انقطعت الكهرباء فتوقف جهاز التنفس فصعدت الروح إلى بارئها.. ملخص الدقائق الأخيرة لما عاشتها عزيزة محمد داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى معهد البحوث الطبية بالإسكندرية، التى دخلتها لتتعافى من أورام خبيثة ضربت جسدها، وبدلا من أن تحافظ على حياتها، انقطعت عنها الأجهزة لمدة 3 ساعات لم يعمل خلالها المولد الكهربائى لعدم وجود العامل، لتلفظ أنفاسها الأخيرة تحت وطأة ظلام حكومى لا يتبرأ من مسؤوليته ووزارة صحة فاشلة، لم تستطع أن تضع حلولا حازمة لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء.
جولة قامت بها «اليوم السابع» على عدد من المستشفيات الحكومية والخيرية والخاصة فى أحياء القاهرة والجيزة، تكشف تحول الكلمات الرنانة لمسؤولى الحكومة إلى واقع مأساوى يعيشه المرضى.
فى مستشفى الحوامدية العام، يشير العاملون بشكل تلقائى إلى انقطاع الكهرباء اليومى الذى قد يصل إلى ساعتين.
وتقول إحدى الممرضات إن المستشفى يصاب بشلل تام خلال الظلام، قائلة «ننتظر إلى أن يجرى مسؤولو المستشفى اتصالاتهم بوردية الكهرباء لإعادة التيار»، تتغير ملامحها عند السؤال على المولد، لتجيب بسخرية: «هو موجود بس دايما عطلان»، وهو ما يفسره عامل آخر، طلب عدم ذكر اسمه بعدم توافر السولار بشكل دائم وتهالك المولد نفسه، وأمام غرفة نائب المدير، رفض الموظفون الحديث عن الأمر واكتفوا بالإجابة «كله تمام وزى الفل».
أوضاع مستشفى بولاق العام لم تختلف عن مستشفى الحوامدية، فالمستشفى الذى تهدم نصفه منذ ما يقرب من 5 أعوام بحجة تطويره، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وما زالت بقايا روادم الهدم موجودة تطل عليها غرف الفنادق الشاهقة الواقعة خلفها مباشرة، يظل مولدها أيضا مجرد «منظر» أمام الإجراءات الروتينية، بينما تبقى أعطاله المتكررة ناقوس خطر على مرضى المستشفى.
إحدى الممرضات بالمستشفى أوضحت أن المولد لا يغطى كل المستشفى ويقتصر عمله على الحضانات وغرفة العمليات، وأضافت أنه كثير الأعطال ولا يجد الأطباء سوى «الكشاف» لاستكمال عملياتهم فى حال انقطاع الكهرباء أثناء الجراحة، بينما تقف أجهزة التعقيم والأشعة بشكل كامل، وذلك على الرغم من كون المستشفى يخدم القطاع الأكبر من سكان المنطقة.
الوضع نفسه فى مستشفى ناصر العام بشبرا الخيمة الذى يخدم منطقة تتعدى أعداد سكانها أضعاف ما تحتمله إمكانياتها، لتظل تحت ضغط كبير طوال الوقت، يفصل مشهدها الخارجى حطام مبنى لم يتم تطويره أيضا، يقسم بين مبنى قديم يحوى مولدا كهربائيا يدويا، لا يصل عمله إلى المبنى محل الإنشاء، مما يستلزم وقتا طويلا على حد قول أحد الأطباء بقسم الرعاية المركزية للوصول إلى المولد وتشغيله، وهى مدة قد لا يحتملها مريض فى حالة خطيرة.
محمود على طبيب بقسم الرعاية المركزة بالمستشفى يصف أزمته مع انقطاع التيار الكهربائى قائلا: المستشفى لا يوجد به مولد كهربائى بديل، والمولد الوحيد موجود فى المبنى القديم للمستشفى الذى يتم ترميمه الآن وتشغيله يستغرق حوالى ربع ساعة، وهذا يؤثر سلبا على صحة المريض، خاصة إذا كان يخضع لإجراء عملية جراحية دقيقة فلا يستطيع إنقاذه بتوقف أجهزة التنفس وأجهزة التخدير التى يستخدمها قبل العملية، وهو ما أدى إلى قيام أحد الأطباء باستخدام الكشافات الكهربائية على سبيل المثال لاستكمال إسعاف مصاب حادث بشكل مبدئى دون القدرة على عمل أشعة له أو وضعه على جهاز التخدير أو التنفس الصناعى.
تصريحات وزارة الصحة حول الاستعداد الكامل لمواجهة انقطاع الكهرباء على مستوى المستشفيات جاء مناقضا لحوادث الانقطاع التى أدت إلى وفاة عزيزة بالإسكندرية، ومريضة أخرى بنفس المستشفى، وكادت أن تعصف بحياة 10 أطفال داخل الحضانات بمستشفى كفر الشيخ استطاع الفريق الطبى إنقاذهم عن طريق نقلهم إلى مستشفى آخر، فضلا عن تعطل أجهزة الأشعة والقلب فى معظم المستشفيات والتى دخلت على أثرها نقابة الأطباء بمحافظة السويس فى اعتصام، وأدت إلى مناوشات بين المرضى والفريق الطبى فى مستشفى جامعة القناة بعدما تعطل جهاز الأشعة المقطعية لساعات، كما حدث بين مرضى الفشل الكلوى ووحدة الغسيل بمستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية فى ظل التوقف المستمر للأجهزة وتعرض المرضى للخطر.
«الكهرباء والسولار» ينضمان إلى قائمة الأمراض التى تقتل المصريين.. المولدات الكهربائية فى المستشفيات تضربها الأعطال.. والتهالك.. ونقص السولار
الثلاثاء، 11 يونيو 2013 06:20 م