أحاول دائما ألّا أتنقل فى القاهرة أثناء النهار.. وأحاول أن أتواجد فى مكتبى طيلة النهار لأتفادى هذا الزحام «الغريب» الذى يسيطر على شوارع القاهرة والوقوف فى الإشارات لعشر دقائق كاملة، وتصل أحيانا لنصف الساعة.. وتضطر حينها أن تغلق زجاج سيارتك وتقوم بتشغيل التكييف الذى يستهلك «بنزين» أكثر، ويجبرك على الوقوف فى طوابير البنزين ويلتهم منك الوقت والجهد «والمال طبعا» ويخلق حالة من الأرق والإجهاد نطلق عليها نحن عندما نصل إلى المنزل اسم «الفرهدة».. وتجعل منك شخصا عصبى المزاج مع ذويك وأهل بيتك وأصدقائك وكل المحيطين. أنا أتحدث كل هذا الحديث عن راكبى السيارات أمثالى.. والذين يعتبرونهم الناس فى الشارع فئة مترفة، وينظرون إليهم - ولهم الحق - نظرة المرفهين والميسورين.. فما بالكم بالغالبية العظمى من الشعب المصرى الذين يركبون المواصلات العامة ويعانون الزحام فى الطرق، بجانب معاناة الزحام داخل وسيلة المواصلات نفسها. معاناة زحام الطرق فى القاهرة قضية كبيرة ومؤثرة على مستوى الإنتاج للفرد وللمجتمع. لقد كنتُ موظفا فى جامعة عين شمس لمدة ست سنوات.. وكنت أسكن بالقاهرة الجديدة، ولدى سيارة صغيرة، ولكنى كنت أتركها لزوجتى لتذهب هى بها إلى عملها صونا لها مما أعانيه أنا فى المواصلات.. كنت أركب الميكروباص من التجمع الأول إلى الحى العاشر بمدينة نصر، ثم أركب ميكروباصا آخر من الحى العاشر إلى العباسية.. وهكذا ذهابا وإيابا كل يوم.. وكانت المتعة الكبيرة التى أحمد الله عليها يوميا أن أجد مكانا بجوار الشباك فى الميكروباص لأتنفس هواءً يخلو من رائحة العرق أو من رائحة المعطرات الغريبة التى أحيانا يكون العرق أفضل منها.
كانت المعاناة كبيرة وتجعلنا فى حالة من عدم القدرة على الإنتاج ولا الرغبة فى العمل.. عندما تدخل إلى مصلحة حكومية - أيا كانت - وتجد الموظفين أو الموظفات يعاملونك بشظف وضجر وقلة صبر، فاعلم أن السبب هو ما يعانيه هذا الرجل أو هذه المرأة فى طريقها إلى العمل.. كل هذه المعاناة سوف يتم ترجمتها بالطبع لسلوك عدائى يتحمله المواطن البسيط الذى يتعامل مع المصلحة.. وأيضا ستكون ردود أفعال المواطنين البسطاء تجاه عصبية الموظفين فى المصالح الحكومية بالعصبية أيضا لأنهم عانوا نفس المعاناة التى عانى منها الموظفون أثناء طريقه للمصلحة.
إن زحام الطرق ظاهرة دولية وموجودة فى كل الدول «سواء المتقدمة أو المتخلفة» ولكن بهذا الشكل وعلى مدى ثمانى عشرة ساعة يوميا وحتى فى الطرق السريعة التى يفترض فيها معالجة العوائق المرورية «كالطريق الدائرى»، أعتقد أن الأمر أصبح ظاهرة مصرية خالصة تستحق الدراسة والاهتمام والحل العاجل.. وإهمالها أمر يستحق الغضب.
عندما أكون على الطريق الدائرى وأتذكر الأغنية الشعبية التى تقول:
«الحلو ع الدائرى.. أول ما شافنى جرى» أبتسم وأقول ده كان زمان.. أما الآن فلا يمكن لأحد أن «يجرى» حتى على الطريق الدائرى من كثرة الزحام.
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
ايه الاستفاده من كل هذا الرغى
عدد الردود 0
بواسطة:
فوزى أحمد
حبيبى يا إتش
والله طول عمرك بتقول فى الصميم
عدد الردود 0
بواسطة:
السيدالشافعى
دعوة مشكورة لدراسة مشكلة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى عمر
موضوع مهم ياعم احمد
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف
عصبى ومفرهد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الكردي
راجل محترررررررررررررررررررم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
ياريت
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن جلال
مظلوم الزمن