أنصار مرسى لم يقدموا إلى ما يريدونه، وعلت صيحات المعارضة لمشروع قانونهم الذى يناقش فى مجلس الشورى.
وفى نفس الوقت، فإن الجانب الآخر لا يلام، فقوى المعارضة مقسمة، ولا يزال الكثيرون فيها يعتقدون أن الاحتجاجات والمقاطعات ستنتصر ويراقبون الإخفاق ببطء لحركة نظام الإخوان المسلمين، ويتوقعون أنهم سيذهبون بطرق سحرية إلى مواقع السلطة، وهذا وهم لأنه فى ظل غياب استراتيجية سياسية شاملة، فإن النتيجة المحتملة هى التفكك والفوضى، وتلك مأساة لا يريدها أحد.
وانتقدت النائبة الأمريكية البعض الذى ينادى بعودى الجيش، وقالت إن المفارقة أن تلك النخب التى تطالب بعودته ساعدت على الإطاحة بحسنى مبارك عام 2011.
وبرغم ذلك ترى هارمان، أنه لا يزال هناك وقتا لتشكيل نتيجة جيدة لمصر تعتمد على الخطوات نحو الديمقراطية التى تم اتخاذها العام الماضى، لكن فى ظل استحواذ الشان السورى على أغلب الانتباه، فى أمريكا والعالم، فهل هناك من سيركز على مصر.
وتؤكد هارمان على حاجة المجتمع المدنى فى مصر إلى المساعدة، وقالت إن عقودا الحكم الاستبدادى تركت إرثا مسموما، وبرغم ذلك، فإن شعب مصر، الذكى النشط والمهلم، قد نزل إلى الشوارع وأطاح بنظام، ويستحق المزيد من المساعدة وليس أحكاما بالسجن.
وتتابع قائلة، إن حتى بعض الدول المجاورة لمصر التى تفضل أن ترى بلدا آمنا أكثر من بلد حر، فتغريها فكرة أن يتولى الجيش زمام الأمور، فالعنف فى سيناء والمخاوف من احتمال انتشاره مثيرة للقلق، إلا أن مصر الديمقراطية التعددية أكثر أمانا على المدى الطويل من تلك التى تعتمد على الأسلاك الشائكة ورجال الشرطة.
وتحدثت هارمان عن حملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس مرسى، وقالت إنها تظهر حماسا أكثر من الدهاء السياسى، فحتى الآن، هو الرجل المسئول، والمعارضة والعالم يجب أن يتعاملوا معه ويدخلوا فى اللعبة، لكن الفوز فى الانتخابات يتطلب لعب على الأرض، كحد أدنى، يجب أن تتحول ملايين التوقيعات المطالبة بسحب الثقة من مرسى إلى أصوات انتخابية، وهذا لا يعنى أنه ليس بإمكاننا أن نتحدث عن التغيير.
وشددت هارمان على أهمية مصر، ودعت إلى ضرورة ألا تركز عناوين الصحف فقط على ما يجرى فى سوريا، وتنسى صراعا يدور فى بلد أكبر أربع مرات وسيكون له عواقب فى العالم، وقد يكون مغريا الافتراض أن لا شىء ممكن فى منطقة ليس لها تاريخ فى الديمقراطية، أو أن الاستقرار أفضل، إلا أن مصر أكبر من أن تفشل، وفى حاجة لأصدقاء ليؤمنوا بها والشعب المصرى يحتاج إلى أن يتحرك بقدر ما يؤمن بنفسه.
نائبة سابقة بالكونجرس: مصر فى فوضى.. وقادتها عازمون على جعل الوضع أكثر سوءا.. جين هارمان: المعارضة تتوهم أنها ستصل للسلطة بطريقة سحرية ولكنها ستصل للتفكك.. يجب أن تتحول توقيعات "تمرد" لأصوات انتخابية
الجمعة، 14 يونيو 2013 03:30 م