كاتب إثيوبى يقول إن لجوء مصر للحرب انتحار سياسى.. ويدعو بلاده للاستعداد لمواجهة كافة الخيارات المصرية.. ميمار إيلو ديميك: الخروج من الأزمة بالتوصل إلى اتفاق عادل بين دول المنبع ودول المصب

الثلاثاء، 11 يونيو 2013 01:29 م
كاتب إثيوبى يقول إن لجوء مصر للحرب انتحار سياسى.. ويدعو بلاده للاستعداد لمواجهة كافة الخيارات المصرية.. ميمار إيلو ديميك: الخروج من الأزمة بالتوصل إلى اتفاق عادل بين دول المنبع ودول المصب سد النهضة الإثيوبى
كتبت فاتن خليل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت اليوم الثلاثاؤ، صحيفة نزرات الأثيوبية مقالا مطولا للكاتب ميمار إيلو ديميك، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة أديس أبابا للعلوم والتكنولوجيا، يتحدث فيه حول الأزمة المتعلقة ببناء سد النهضة على نهر النيل الأزرق، مؤكدا فيه أن لجوء مصر للحرب، كما هدد زعماء مصريون، سيكون انتحارًا سياسيًا ولن يفضى إلى شىء، داعيا بلاده إلى الاستعداد بتقوية جيشها، وتعزيز علاقتها بالسودان وإريتريا لتأمين حدودها، وتغيير مقاربات السياسة الخارجية لمواجهة التغير فى نبرة الدبلوماسية المصرية.

فى البداية أشار الكاتب إلى أن السياسات المتعلقة بنهر النيل كانت دائما تحيط بها التوترات وانعدام الثقة المتبادل، والغموض والمواجهات الدبلوماسية بين دولتى المصب ودول المنبع، لافتًا إلى أن حوض النيل لم يشهد قدرا من التعاون إلا حديثا، لكنه كان تعاونا بين دولتى المصب (السودان ومصر)، فى إطار اتفاقية 1959 لمشاركة المياه، فيما ظلت دول المنبع (تنزانيا والكونغو، ورواندا وبروندى وكينيا وأثيوبيا) الذين ينتجون 100% من مياه النهر مهمشين من أى مفاوضات أو اتفاقيات حول استخدام نهر النيل من قبل القوى الاستعمارية.

وأضاف "ديميك" أن التاريخ يتضمن العديد من الأدلة على العديد من المواجهات الدبلوماسية، بل والعسكرية فى بعض الأحيان، بين دول المنبع ودول المصب، وهو ما يعود فى جانب كبير منه إلى التوزيع غير العادل لمياه النيل بين دول حوض النيل، مشيرا إلى أن مصر كانت حريصة دائما على الحد من حقوق دول المنبع، مضيفا أن العلاقات بين أثيوبيا وكل من مصر والسودان كانت تتباين ما بين الحب والكراهية وفقا لسياسات توزيع المياه، مؤكدا أن اتفاقيتى 1929 و1959 الاستعماريتين عملتا على إضعاف دول المصب، وحرمان دول المنبع من استغلال المياه بدون موافقة مسبقة من مصر، والمدهش أن هذه الاتفاقيات تحد من حق دولة أثيوبيا التى تنتج 85% من مياه النيل.

ولكن، أضاف الكاتب، بعد أن شهد العالم تغيرات جيوسياسية وأمنية وبيئية، عززت دول حوض النيل من التعاون بينها تحت إطار مبادرة حوض النيل، خلال العقد الماضى، لمكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاجتماعية الاقتصادية بين دول حوض النيل العشر، كما أن هذه الديناميكية الجديدة عملت على تحدى سياسات مصر التمييزية بشأن استغلال مياه النيل، على حد قوله.

وأضاف الكاتب الإثيوبى "تحولت قضية توزيع المياه إلى قضية عامة بعدما أعلنت إثيوبيا عن تحويل مجرى نهر النيل، حيث أشارت النقاشات التى دارت بين السياسيين المصريين وصناع السياسة فى مصر إلى استراتيجيات السياسة الخارجية التى سوف تتبعها مصر، والتى لفتت إلى أن مصر سوف تتبع الدبلوماسية المائية، أو حرب المياه، أو كليهما معا للتعامل مع ذلك التطور الجديد من قبل إثيوبيا، ونظرا لأهمية نهر النيل بالنسبة للدولة المصرية، يقول الكاتب، فإن مصر سوف تلجأ لأحد الخيارات القادمة، والتى يقدم كل منها رسالة واضحة للشعب الأثيوبى.

أولا الخيار الدبلوماسى، والذى عادة ما تلجأ إليه الدول قبل التفكير فى الحرب، ولكن مصر كانت دائما تعتمد دبلوماسية خشنة مع دول حوض النيل، فيما كانت إثيوبيا تصر على مقاربة عادلة ومتكافئة فى التعامل مع شئون النيل، ويعتقد الكاتب أن مصر ستلجأ إلى الدبلوماسية الخشنة فى التعامل مع التطورات الدبلوماسية والأمنية فى إثيوبيا كجزء من عملية الدعاية لها، فعلى سبيل المثال التأثير على المفاوضات الدبلوماسية من خلال تقديم صورة مشوهة عن السد وتضخيم سلبياته، كما ستعمل على إقناع العالم العربى والمجتمع الدولى بأن السد هو استراتيجية إثيوبية لتهديد أمنها القومى.

وأضاف الكاتب أن مصر ربما تذهب أيضا للجامعة العربية، وتستغل نفوذها بها، لفرض عقوبات دبلوماسية على إثيوبيا، وتقليل دخلها من العملة الأجنبية بالتأثير على علاقاتها التجارية بتلك البلدان، كما يمكن أن تقنع مصر هذه الدول بوقف تصدير البترول مما يمكن أن يزيد من التضخم، ويرفع كلفة المعيشة، ويؤدى إلى كارثة إثيوبية، بالإضافة إلى اللجوء إلى محكمة العدل أو الاتحاد الأفريقى أو الأمم المتحدة قائلة إن بناء السد يؤثر على حقها التاريخى من المياه.

من جهة أخرى، أكد الكاتب أن الخيار الآخر سيكون اللجوء إلى الحرب المباشرة، حيث كانت الحكومات المصرية المتعاقبة لديها رؤية سلبية بشأن أثيوبيا، ومن ثم فإنها كانت تخوض إما معارك دبلوماسية أو حرب بالوكالة لتقويض إمكانيات إثيوبيا الاقتصادية والسياسية، حيث كانت مصر تعتقد دائما أن السلام فى إثيوبيا يعنى الحرب فى مصر.

وزعم الكاتب أن مصر كانت تشن حروبا بالوكالة لكى تضمن استمرار تدفق مياه النيل إليها، ولكنها بدلا من أن تخوض حربا مباشرة مع أثيوبيا، كما حدث من قبل على مر التاريخ، فإنها كانت تدعم المعارضة المناهضة للحكومة الإثيوبية، سواء فى الصومال أو إريتريا، وقال "أعتقد أن مصر سوف تستمر فى دعم وتسليح الحركات السياسية المعارضة العاملة فى الصومال وإريتريا، فحتى قيادات المعارضة المصرية أعربت مؤخرا عن رغبتها فى دعم الحركات المسلحة المعارضة للنظام الإثيوبى".

ودعا الكاتب، الحكومة الإثيوبية، إلى الاستمرار فى دعم تحقيق السلام والاستقرار فى الصومال لمواجهة النفوذ المصرى، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الصومال، وتوفير الكهرباء الرخيصة لكلا الشعبين، والمساهمة فى بناء بنية تحتية، كما دعا حكومته إلى إعادة فحص موقف دولة إريتريا التى ما زالت تعترف بحقوق مصر التاريخية فى استغلال مياه النيل، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى أن تسمح الدولة لمصر باستخدام أراضيها فى شن هجوم على إثيوبيا.

وأخيرا، ناقش الكاتب فكرة أن تقوم مصر بشن حرب على إثيوبيا، وهو ما وصفه بأنه انتحار، حيث إن مصر لكى تتمكن من الحفاظ على مصالحها المائية عليها احتلال جميع دول حوض النيل كما كان يفعل الاستعمار، كما أن الحرب لم تحقق أبدا الأهداف المرجوة منها بخلاف الإضرار بالأفراد ومصالحهم، ولكن الكاتب قال إن مصر لديها تاريخ من المواجهات العسكرية مع إثيوبيا، مؤكدا أن مصر خاضت 15 حربا ضدها.

ودعا الكاتب بلاده للاستعداد لهذا الخيار من خلال تعزيز الجيش، وتغيير جهودها الدبلوماسية ومقاربتها للسياسة الخارجية والاستراتيجيات التى تتبعها لكى تستعد لمواجهة أى حرب محتملة مع مصر.

وفى النهاية، أكد الكاتب أنه لا مخرج من هذه الأزمة إلا بالتوصل إلى اتفاق متعادل ومتكافئ بين دول المنبع ودول المصب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة