أكد مؤتمر "الصحافة العربية.. الحاضر والمستقبل فى ظل الربيع العربى" فى ختام أعماله التى استمرت يومين، أن أهم انتصار حققته الثورات العربية هو كسر حاجز الخوف واليأس لدى المواطن العربى، وتعاظم تأثير الإعلام الجديد والصحافة الاليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى بما يؤذن بنهاية عصر احتكار السلطة للمعلومات، وانفرادها بالهيمنة المطلقة على وسائل الإعلام الجماهيرية والصحافة المطبوعة.
وشدد المؤتمر، الذى نظمه الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام بمشاركة ممثلين للصحافة وخبراء وأكاديميين من 8 دول عربية، فى ختام أعماله الليلة الماضية، على أن تعقيدات المراحل الانتقالية التى تمر بها هذه الثورات، ومن بينها اعتراض مؤسسات النظام القديم وبعض جماعات الإسلام السياسى لمجرى التغيير الثورى، هو أحد أهم الأسباب التى أدت إلى تعثر عملية التحول الديمقراطى وإطلاق الحريات العامة وفى القلب منها حرية الصحافة، فضلا عن تهديد إمكانات قيام دولة المواطنة وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية فى هذه البلدان.
وتناول البيان الختامى للمؤتمر تعقيدات المراحل الانتقالية وما يرتبط بها من مواجهات سياسية حادة أو مصادمات مسلحة ودامية فى بعض الأحوال، فأكد أن هذه المواجهات لم تفلح فى كسر إرادة الشعوب التى نفضت عنها أغلال الذل والاستعباد.
وبالمثل فإن سعى الأنظمة العربية الاستبدادية، مدعومة بتواطؤ الإدارة الأمريكية وحلفائها، لوأد حركات الإصلاح والتحديث السياسى والاجتماعى فى مهدها لن يكتب له النجاح، لأن مطالب الشعوب لا تموت، حتى لو فرض عليها البقاء إلى حين حبيسة فى الصدور.
وأشار البيان إلى أن الشهادات والمداخلات التى شهدها المؤتمر حول أوضاع الصحافة العربية عامة، وخلال المراحل الانتقالية فى بلدان الربيع العربى خاصة، تؤكد التراجع الملموس فى مؤشرات حرية الصحافة فى الأغلبية العظمى من الدول العربية، لكنها أيضا تشير إلى أن المعطيات والتفاعلات الخاصة بهذه المراحل تعزز إمكانية بزوغ فجر حرية الصحافة العربية، وفتح الطريق أمام إعادة تأسيس المنظومة الإعلامية على قاعدة الاستقلال والتعددية والتنظيم الذاتى للمهنة.
وحدد البيان المواقف والتوجهات التى أسفر عنها المؤتمر فى تسع توجهات تضمنت:
أولا: إن تغيير الإطار التشريعى والمؤسسى لعمل الصحافة العربية ووضع قواعد راسخة لحرية الصحافة واستقلالها عن جميع مصادر السيطرة الحكومية والحزبية والاقتصادية، لم يعد مطلب النخب السياسية والثقافية فحسب، بعد أن انتفضت الشعوب العربية للمطالبة بحقها فى إعلام ينقل الحقيقة بشفافية وتجرد.
ثانيا: إن دور الصحفيين ورجال الإعلام ومنظماتهم المهنية والنقابية لا ينبغى أن ينفصل عن دورهم فى الدفاع عن حق مواطنيهم فى المعرفة، والتصدى لكل الانتهاكات والضغوط التى تستهدف تعطيلهم عن أداء هذا الدور.
ثالثا: إن نكوص وتراجع السلطات الانتقالية فى بلدان الربيع عن الوفاء بأهداف ثوراتها، وفى مقدمتها هدف الحرية الذى يشمل كافة مدلولاتها ومجالاتها بما فى ذلك حرية الصحافة وتداول المعلومات، يفرض على أبناء المهنة والمعنيين بالشأن الإعلامى إقامة أوسع تحالف ممكن مع مختلف القوى والمؤسسات الثورية والوطنية للعمل على تكريس مفاهيم حرية الصحافة والمعايير المتصلة بها، وكذلك السعى لتحقيق تحولات ملموسة فى بنية المنظومة الإعلامية القائمة، ودفعها فى اتجاه الاستقلالية والتعددية والالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية.
رابعا: التأكيد على أهمية التنسيق والتواصل المستمر بين مختلف فئات الصحفيين والإعلاميين العرب، واستحداث أشكال مؤسسية لإنجاز هذا الهدف، وضمان التواصل الدائم وتبادل الآراء والخبرات لمواجهة التحديات المشتركة.
خامسا: التأكيد على دعم وتطوير مواقع الصحافة الشعبية والإليكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى، وتنمية قدراتها التقنية وكذلك التزامها بالمعايير المهنية.
سادسا: دعم وتطوير منظمات وشبكات المجتمع المدنى المعنية بحرية التعبير والصحافة ورصد الانتهاكات التى يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون، بالإضافة إلى تنمية أشكال التعاون بينها وبين تجمعات الصحفيين والإعلاميين فى مختلف الأقطار العربية.
سابعا: توجيه تحية تقدير وتضامن للشعب السورى الشقيق فى نضاله البطولى من أجل ممارسة حقه فى تقرير مصيره بإرادته الحرة، والوقوف وقفة إجلال لأرواح شهداء الثورة السورية الأبرار وشهداء الثورات العربية جميعا الذين قدموا أغلى تضحيات يمكن أن تقدمها الشعوب من أجل دحر الديكتاتورية وانتصار الحرية.
ثامنا: يثمن المؤتمر التضحيات التى قدمها الصحفيون والإعلاميون العرب خلال أدائهم لواجبهم الوطنى والمهنى فى بلدانهم، ويخص بالذكر شهداء الصحافة العربية وسجناء الرأى والمدافعين عن حق الجماهير العربية فى المعرفة والوصول إلى الحقيقة.
تاسعا: يوصى المؤتمر بإطلاق موقع على شبكة التواصل الإجتماعى يحمل اسم "الائتلاف العربى لحرية الإعلام"، ويضم ممثلى الصحافة والإعلام المستقل فى مختلف البلدان العربية، على أن يشكل المشاركون فى أعمال المؤتمر نواة هذا الموقع، وذلك تمهيدا لدراسة إمكانية قيام هذا الائتلاف فى هيئة منظمة مدنية عربية تدفع كل الجهود الهادفة إلى تحرير الصحافة والإعلام العربى، والعمل على استقلاله عن مصادر الهيمنة والاحتكار.
وكان المنسق العام للائتلاف الوطنى لحرية الإعلام قد افتتح أعمال المؤتمر الأربعاء الماضى تلته خمس جلسات عمل شارك فيها ممثلين للصحافة وخبراء وأكاديميين من ثمانى دول عربية هى مصر والسودان وتونس والمغرب وسوريا والعراق والبحرين واليمن حيث ناقش على مدار يومين عددا من القضايا المتعلقة بالصحافة والإعلام العربى رصدت حالة الصحافة فى دول الربيع العربى تركة الماضى وأعباء الحاضر، ومدى احتياجات الصحافة العربية للتعبير بحرية ومهنية عن الواقع العربى، والصحافة التقليدية والصحافة الشعبية وآفاق المستقبل، والصحفيون العرب فى المراحل الانتقالية وكيف السبيل للعمل المشترك بينهم.
مؤتمر "الصحافة العربية" يوصى بتغيير الإطار التشريعى والمؤسسى لعمل الصحفيين
الجمعة، 14 يونيو 2013 11:48 ص