لا يختلف اثنان على أن ما حدث فى الحوار الوطنى الذى دعت له رئاسة الجمهورية للحديث عن تداعيات بناء سد النهضة فى إثيوبيا وتأثيره على مصر وحضره عدد من رؤساء الأحزاب والقوى السياسية، هو فضيحة مكتملة الأركان وكارثة بكل المقاييس.
الفضيحة الأولى لهذا الحوار تتمثل فى إذاعته على الهواء مباشرة عبر كل القنوات والفضائيات بدون أن يدرى أو يعلم من حضروه بذلك أو على الأقل إبلاغهم رسميًا، وقد تعللت السيدة باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشئون السياسية ومنسق هذا الحوار بإنها تناست أن تبلغ الحضور بأن اللقاء مذاع تليفزيونًا!!
فهل يعقل أن يتم الحديث عن قضية خطيرة من قضايا الأمن القومى المصرى على الهواء مباشرة ويشاهدها كل العالم!؟ هل يصح أن تعرف كل الدول تقريبًا أدق أسرار الأمن القومى المصرى، وما تفكر فيه القيادة السياسية فى مصر؟
إن مثل تلك الاجتماعات التى تتعلق بسيادة دولة وأمنها القومى مكانها هى الغرف المغلقة فقط، ولا يمكن أن تكون هذه الاجتماعات على الملأ هكذا مثل ما حدث فى هذا الحوار.
وإذاعته على الهواء مباشرة هو خطأ جسيم من طاقم الرئاسة الذى يجب أن يحاسب فورًا وعلى رأسهم السيدة باكينام الشرقاوى، الذى أعتقد أنها لم تحرك ساكنًا وأخذت الأمر كأنه شىء عادى، وكأن الحوار يتعلق بتنظيم الأسرة وليس بأمن مصر المائى المهدد والمعرض للخطر، واكتفت بالاعتذار على صفحتها على موقع الفيس يوك.
الفضيحة الثانية تتمثل فى دعوة رؤساء الأحزاب فقط لمناقشة هذه القضية الحساسة التى تمس مصر وأمنها، دون دعوة الخبراء والمتخصصين فى الزراعة والرى والسدود والأمن القومى.. إلخ وهم أقدر الأشخاص على حل هذه الأزمة أو على الأقل التخفيف من حدتها.
فمع احترامى لجميع رؤساء الأحزاب والقوى السياسية الذين حضروا هذا الحوار، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية فنية بحتة لها تأثير محتمل على مصر، فإن ذوى الخبرة والتخصص من العلماء فى هذا المجال أمثال الدكتور نادر نور الدين، والدكتور فاروق الباز والدكتور مغاورى شحاتة وغيرهم هم الأجدر على الحضور وليس رؤساء الأحزاب السياسية.
بالإضافة إلى أن الجلسة جاء تقريبًا بدون أى ترتيبات مسبقة أو جدول أعمال له، أو أوراق حول مشروع سد النهضة ليتم توزيعه على الحاضرين قبل انعقاد الجلسة.
الفضيحة الثالثة هى ما قاله الحاضرون فى هذا الحوار من رؤساء الأحزاب وممثلى القوى السياسية والمفترض أنهم يمثلون النخبة السياسية فى مصر.
فأحدهم دعا إلى إطلاق إشاعات حول امتلاك مصر لصواريخ وطائرات قادرة على ضرب السد حتى يتم تخويف وترهيب الجانب الإثيوبى، والآخر دعا إلى التدخل فى الشئون الداخلية لإثيوبيا، وإثارة القلاقل فيها من خلال دعم حركات التمرد هناك، والثالث دعا إلى دعم دول الجوار الأثيوبى كإريتريا وجيبوتى لمحاربة اثيوبيا وغيرها من الأفكار التافهة التى لا تخلو من العنصرية والعدائية ضد دول ذات سيادة.
والغريب أن الرئيس محمد مرسى ظل منصتًا ومستمعًا لهذه الأفكار والاقتراحات البلهاء وكأنه موافق عليها ضمنيًا !!
فما ذكره هؤلاء يندرج تحت مسمى الطفولة السياسية، ويؤكد تمام التأكيد أن مصر به نخبة سياسية سواء على مستوى القيادة السياسية أو على مستوى المعارضة، فالأولى بلا رؤية ولا هدف ولا خطة إستراتيجية ولا تخطيط ولا توجه، والثانية كأنها تعيش فى عهد النظام السابق مازالت مطيعة ومستأنسة، تتملق للحاكم وتنافقه، وتجاريه فيما يقول ويفعل أملا فى الحصول على أى مكسب سياسى أو مقعد وزارى أو برلمانى.
فكلهم سواء، وكلهم فقدوا مصداقيتهم أمام الشعب، وكلهم نجحوا بامتياز فى تشويه صورة مصر دوليًا وإقليميًا.
سد النهضة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
amrelhady
زمن الاخوان