نجحت برامج اكتشاف المواهب الغنائية بشدة خلال الشهور الماضية فى الاستحواذ على اهتمام الجمهور، بعد أن ضمت لجان تحكيمها كبار النجوم على مستوى الوطن العربى مثل «إكس فاكتور» الذى ضم مجموعة كبيرة من أشهر مطربى الوطن العربى منهم إليسا وكارول سماحة وحسين الجسمى ووائل كفورى، وبرنامج «أراب آيدول»، والذى ضم راغب علامة ونانسى عجرم وأحلام، إضافة إلى برنامج «The VOICE»، والذى ضم عاصى الحلانى وشيرين عبدالوهاب وكاظم الساهر وصابر الرباعى، و«صوت الحياة»، والذى ضم هانى شاكر وسميرة سعيد وحلمى بكر.
ولكن هذه البرامج لم تسفر عن نجم حقيقى يستطيع الاستمرار مع الجمهور حتى الآن أمثال مواهب سابقة نابعة من مثل هذه البرامج ظهرت فجأة، ثم اختفت أيضا فى لحظة، ومنهم محمد عطية ونسمة محجوب وغيرهما، فيكون بريق الموهبة الفائزة بريقا وهميا سرعان ما يختفى، وهو ما أكده عدد كبير من صناع الموسيقى الذين أوضحوا أن كل هذه البرامج هدفها «السبوبة» فى المقام الأول بحجة اكتشاف المواهب دون الاهتمام بالموهبة الغنائية حتى النهاية.
الموسيقار الكبير محمد سلطان أكد لـ«اليوم السابع» أن هذه البرامج تمتلئ بالمواهب الضعيفة التى تسىء للغناء، مؤكدا أن لجان التحكيم الموجودة بهذه البرامج رغم شهرتهم ونجاحهم الكبير فى الوسط الغنائى فإنهم لا يمتلكون عامل الخبرة الذى يؤهلهم لاكتشاف مطرب أو نجم، مشيرا إلى أنه من الخطأ الفادح أن يتم اكتشاف مطرب على يد مطرب آخر فلابد من تواجد المبدع وهو الشاعر أو الملحن حتى يستطيع تقييم الصوت الذى أمامه، لافتا إلى أن أعضاء لجان تحكيم برامج المسابقات تم اكتشافهم على أيدى شعراء وملحنين، موضحا أنه هو الذى اكتشف العديد من نجوم الأغنية العربية، منهم هانى شاكر وأصالة وسميرة سعيد ومدحت صالح ونادية مصطفى.
ووصف سلطان هذه البرامج بالموضة والدعاية للقنوات التى تعرض عليها، حيث يذهب أصحاب القنوات إلى النجوم ذوى الشعبية فى الوطن العربى، للمشاركة فى تلك البرامج، وليس الهدف الحقيقى منها اكتشاف نجم أو تقديمه للجمهور.
وعلق الموسيقار حلمى بكر على هذه البرامج قائلا: كلها مبتورة وغير مكتملة، وينقصها عاملان فى غاية الأهمية هما الخبرة والشفافية، حيث أوضح أن بريطانيا كانت تقدم برنامجا لاكتشاف المواهب عام 1973 بعنوان «NEW FACES»، وكان الفائز بهذا البرنامج ينتقل لبرنامج آخر بعنوان «الفرصة»، وعقب نجاحه بهذين البرنامجين، يصل لبرنامج ثالث ويكون هو المحدد لمستقبله ومصيره، وعقب فوزه بالبرنامج الثالث يتم التركيز على هذه الموهبة بشكل جيد، بل يقدم بطريقة صحيحة تؤهله للنجومية بشكل حقيقى، وليس بشكل وهمى كما يحدث فى برامج اليوم.
وانتقد بكر ما فعله المطرب راغب علامة حينما أشاد بأحد المتسابقين، وقال له إن حاكم دولتك شخصيا مهتم بموهبتك، مشيرا إلى أن راغب بهذا الشكل يحول البرنامج من فنى إلى سياسى، وهذا لا يرقى إلى مستوى التحكيم، موضحا أن الأجواء العاطفية لأعضاء لجان تحكيم بعض هذه البرامج تسيطر على مدى اختيارهم للمتسابق الذى يتواجد أمامهم، وهو ما يحدث فى برنامجى «أراب آيدول» و«إكس فاكتور»، حيث يظل عضو لجنة التحكيم ينتقد الموهبة التى أمامه وفى النهاية يمدحها بكلمة جيدة حتى لا يخسر جمهوره المنتمى للمتسابق، والعكس أيضا، فيظل يمدح فى المتسابق، ولكنه ينتقده فى النهاية حتى يقتنع الجمهور بأنه يقول الحقيقة، واختتم بكر حديثه قائلا: عضو لجنة التحكيم بمعظم هذه البرامج لا يقول الحقيقة على الإطلاق، بل يتبع سياسة «اللف والدوران» حتى لا يخسر شعبيته بالدولة التى يتواجد بها المتسابق، لافتا إلى أن كل هذه البرامج لا يوجد بها من وصل لمرحلة الاحتراف فى اكتشاف الموهبة.
وأوضح الموسيقار هانى مهنا أن هذه البرامج عبارة عن مشاريع هدفها الربح فقط، وأنها نجحت بالفعل فى تقديم الترفيه والتسلية للجمهور، ونجحت أيضا فى تحقيق عائد مادى جيد، لكنها لم تنجح فى تقديم مواهب تستطيع الاستمرار، أو تجد من يواصل العناية بها وتقديمها للجمهور بشكل يؤدى إلى استمرارها على الساحة، متسائلا أين الفائزون فى برامج المسابقات خلال الأعوام الماضية، فأين محمد عطية ونسمة محجوب وكارمن سليمان؟ وغيرهم.
وأشار مهنا إلى أن هذه البرامج لها سلبيات كثيرة، منها أنها تساهم فى زيادة عدد البطالة بالنسبة للعاملين بالفن، فتخرج مواهب شابة يعتقدون أنهم أصبحوا نجوما «فى يوم وليلة»، حتى يفاجأوا بالواقع المرير ولا يجدون من يقدم لهم الرعاية الفنية، مضيفا أن إيجابيات هذه البرامج تتركز فى شىء واحد وهو «التسلية»، وأكد مهنا أن السبب الحقيقى وراء نجاح هذه البرامج يعود إلى اقتحام السياسة وبرامج التوك شو لحياة العرب، فذهبوا لهذه البرامج من أجل الترفيه.
ويقول الشاعر هانى عبدالكريم: لا مانع من أن تسعى القنوات الفضائية إلى تحقيق الربح من خلال برامج فنية أو غيرها، فهى تنفق كثيرا على أجور الفنانين الذين يأتون كأعضاء بلجان التحكيم، بالإضافة إلى الديكورات الفارهة والدعاية التى تكبد هذه القنوات أموالا طائلة، ولكن لابد من العناية بشكل أكثر بالموهبة التى تنجح خلال هذه البرامج حتى لا تختفى، وأضاف عبدالكريم أن هناك أكثر من برنامج تشبه بعضها فى كل شىء، حيث يقتصر الاختلاف فقط على اسم البرنامج، مشيرا إلى أن فكرة وجود برنامج يسعى إلى اكتشاف النجوم شىء جيد، ولكن بشرط أن يكون اهتمام القنوات والشركات التى تنتج هذه البرامج بالموهبة أولا ثم نسبة الإعلانات، وليس العكس كما يحدث حاليا، فيكون الاهتمام الأول لمنتجى هذه البرامج هو العائد المادى من وراء الإعلانات.
وأشار عبدالكريم إلى أن كارمن سليمان الفائزة بأراب آيدول العام الماضى، لم يتم استغلالها بشكل جيد حتى الآن، وهو نفس الوضع بالنسبة لمواهب أخرى كثيرة نجحت فى مثل هذه البرامج، لافتا إلى أن المتسابق أحمد جمال المتواجد بأراب آيدول هذا العام من المواهب الجيدة أيضا، لكن سيكون مصيره مثل من سبقوه.