شكراً لوزير التربية والتعليم لرفع المعاناة عن الناس،فلن تصبح الامتحانات عقوبة مالية باهظة بالدروس الخصوصية بعد السماح لإدارات الوزارة بتسريب الامتحانات لأولادنا أحباب الله، والتغاضى عن الغش الذى أصبح قاعدة لا استثناء، وتعددت وسائله، وآخرها سيارات لعب أطفال بالبطارية تجرى بلا صوت على أرض اللجنة من طالب إلى آخر، بينما المراقبون لا يتدخلون، لأن ضبط هذه السيارات من اختصاص رجال المرور!
هكذا قال عمنا أحمد رجب معلقا على ظاهرة انتشار الغش داخل لجان الثانوية العامة منذ سنوات، وكأنه كان يقرأ ما سيحدث، فأساليب الغش تطورت وصارت أذكى بينما بقى نظام التعليم «غبى» كما هو، وذلك بفضل وزارة تعليم لا تتعلم من أخطائها، وأصبحت تنظم عملية الغش ولا تستطيع منعه، بل إنها تتفاخر بأن التسريب كان فى نطاق محدود عبر تويتر وفيس بوك!
وخرج علينا الدكتور رضا مسعد رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، بعد أن تأكد الجميع من كذب وزارة التعليم وصدق موقع كايرو دار -الذى انفرد بنشر ورقة الأسئلة التى تم تسريبها عبر تويتر- ليؤكد أن هناك مدرسين أجابوا عن الأسئلة الأربعة المسربة من امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة، وتمت إحالتهم للشؤون القانونية وأضاف: «هنحاسبهم وندبحهم»!
تصريحات المسؤول الأول عن الامتحانات تدعو للسخرية، فإن كان يقدر أن يفعل ما يقوله، فلماذا لم يفعله قبل أن يتم التسريب للمرة الثانية، بدلا من أن يظل يهدد، وتظل الامتحانات تتسرب؛ لثقة الطلاب الذين سربوا الامتحان أن السادة المسؤولين يقولون ما لا يفعلون.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه، أين ذهب وزير التربية والتعليم الذى أقسم بأنه سيترك منصبه فى حال حدوث أى عمليات غش أو تسريب فى امتحانات الثانوية العامة؟ هل سمعت له صوتا أو صدى؟ هل سمعته يعلق على تسريب الامتحانات؟ هل شاهدته يمنع تسريب أوراق الأسئلة أم أنه أصبحت مهمة الوزير هى تأمين عملية نقل أوراق الأسئلة عبر تويتر؟ أتمنى أن نجد إجابة واضحة وحقيقية على هذه الأسئلة أو نجد وزير التعليم، وعلى من يجد سعادته يتصل بنا أو بالدكتور مرسى الذى كان يتحدث عن الثانوية العامة، وبمجرد تسريب امتحاناتها توقف عن الحديث عنها، وهو نفس ما فعلته قيادات جماعته أمثال الدكتور العريان.
فجأة الكل اختفى فى ظروف كاشفة وفاضحة لما يحدث فى مصر بأسرها وليس فى وزارة التعليم وحدها، فالوزير الدكتور إبراهيم غنيم يمثل منهج تفكير وتعاملا فى نظام بأكمله يعتمد على الكذب، وينفى قبل أن يتحرى الدقة، ثم يعود فى كلامه بعد أن يكتشف الجميع كذبه.
لكن الأخطر من ذلك هو أن النظام بأكمله يقف خلف امتحانات الثانوية، ويُسخر كل شىء من أجل تأمينها، وحراسة لجانها، وأوراق أسئلتها وإجاباتها، ورغم ذلك تتسرب وتنتشر عبر «تويتر» و«فيس بوك» بعد دقائق معدودة من دخول طلاب الثانوية إلى اللجان، وذلك للمرة الثانية على التوالى دون أن يكون هناك أى رد فعل لوزارة التربية والتعليم سوى التكذيب والكذب. ما فعله الطلاب المسربون للامتحانات جريمة، لكن الجريمة الأكبر تتمثل فى نظام غبى لا يتعلم من أخطائه، بل يُصر عليها، ويدافع عنها.