سمعت من قبل عن سياسة العصا والجزرة. وكنت أتصور أنها قريبة فى المعنى من سياسة الثواب والعقاب. ثم اكتشفت معنى آخر يقوم على استحمار الغير. ومكونات هذا المعنى أربعة أشياء هى: الحمار، والعصا، والجزرة، والخيط. حيث يتم ربط العصا فوق رأس الحمار من أحد طرفيها، والطرف الآخر يتم ربط الجزرة فيه بالخيط بحيث تصير متدلية أمام عينى الحمار.
وعندما يضرب الجوع معدة الحمار فإنه يتحرك لالتقام الجزرة حتى يسد جوعته، فتتحرك الجزرة بحركته، فلا هو يلحق بها ليأكلها، ولا يكف عن السير خلفها.
تذكرت هذا المعنى عندما علمت بتصريحات "جون كيرى"، وزير الخارجية الأمريكية، فى كلمته التى ألقاها فى ختام المنتدى الاقتصادى العالمى "دافوس" يوم الأحد 26 / 5 / 2013 م فى الأردن.
فقد قام بوضع الجزرة على رأس السلطة الفلسطينية بإعلانه تقديم البيت الأبيض لـ4 مليارات دولار بهدف تنمية الضفة الغربية وخفض معدلات البطالة بها، خاصة فى ظل القيود المفروضة من جانب قوات الاحتلال على الاقتصاد الفلسطينى، وذلك فى مقابل إبرام اتفاق سلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.
وقد سارع محمود عباس بدحرجة الجزرة بعيداً عن رأسه حين صرح بأن الفلسطينيين لن يقبلوا بالحلول الاقتصادية بديلاً عن حل الدولة الفلسطينية، وأنهم لن يقبلوا بدولة فلسطينية مؤقتة، ولا بدولة ذات حدود مؤقتة.
ولم يفت بيريز التقاط الخيط فذهب إلى القول بأن أفكار كيرى لن تكون بديلاً عن مفاوضات السلام لأن فى المفاوضات مصلحة مشتركة لجميع الأطراف. وأنه يتحمل مسئولية المفاوضات لأنه يفكر فى المستقبل. ولا تستقيم الأمور هكذا، لأن أمريكا قد قدمت عسلاً فهل يستقيم أن تقدم إسرائيل عسلاً هى الأخرى؟! لا يستقيم لأن هؤلاء وهؤلاء لا يقدمون شيئاً مجاناً لوجه الله.
أضاف بيريز، لتصريحاته، أنه يفضل أن تكون دولة إسرائيل دولة يهودية لا ثنائية القومية. هو يزعم أنه يفضل وكأن الأمر محل اختيار وتفاوض. وهذا ليس صحيحاً لأنه يتعارض مع العقيدة اليهودية التى تقضى بأن تكون الدولة اليهودية خالصة، أى خالية من الأغيار.
ولابد من العثور على هيكل سليمان الموجود فى زعمهم تحت المسجد الأقصى حتى يتسنى إقامة مملكة داود كرة أخرى، فيعود المسيح المخلص.. إلخ.
وهذا يعنى ببساطة شديدة أمران، الأول: هو إخلاء إسرائيل من عرب 48، وكذا إخلاء القدس بكاملها من قاطنيها لصالح العائلات اليهودية. وذلك يفسر بناء المستوطنات المستمر منذ احتلال هذه المناطق.
الثانى: البحث عن وطن بديل للفلسطينيين خارج حدود إسرائيل. ولا شك أن هذا الوطن الذى تحلم به إسرائيل ومن ورائها أمريكا لن يخرج عن اختيارين، الأول: هو الضفة الشرقية لنهر الأردن. الثانى: هو سيناء. أو كلاهما معاً. ومن المتوقع أن يطرح كيرى خطته لاستئناف مفاوضات السلام المجمدة منذ ما يرقب من ثلاث سنوات على هذا الأساس خلال الشهور المقبلة. فعلى من يكون الرهان فى ظل حالة الضياع والتشرذم التى يعيشها العالم العربى فى إطار سياسة الفوضى الخلاقة التى تطبقها واشنطن بأيدينا لبناء الشرق الأوسط الجديد لصالح الكيان الصهيونى؟.
هل الرهان يكون على الإرادة الفلسطينية المنقسمة على نفسها فى التمسك بالأرض فى ظل حالة الإفقار والحصار الدائم لهم؟ وإلى متى؟. أم الرهان يكون على إرادة عربية لم تستقل ولم تجتمع فى العصر الحديث؟ أم على إرادة مصرية ربطت فوق رأسها العصا وتدلت منها الجزرة الأمريكية بأيدى قطرية؟.
إن سيناء فى خطر فى ظل حالة التساهل بشأن الأنفاق ووجود عناصر إرهابية من شتى بقاع الأرض بزعم الجهاد. ووجودهم يوفر الذريعة لصناعة حلم الوطن البديل.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
basir
انت مصرى محترم ومخلص
عدد الردود 0
بواسطة:
اليبناوى العطية
مع احترامى للكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
abdelhalim haggag
أسأل الاخ الفاضل حسن زايد " هل يمكن وأد الديموقراطية ؟