أجهزة التنصت فى يد الجميع، تعبر هذه العبارة عن انتشار غير معتاد لأجهزة التجسس فى السوق المصرية، خلال الآونة الأخيرة، وسط صمت الأجهزة الأمنية، عن رصد موزعى هذه الأجهزة، التى غمرت الأسواق، والمحال، وباتت متاحة على الأرصفة، وبأسعار زهيدة، تبدأ من 250 جنيها، بما يطرح عدة أسئلة، يأتى على رأسها، من المسؤول عن غمر مصر وأسواقها بهذه الأجهزة؟.
ورصدت «اليوم السابع» شركات لبيع أجهزة المراقبة والتنصت فى مصر يمكنك أن تصل إليها بمجرد البحث عنها على الإنترنت، حيث تطل عليك أسماء وعناوين عشرات الشركات، التى تتنافس فى تقديم عروض خاصة، للحصول على أجهزة المراقبة والتنصت، كما اكتشفنا عندما اتصلنا بإحدى الشركات الموجودة فى منطقة مدينة نصر، وسألنا عن أسعار كاميرات المراقبة وأجهزة التنصت المثبتة فى التليفونات الأرضية والمحمولة وكان الرد كالآتى: لدينا توكيلات لماركات عالمية «أمريكية وكورية» والأسعار مختلفة حسب الجهاز وحاجة الاستخدام فإذا أردت جهاز تنصت صغير الحجم يتم تركيبه بجوار شريحة التليفون المحمول الشخصى فسعره يصل إلى 8000 جنيه، يقوم بتسجيل كل المكالمات الواردة والصادرة، أما إذا أردت جهاز التسجيل للتليفون المحمول فى الشركات، فسعره يصل إلى 1800 جنيه فقط، نظرا لأن طبيعة عمل الجهازين مختلفة.
وحصلت «اليوم السابع» على ورقة تفصيلية أرسلتها لنا إحدى هذه الشركات، على اعتبار أننا زبائن، نرغب فى التعرف على أجهزتها، عرفنا منها اختلاف أحجام كاميرات المراقبة والتسجيل، بما يتيح إخفاءها فى أى مكان، نظرا لأن منتجى هذه الكاميرات تفننوا فى صناعتها بأشكال ساعات، أو أزرار ملابس، أو أقلام، أو نظارات شمسية.
يقول أحد باعة هذه الأجهزة بمنطقة إمبابة، رفض ذكر اسمه: هناك ساعات مثبت بها كاميرات خفية يصل سعرها إلى 500 جنيه تصور لمدة ربع ساعة فيديو وتلتقط 50 صورة، وكاميرا أخرى مثبتة فى «زرار» تصور 3 دقائق، ولا تلتقط صورا فوتوغرافية، وتعمل بمجرد لمسها ويصل سعرها إلى 350 جنيها، وأخرى مختفية فى شمسية تثبت بالرأس، يستخدمها الحجاج والمعتمرون لتصوير مشاهد الحج والعمرة، ويصل سعرها إلى 150 جنيها، وأخيرا النظارة الشمسية وتصور 3 ساعات فيديو وتلتقط 1000 صورة، وسعرها 1900 جنيه، أما فيما يتعلق بجهاز تسجيل المكالمات، فيتم تثبيته فى أى جزء من الشقة، ويعمل على ذبذبات التليفون، ويصل سعره إلى 3000 جنيه.
وعن الدول الموردة لمثل تلك الأجهزة يقول: أشترى هذه الأجهزة من الصين، وتدخل مصر وسط أكسسوارات الدراجات البخارية، التى أقوم ببيعها فى المحل، ومن الممكن أن تدخل بطريقة مباشرة، ولكن عن طريق الجهات الأمنية، وتكون من ألمانيا واليابان، ومن السهل بيعها على الأرصفة فى الشوارع خارج المحال، مثل شارع «عبدالعزيز» فى العتبة ونفس المحال، التى تبيعها تعرض أيضا الصواعق الكهربائية، ضمن الأجهزة اللازمة للدفاع عن النفس ضد محاولات البلطجية للسرقة أو التحرش.
ونص قانون العقوبات المصرى فى مادته 309 عام 1972 بأنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عام كل من يقوم بتسجيل أو نقل أسرار وخصوصيات الأفراد واقتحام حياتهم الشخصية خلسة، ولكن مع تطوير الأجهزة التكنولوجية المعنية بالتنصت والمراقبة، أصبحت العقوبة من وجهة نظر رجال القانون لا تكفى، وهذا ما دفع أحدهم لتقديم مشروع قانون فى 2010 بعقوبة من تثبت إدانته فى استيراد أو ترويج أو استخدام تلك الأجهزة المهربة من الخارج بالحبس سنتين، ومصادرة الأجهزة التى يتم ضبطها وتجريم استخدامها ومعاقبة مستخدميها وبائعيها.
يقول المحامى والقانونى مختار نوح: أجهزة التنصت منتشرة، وإذا تحدثنا عن القانون فى هذه الجزئية تحديدا فلنتحدث عن القانون الذى تنتهكه الدولة بشكل عام، ولكن فى كل الأحوال لا شك أن إتاحة مثل هذه الأجهزة لدى الشخص العادى تمثل خطورة على أمن البلاد، ولا بد من مصادرتها ومعاقبة بائعيها، لأن قانون العقوبات لا يجيز التنصت على الأشخاص إلا بأذن من النائب العام أو قاضى التحقيق، ولكن نحن- للأسف- فى عصر كل من يريد شيئا يفعله ومن ظواهر الدول المنهارة الأسلحة المبيعة دون تراخيص، وأجهزة التجسس على العائلات والأفراد.
أما اللواء رفعت عبد الحميد، الخبير الأمنى، فأكد أن أعمال التجسس مجرّمة فى قانون العقوبات، وإذا ثبت فعليا هذا العمل من أساسه، فقد تصل عقوبته إلى الإعدام، إذا كان التنصت واستراق السمع لصالح دولة أجنبية أو غير معادية، لكن العبرة ليست بالتجريم وإنما بالعقوبة وتفعيلها.
وطالب اللواء سيد عبد الرحيم بوضع قوانين تفصيلية لتجريم بيع وتداول هذه الأجهزة حفاظًا على الحرية الشخصية.
وأضاف أن تداول هذه الأجهزة تزايد بكثافة أكبر بعد الثورة، وزيادتها ستؤدى إلى تنامى الجريمة المنظمة المعتمدة على هذه الأجهزة الإلكترونية الحديثة.
وأكد أنه حتى الأجهزة السيادية فى الدولة لا يسمح لها بالتنصت، أو التجسس على أى مواطن إلا فى حالة وجود أدلة جنائية، ووفقا لضوابط معقدة متعلقة بموافقة القاضى المختص، وموافقة النيابة العامة، متسائلا: «فما بالك لو ترك الأمر للمواطن العادى فى استخدام مثل هذه الأجهزة؟».
وأشار عبد الرحيم، إلى أن هناك نصا قانونيا فى «العقوبات» بمنع استخدام أجهزة التجسس، إلا أنه معطل وغير كاف.
وفى سياق متصل لفت إلى أنه يجب التفرقة بين أجهزة التنصت، والتجسس، وأجهزة الإنذار التى يتم استخدامها كنوع من الحماية للمنازل والشركات وغيرها.
ومن جانبه أكد أحمد حسن، رئيس الإدارة المركزية لجمارك مطار القاهرة الدولى، أن حالات ضبط أجهزة التجسس فى جمارك مطار القاهرة تزايدت بعد الثورة بشكل واضح، لافتا إلى أن ذلك يعود إلى طبيعة الانفلات الأمنى الموجودة، وأوضح أنه قبل الثورة كانت حالات ضبط هذه الأجهزة قليلة إلى حد كبير مقارنة بالوقت الحالى. وقال حسن، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، إن أكثر الدول التى يتم استيراد هذه الأجهزة منها ألمانيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية.
احترس.. «ساعة ونظارة وزرار» أحدث أجهزة التجسس الأمريكية والصينية بالاسواق.. تباع على الأرصفة.. والأسعار تبدأ من 250 جنيها وحتى 3000 جنيه وتدخل بطريقة غير شرعية
الثلاثاء، 11 يونيو 2013 01:53 م