أودع المستشار محمود الرشيدى، قاضى محاكمة القرن المتهم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجليه واللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق و6 مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم بقتل المتظاهرين وإهدار المال العام، حيثيات قرار المحكمة بعدم جواز نظر الدعاوى المدنية.
وقال إن الحكم الصادر فى الادعاء المدنى عقب قضاء النقض فى الجنايتين، إنه بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا لما كان مستقرا عليه قانونا وقضاء أنه وإن كان الأصل بأن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى لمحكمة الإعادة بالحالة التى كانت عليها لتستأنف سيرتها من النقطة التى وقفت عندها قبل صدور الحكم المنقوض، إلا أن حد ذلك ألا تتعرض محكمة الإعادة لما أبرمته محكمة النقض من الحكم المنقوض، وحيث إن المحكمة بهيئة مغايرة، وبعد أن قضت بجلسة 2 يونيو 2012 فى الدعويين الجنائيتين عقبت ذلك بإحالة الدعاوى المدنية المقامة أمامها إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف على سند من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لما ارتأته من أن الفصل فى تلك الدعاوى المدنية المختصة بلا مصاريف على سند من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لما ارتأته من أن الفصل فى تلك الدعاوى المدنية يقتضى إجراء تحقيق، وإذ طعن على القضاء الصادر فى الدعوتين الجنائيتين عن طريق النقض من كل من النيابة العامة والمحكوم عليهما محمد حسنى السيد مبارك وحبيب إبراهيم حبيب العادلى.
وأضاف أنه إذ قضت محكمة النقض بجلسة 13 يناير 2013 بنقض الحكم الصادر فى الدعويين الجنائيتين، والإعادة لمحكمة جنايات القاهرة لتفصل فيهما دائرة جديدة، فأضحى على هذا النحو للقضاء الصادر بجلسة 2 يونيو 2012 بإحالة الدعاوى المدنية للمحكمة المدنية حجية بالنسبة لكافة تلك الدعاوى بالحقوق المدنية، وانحصرت ولاية المحكمة الحالية على الدعويين الجنائيتين المطروحتين فى الجنائتين رقمى 1227 /3642 لسنة 2011 قصر النيل باعتبار أن الدعاوى المدنية بصورها المتعددة قد خرجت من حوزة هذه المحكمة بسبق إحالتهم، ومن ثم فإنه كان يجوز للمدعين بالحقوق المدنية أن يدعوا مدنيا أمام محكمة الإعادة من جديد، لأن ذلك ليس إلا عودا إلى أصل الادعاء الذى سبق وأن قضى بإحالته إلى المحكمة المدنية.
وأضافت الحيثيات أنه يستوى فى ذلك أن تكون تلك المحكمة قد نظرت ادعاءه وفصلت فيه، أو لم تكن قد شرعت فى نظره، فضلا عن أن طبيعة النقض بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل مدعين بالحقوق المدنية لأول مرة فى الدعوى الجنائية بعد نقض الحكم، بما لا تملك معه هذه المحكمة إلا سوى القضاء بعد جوز نظر الادعاء المدنى بكافة صوره أمام هذه المحكمة لمن ادعى بالحقوق المدنية قبل قضاء النقض أو بعده، ولا ينال من ذلك القضاء الطلب المقدم من الأستاذ عبدالعزيز محمد عامر المحامى بصفته وكيلا عن المدعى بالحق المدنى وعمر أحمد شفيق سليم برد المحكمة والمرفق به صورة ضوئية من التوكيل العام الرسمى فى القضية رقم 1949 لسنة 2011 المعادى، فإن ذلك المسطور وإن افتقد من القراءة الأولى لشكل طلب الرد، وآية ذلك ما نصت عليه المادة 250 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه يتبع فى نظر طلب الرد والحكم فيه القواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقد اشترطت الفقرة الأولى من المادة 153 من ذلك القانون الأخير أن يوقع طالب الرد بنفسه أو كيله المفوض فيه بتوكيل خاص وهو ما غاب فى المسطور المقدم من وكيل المدعى بالحقوق المدنية إذا إن الصورة الضوئية المقدمة والمنوه عنها آنفا لتوكيل عام رسمى، وليس بتوكيل خاص يبيح الرد كما أن هذا المسطور تجابهه أساسا القاعدة القانونية المقننة بالمادة 162 مكرر من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والتى تنص على أنه إذا قضى برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله أو بإثبات التنازل عنه لا يترتب على تقديم أى طلب رد آخر وقف الدعوى الأصلية، ولما كان المستقر عليه قضاء أن المشرع قصد من استحداث هذا النص بالقانون رقم 95 لسنة 1979 وعلى نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لذلك القانون من أنه علاج للحالات التى قد يعمد فيها الخصوم إلى تعطيل سير الدعوى الأصلية عن طريق طلبات الرد المتعاقبة، وذلك بأن جعل وقف السير فيها يقع بقوة القانون كأثر لأول طلب رد موجه إلى قاض ينظرها، فإذا قضى فى هذا الطلب برفضه أو بسقوط الحق فيها أو بعدم قبولها، أو بإثبات التنازل عنها، فإن أى طلب آخر بالرد من أى من الخصوم ولو كان موجها لقاض آخر لا يترتب على مجرد تقديمه وقف السير فيها، وإنما يكون وقفها فى هذه الحالة أمرا جوازيا للمحكمة التى تنظر طلب الرد.
ولما كانت أوراق الجناتين محل المحاكمة الجنائية تنطق بأن ذات المحامى كوكيل عن ذات المدعى بالحقوق المدنية تقدم بجلسة 24 سبتمبر 2011 بطلب رد المحكمة بالهيئة السابقة، وقضت محكمة استئناف القاهرة آنذاك برفض طلب الرد، فإن هذا الطلب الثانى بالرد من ذلك الوكيل أو غيره إن وجد، يندرج تحت ما سماه المشرع بالتعمد من الخصوم فى تعطيل سير الدعوى الأصلية بطلبات الرد المتعاقبة، ومن ثم لا يوقف السير فى الدعوى الأصلية إلا قضاء المحكمة المنظور أمامها طلب الرد الثانى بوقف الدعوى الأصلية استنادا لرخصتها الجوازية.
وبعد أن فرغت المحكمة من أعمال المبادئ القانونية المستقرة بقضائها المتقدم فى مجال لادعاء بالحقوق المدنية والمنظور أمامها، إلا أنه لا يغيب عن المحكمة بأن الرحمن قد اصطفاها لتستبين الحق وتسطره فيما بين أبناء.. هم جميعا من الوطن.. فمنهم قلة من شباب الجيل الأطهار الثائرين وضباط وجنود من الشرطة والقوات المسلحة.. ومنهم فاضت أرواحهم إلى بارئها وينعمون الآن فى الفردوس الأعلى وجمع من المصابين سالت دماؤهم الذكية على التراب المقدس ينتظرون منا العدل، ويتساءلون ماذا أنتم فاعلون لنا؟
وفى الطرف المقابل أبناء من الوطن يقفون وراء القضبان يتطلعون لمحاكمة منصفة إليكم جميعا، ومعكم من تشخص أبصارهم لطود العدل بأننا لن نولى وجهنا عن العهد الغليظ الذى قطعته المحكمة على نفسها منذ الجلسة الأولى ألا وهو.. التنقيب للوصول للحقيقة الموضوعية فهى مبتغانا ولن نحيد عنها، ولن نلتفت لصيحات أو ضوضاء، فإعلاء كلمة الحق والعدل نبراسنا فى الدنيا وهما حسابنا فى الآخرة، ونسأل أبناء وطننا جميعا الدعاء لنا بظهر الغيب أن يجرى الخبير العليم بأقلامنا الحكم العدل فى الدعويين الجنائيتين، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بعدم جواز نظر الادعاء المدنى أمام هذه المحكمة.