على مدار 5 أيام متواصلة قضاها أعضاء اللجنة الثلاثية لتقييم سد النهضة الإثيوبى فى توتر نفسى خلال مناقشتهم التقرير النهائى لتقييم السد ومدى تأثيره على حصة مصر من المياه، وبعد 65 ساعة عمل انتهى الخبراء الدوليون والمحليون من صياغة التقرير النهائى الذى تم الاتفاق عليه من قبل الخبراء الدوليين المشاركين فى أعمال اللجنة، كما تم الاتفاق عليه من قبل الجانب المصرى والإثيوبى والسودانى، أيام عددها قليل لكن ساعتها أطول من السنوات قضاها الوفد المصرى فى قلب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تارة بسبب التوتر النفسى الذى قضوه فى المفاوضات للخروج بنتيجة التقرير النهائية، والتى تثبت كافة تأثيرات السد على حصة مصر من مياه النيل، وتارة أخرى بسبب حالة الغليان التى شهدها الشارع المصرى منذ الإعلان عن تحويل مجرى النيل الأزرق.
أما الموقف الذى أثر فى الحالة النفسية لأعضاء الوفد المصرى المشارك فى أعمال اللجنة بشكل كبير كان هو تسرب بعض التقارير المهمة التى تخص القضية، وتناولها بشكل لا يخدم الصالح العام ولا يخدم القضية، وإنما يؤثر على المفاوضات التى ستجرى فيما بعد.
"اليوم السابع" انفرد بأول لقاء مع أعضاء الوفد المصرى عقب عودتهم من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأجرت حوارا فى مطار القاهرة الدولى فى الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم "السبت"، أعضاء الوفد، وقد ظهرت عليهم علامات الإجهاد والتعب والإرهاق، حيث قضوا ساعات عمل طويلة للخروج بالتقرير النهائى الذى ستتحرك مصر على أساسه فى التعامل مع القضية التى تعتبر حديث الساعة كونها قضية أمنى قومى، جميعهم أكدوا أن التقرير النهائى الذى صدر عن اللجنة يخدم المصالح المصرية.
الدكتور شريف المحمدى، رئيس الوفد المصرى، تحدث بشكل دبلوماسى وهادئ فى حواره لـ"اليوم السابع" حول ما جرى فى الاجتماعات وعن اللجنة بشكل عام، دون الإفصاح عن حجم الأضرار التى ستلحق بمصر نتيجة بناء السد، لعدم عرض التقرير النهائى على رئيس الجمهورية، ومناقشته فى اللجنة العليا لمياه النيل.
ويقول المحمدى "بداية أؤكد للمواطن المصرى أنه لا يمكن الحكم على سد النهضة بالسلب أو بالإيجاب حالياً، ولكن حالة الانزعاج العامة التى يعيشها الشعب المصرى منذ تحويل مجرى نهر النيل غير مطلوبة".
وأوضح رئيس الوفد المصرى طبيعة عمل اللجنة الفنية الثلاثية الدولية التى تبحث تأثيرات السد على حصة مصر من مياه النيل قائلاً "إنه من ضمن الشروط المرجعية والمتفق عليها لعمل هذه اللجنة أنها تقدم رأيا علميا فنيا، وتوصياتها بناء على الدراسات التى تقدم، والتى تعتبر هى أساس العمل، فيما يتعلق بتأثيرات السد على حصة دولتى المصب مصر والسودان من مياه النيل، كما أنها تقوم بمراجعة التقارير المقدمة من الجانب الإثيوبى، وتقديم رأيها العلمى فى الدراسات التى تم إجراؤها وأوجه القصور بها، وإذا كان هناك حاجة لإجراء دراسات فى مجالات أخرى من عدمه، ولا تقوم بإجراء أى تعديلات فى التصميمات الفنية للسد، وعلى هذا الأساس تم تقييم آثار السد".
وأشار المحمدى إلى أن الوفد المصرى المشارك فى أعمال اللجنة غادر قبل إعلان إثيوبيا عن تحويل مجرى نهر النيل بيوم فى أثناء وجود الرئيس محمد مرسى هناك لحضور فاعليات القمة الأفريقية، لافتاً إلى أن مصر كانت تعلم بقرار إثيوبيا بتحويل المجرى، وهى الخطوة التى كانت ستجرى فى شهر نوفمبر، والوارد إجراؤها فى أى وقت، إلا أنه تم إجراؤها فى هذا التوقيت ليتزامن مع احتفالاتهم بذكرى العيد القومى.
وأكد الخبير المائى أن تحويل إثيوبيا لمجرى نهر النيل فى هذا الوقت تم فهمه بشكل خاطئ، بسبب إجرائه فور عودة الدكتور محمد مرسى من إثيوبيا، على الرغم من أنها كانت ستحدث باعتبار أنها إجراء هندسى وخطوات أولية فى عملية بناء السدود.
وأوضح رئيس الوفد المصرى، أن تحويل المجرى كان جزء من الخطة الإثيوبية التى كانت تعلمها اللجنة الدولية لتقييم السد، لكن بعض وسائل الإعلام تداولتها بشكل أساء الفهم لدى المواطن المصرى، ونتجت عنه حالة الغليان فى الشارع لدينا، وهو ما سيؤدى إلى استكمال أعمال اللجنة، حيث لاقى هذا الغضب حالة "استغراب" لدى أعضاء اللجنة لأخذ الأمر بهذا الشكل فى الشارع المصرى، وتناوله فى بعض وسائل الإعلام.
وقال المحمدى، إن اللجنة الثلاثية كانت فرصة جيدة لتكوين رأى علمى حول السد بشكل كامل، مشيراً إلى أنها وُفقت فى عملها وصدر عنها تقرير نهائى بعد مناقشات طويلة عن السد يوضح مدى تأثيراته الكلية، رافضاً الإعلان عن نتائج التقرير الفنية لعدم حدوث مشاكل، لكن سيتم تقديم هذه التقارير لحكومات الدول الثلاث، لاتخاذ الطريقة المثلى والقرار الصائب نحو كيفية التحرك، والتى ستكون مبنية على أساس علمى باعتبار الفوائد والأضرار التى يمكن أن تقع على كل دولة.
وأشار إلى أن أعضاء اللجنة قاموا بزيارة أخيرة لموقع السد، قائلاً إن "موقع السد كبير جداً وبه مجموعة كبيرة من العاملين يقومون بتكسير الصخور الموجودة فى موقع السد"، كما أكد أن هناك عددا من المشاكل فى الإنشاءات.
وأكد أنه لا يمكن لمصر أن تأخذ قرارا فى الوقت الحالى بكيفية التحرك، سواء بالتفاوض أى بأى صور أخرى إلا بعد تسلمها التقارير النهائية حول نتائج عمل اللجنة، وبعدها دراسة نتائج التقرير من قبل الخبراء المصريين، ثم يتم اتخاذ القرار النهائى.
وأضاف المحمدى أن جميع الدراسات التى تم تدولها فى وسائل الإعلام على مدار الأيام الماضية حول تأثيرات السد على حصة مصر من مياه النيل وانخفاضها، وتأثير ذلك على مجريات الحياة فى مصر وتأثر البيئة البحرية والنهرية، وكذلك الأضرار التى ستلحق بالحياة فى مصر جراء هذا التغيير، سواء ببوار الأراضى الزراعية، وتشريد ملايين الأسر التى تعتمد بشكل أساسى على الزراعة أو انخفاض الكهرباء المولدة من السد العالى، وجميع هذه الدراسات ملك لأصحابها الذين قاموا بإجرائها، وبالتالى فهى غير صادرة عن اللجنة، ولا تمت لها بصلة، أما عن التقارير التى تم نشرها على مدار عمل اللجنة ونسبت إليها فهى غير صحيحة لأن اللجنة وقتها لم تكن قد انتهت من التقرير النهائى، وأنها كانت بكامل أعضائها فى إثيوبيا، لذلك فهى تبدى استيائها من نسب هذه التقارير إليها معتبرة أن مثل هذه التقارير ليست فى الصالح المصرى، بل إنها قد تضر بنا.
وأكد أن هناك مشروعات ربط كهربائى بين مصر والسودان، وهى صورة من صور التكامل الاقتصادى بين البلدين، وقد تمت دراستها جيداً، وتمضى الدولتان فى بنائها، مشيراً إلى أنه تم عقد اجتماع ثنائى بين خبراء الكهرباء فى مصر والسودان بالقاهرة الأسبوع الماضى، بحضور وزيرى الكهرباء المصرى والسودانى، لبدء إعداد برنامج زمنى لتنفيذ مشروع الربط الكهربائى وتحديد مساراته.



