حكوماتنا العقيمة منذ تولى مبارك الحكم حتى حكومة هشام قنديل، إما أن تعمل على التربح من وراء الأزمات، وإما أن تُزيد من أعباء مصر والمصريين بعدم قدرتها على حل الأزمات.
والسبب إنها لا تبحث عن الحل إلا فى الوقت الضائع أو بعد وقوع الكارثة بالفعل "بعد فوات الأوان" وهذا أكبر دليل على أن حكومات مصر يتم اختيارها بشكل عشوائى فاقد لأدنى المقومات التى تؤهله للمنصب، يتم اختيارها حسب القرابة والمعرفة دون عمل حساب لمكانة مصر وتاريخها ومستقبلها.
أما عن حل الأزمات لدى حكومتنا المصرية فهو يأتى بالتواكل على الله وليس بالتوكل والدراسة والخبرة والسعى، وعندما تعجز الحكومة عن حل الأزمة تماماً وتكتشف أنها أصبحت عاجزة، تتعامل مع الأزمة على أنها أمر واقع وعلى الشعب أن يتقبل ذلك ويتحمل العائد عليه من الأضرار الناتجة عن الأزمة.
كانت حكومات مبارك لها نظرة مستقبلية، وكانت تعلم بما هو أتى من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، ولكنها لا تصل إلى أى حل إلا حل وحيد تم ضخة لجميع وسائل الإعلام المصرى وهو تنظيم الأسرة "ترشيد الإنجاب".
نقص عدد المدارس وزيادة عدد الطلاب فى الفصل الواحد لا حل له إلا حل وحيد وهو ترشيد الإنجاب، نقص المستشفيات وزيادة عدد المرض فى المستشفيات بسبب التلوث الغذائى الناتج عن القمح المسرطن وخلافه لا حل له أيضاً إلا ترشيد الإنجاب، والأمثلة لا حصر لها فى هذا الوطن، والاستنتاج من كل هذا هو أن الحل دائماً لا يأتى إلا من قبل المواطن المنهوب منه كل ما يؤهل إلى الآدمية، الحل من قبل المواطن الذى يعيش على أرضه ويدفع المقابل، وكأنه مستأجِر فى هذا الوطن.
أما حل أزمة الأدوية والمعدات الطبية لها طريقتان، الأولى وهى: حملات التبرع التى تهبط علينا من القنوات فى معظم البرامج التليفزيونية. والثانية طبعاً "ترشيد الإنجاب" رغم أن الأموال المهربة للخارج من قبل رجال الحكومة ورجال الأعمال لا حصر دقيق لها حتى الآن، ولكنها بما لا يدع مجال لأدنى شك تفوق حل جميع مشاكل المحروسة وأبنائها.
وعندما وصلت حكومة النهضة الحالية وجدنا نموا هائلا فى أزماتنا القديمة رغم الوعود بالنهضة والرخاء، إضافة إلى أزمات جديدة تُزيد من أعباء المواطن المهروس على أرض المحروسة وبالطبع بما أنها حكومةً تكفير الإبداع والمبدعين والمتمردين فلم تنتبه لمقولة أرسطو: "اعتبر بمن قبلك، ولا تكن عبرة لمن يأتى بعدك". هذه الحكومة تنهج بنفس الطريقة القديمة ولا حل لديهم إلا نفس الحلول لأن السبب هو نفس السبب، ألا وهو اختيار الوزراء بنفس الطريقة أيها مع فارق بسيط كان الاختيار فى السابق يشمل قاعدة أوسع من الآن كان يشمل الأقارب والأصدقاء والمعارف وأصحاب رأس المال ومن ورائهم مصالح تصُب فى مصلحة العائلة الكبيرة، أما الاختيار الآن فهو لا يخرج عن نطاق "العشيرة".
أزمة انقطاع الكهرباء فى أنحاء مصر تزداد والحكومة جزاه الله بمقدار نوايهم تبحث عن حل وإلى الآن لا حل على أرض الواقع إلا النداء بالترشيد، وكأن دور الحكومة فى البلاد هو النصح والنداء بهذا الحل العبقرى الذى لا حل سواه، ولا معلوم لدى أحد إلى متى تكون حلول كل الأزمات بالترشيد؟. وإلى متى حكوماتنا يكون دورها هو النداء والجلوس فى مكاتب مكيفة منذ التولى حتى دخول السجون أو الاغتيال أو الهروب خارج البلاد؟.
والآن مع أزمة "حياة أو موت" أزمة "حرب المياه" أزمة "الموت الجماعى" أزمة "موت الزراعة فى مصر" الأزمة التى حازت على مئات المُسميات والتى حذر منها مئات المتخصصين منذ سنوات، ومنهم الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير المياه الدولى، الذى قال إن بناء إثيوبيا لسد النهضة وحده سيؤدى إلى نقص حصة مصر من المياه بنسبة 9 إلى 12 مليار متر مكعب فى العام، أما إذا قررت إثيوبيا بناء حزمة السدود كاملة فإن ذلك سيؤدى لنقص ما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب من المياه سنويًا.
وأضاف "القوصى" أن هذا النقص من حصة المياه سيؤدى إلى فقدان مصر 3 ملايين أفدنة من الأراضى الزراعية، وتشريد من 5 إلى 6 مليون فلاح.
وصرح خبراء آخرون بأن سد النهضة سوف يؤدى أيضاً لعجز فى الكهرباء بنسبة لا تقل عن 20% رغم أن الوارد من المياه والكهرباء فى وقتنا هذا لا يكفى حاجتنا.
ورغم كل ذلك حكومتنا الحالية تعتمد على التواكل والدكتور مرسى عندما سُئل فى هذا الملف عندما كان رئيس حزب الحرية والعدالة كان رده هو أن المياه سوف تَزيد ولن ينقص من حصة مصر متر واحد وعندما سُئل كيف؟ سوف نرفع يدنا إلى الله ونقول "يا رب" وسوف ينزل المطر، حل رائع واستراتيجى مدروس ونعم بالله، من الواضح أن الأزمة سوف تزداد وأن إثيوبيا سوف تُكمل السد والسدود وأن الشعب سوف يدفع ثمن صوته الذى يضعه فى الصندوق بشكل عشوائى منذ ثلاثون عام عطشاً وجوعاً ونوم فى الظلام وبعد أن يحدث كل هذا سوف تطلُ علينا الحكومة بنفس النداء يا أيها الشعب الحل لديكم "الحل فى التبرعات والترشيد".
نهر النيل الأزرق
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
saeed
السد العالي الحل