لم يكن مفاجأة أن نسمع عن أخذ إثيوبيا الأفريقية أمر بناء ذلك السد بجدية بمقدمات عملية خطيرة؛ إذْ حولت مجرى النيل الأزرق من موقعه القديم إلى موقع جديد؛ يسمح لها بتنفيذ مخططها الذى لا يظهر من أهدفه- حتى الآن- غير طنين ممل، تتناوله أفواه الإثيوبيين، ووسائل إعلامهم المختلفة على نغمة تكاد تكون واحدة، تلك النغمة التى لم تحمل مضامينها إظهار الحقيقة جلية واضحة، ولماذا لم يكن قدوم تلك الدولة الأفريقية - التى طالما اعتبرتها مصر صديقا قويا فى وحدة أفريقية ذات تاريخ طويل تفاعلت فيه المصالح المشتركة تفاعل نفع وخير للجميع، على أسس قوية مفادها الاحترام المتبادل والتعاون الرشيد المخلص أخذا وعطاء – لماذا لم يكن ذلك القدوم المتسرع من دولة إثيوبيا مفاجأة ؟؛لأن المعتدى – بكل صراحة – هو من يحاول دفعها منذ عشرات السنين لذلك العمل غير المبرر آنيا وواقعيا؛مستغلا حاجاتها الاقتصادية والعسكرية، وظروفها الداخلية الطاحنة الموزعة بين أطياف ثلاثة من العوز، والعنصرية، والتمزق السياسى فإذا بهؤلاء المعتدين الأصليين يوهمون قادتها، وكل طبقات المجتمع الإثيوبى فيها بألاَّ خلاص لهم إلا ببناء سد النهضة، وقد تحول ذلك الإيهام – مع مرور الزمن – إلى فكر رسخ فى عقول وقلوب العملاء من المسئولين، والمبيتين لضرب مصر والسودان فى مقتل؛بالتحكم فى أهم مقوم للحياة، وهو المــاء، وتلك هى الأمنية التى خطط لها أعداء مصر فى كثير من بلدان العالم، وبخاصة إسرائيل وأمريكا.
أما نحن فكانت سذاجتنا – فيما سبق – أننا لم نتنبه على رغم ما كان يدور من أحاديث حول حاجة إثيوبيا لذلك السد المميت، وقد غط مسئولونا الأكارم فى نوم عميق متخاذلين عن دفع ما كان ينسج لمصر من مخططات، ومؤامرات تحققت نبوءتها بحدوث تلك المشكلة الإثيوبية حتى صارت أمرا واقعا،بل ربما كان بعض هؤلاء الزعماء فى يقظة تامة، لكنهم قبلوا موافقين على إقامة ذلك السد، تماما كما قبلوا ماحيك لضرب مصر بخلق أجواء من الاختلاف والشقاق والخصومة بينها، وبين كثير من الدول العربية، والإسلامية، والآسيوية، والأفريقية، وخلق أجواء - كذلك - من تحقير شعب مصر، وإذلاله فى سيادته، وحقه فى الحرية والعدل والمساواة، وبتهميشه، وإذلاله بالتدخل الرهيب لأمريكا وإسرائيل فى شئون مصر داخليا، وخارجيا، والمشاركة، بل الإملاء بصنع القرار الأشد مواءمة لمصالح هاتين الدولتين الخطيرتين، ولو كان على حساب انهيار كرامة الكنانة وعزتها فى كل شئون حياتها.
ومـــاذا بعـــد؟ أما بعد: فإن فى الوقت - من الآن - متسع، يجب علينا ألا نفرط فى ثانية منه،دون عمل وطنى صادق مخلص شديد الإخلاص، والإتقان والجودة، نواجه به كل احتمالات وقوع ضرر – مهما – كان حجمه، وكيفه.
وإنى أرى بسبيل ذلك الرأى الآتى : 1- أن يتحد المصريون على قلب رجل واحد متضامنين؛ طارحين كل جراحاتهم التى تكاد تمزق آمال الأمة، وتطلعاتها إلى غد مشرق بالخير العميم، ورد اعتبار مصر الكنانة كما كانت فى عصور الازدهار قوة سياسية، وعسكرية، واقتصادية، وأمنية، ودولية تتفاعل مع العالم تفاعل ندية وتقدير واحترام.
2 – أن يـُفعـَّل ما قيل فى لقاء السيد الرئيس مع الشخصيات المحترمة التى أدلى فيها كل بدلوه، وكان كل ما طرح يمثل للجميع وطنية ملتهبة بالحماس لمصر حاضرا وآتيا بروح بودل فيه الود والاحترام؛ فلكم سعدت كما سعد الكثيرون من أهل مصر الأوفياء بما دار على مدى الوقت الذى استوعب ذلك اللقاء، وسعدنا أكثر بأن تـُمـَّثل القوى المختلفة، رافعين جميعا لواء الحب وروح المودة والإخاء وإن السعادة الكبر ى كانت؛ لأن الرئاسة ابتدعت ذلك الأسلوب الديمقراطى السديد سائلين الله – تعالى – أن يوفق إلى استمراره وتقدم الخطى المبتكرة الداعمة الفاعلة من أجله.
3- أن يؤخذ فى الاعتبار - بجدية وصدق أداء – ما تناوله مجلس الوزراء من قرارات تدخل فى دائرة الموضوع ذاته، وربما تكون قد تضمنت بعض ما قيل فى اللقاء الرئاسى المبارك فى غضون ذلك الأسبوع.
4- وفورا يجب على المسئولين عن مياه مصر دراسة مشكلات الإسراف فى المياه، ووضع الحلول المناسبة اللازمة، هذا إلى بحث أفضل طرق إيجاد المقادير المائية الصالحة للاستعمال والاستمرار؛تمشيا مع التطورات المختلفة التى تزداد فيها الحاجة للكفاية الزراعية، وغيرها؛ وليس هذا معناه الاستغناء عن مياه النهر الخالد نهر النيل، بل هو إضافة مفيدة، مع كونه احتياطيا لازما لمواجهة أية أزمة تطرأ، وذلك السلوك بتوفير الشىء للاحتياط أمر مقبول شرعا وقانونا.. والله المستعان !
محمد حفنى القرشى يكتب: سـد النهضـة ودورنـا الوطنى!!
الثلاثاء، 11 يونيو 2013 10:12 م
سد النهضة الإثيوبى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة