لن ترتعد إثيوبيا رعبا عندما تشاهد الصورة التى جمعت الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ووزير الدفاع والداخلية ومدير المخابرات العامة لبحث التعامل المصرى مع سد النهضة الذى بدأت أديس أبابا فى بنائه، فالحكومة الإثيوبية تعلم أن مصر لا يمكن أن تلجأ للحل العسكرى لأنه حل لن يجدى نفعا وإنما سيجلب لمصر المشاكل سواء الدولية أو الاقتصادية.
إذن ما هو المطلوب لمواجهة سد النهضة بما أن الحل العسكرى مستبعد، كما أكد خبراؤنا العسكريون أيضا، أن الحل فى الدبلوماسية التى لها طرق مختلفة، إما بالتواصل المباشر مع المسؤولين الإثيوبيين أو بالالتفاف حول إثيوبيا لإرغامها على احترام حقوق مصر المائية، وربما يكون الخيار الأخير هو المطلوب حاليا وفقا لما يراه مراقبون للمشهد السياسى فى المنطقة، فالحوار مع أديس أبابا لن يأتى بنتيجة سريعة وإنما قد نصل خلاله إلى طريق مسدود، خاصة أن إمكانياتنا الاقتصادية لن تعيننا على تلبية كل مطالب إثيوبيا التنموية والاقتصادية.
الالتفاف يكون من خلال عدة خطوات ربما أهمها الضغط على الدول والجهات الدولية المانحة لكى تلتزم بعدم تمويل أى مشروع على مجرى النيل إلا بعد التوافق مع مصر والسودان، وبالتوازى مع ذلك نستعيد تواجدنا فى منطقة القرن الأفريقى وتحديدا الصومال لأن تجاهلنا لقضية الإخوة الصوماليين منح إثيوبيا قوة كبيرة، لذلك فإن احتضان مصر للملف الصومالى ورقة مهمة لردع إثيوبيا، على أن يقترن ذلك بمساندة حركات التحرر المطالبة بالاستقلال فى منطقة أوجادين الصومالية المحتلة من الجانب الإثيوبى، ولا مانع فى هذا الإطار من زيارة يقوم بها الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، للصومال التى أقرب لنا من تركيا التى زار رئيس وزرائها مقديشيو فى أوائل 2011، وينبغى التأكيد هنا على أن مصر إذا امتلكت أوراقا مهمة فى القرن الأفريقى فيمكنها حينئذ التفاهم مع إثيوبيا. هذا بديل طرحه عدد من الخبراء للتعامل مع إثيوبيا، لكن من وجهة نظرى فإن البديل الأهم لنا كمصريين أن نتجه للجنوب الذى أهملناه، والتوجه هنا ليس قاصرا على الدولة فقط، وإنما يشمل الجميع بما فيها المعارضة ورجال الأعمال وجمعيات المجتمع المدنى، لأن الدولة بمفردها لن تكون قادرة على مواجهة التغلغل الإسرائيلى على سبيل المثال فى أفريقيا لأن اقتصادنا لن يعيننا.. لذلك فإن البديل فى رجال الأعمال.