"الذاكرة المُلهِمة".. كتاب يوثق فعاليات الملتقى التربوى العربى

الخميس، 09 مايو 2013 03:51 ص
"الذاكرة المُلهِمة".. كتاب يوثق فعاليات الملتقى التربوى العربى غلاف الكتاب
كتبت بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوثّق كتاب "الذاكرة المُلهِمة" الحواراتِ والندوات واللقاءات التى تضمّنها برنامج "حكايا" الذى نظمه الملتقى التربوى العربى الأردن*، ومركز "جنى" (لبنان)، خلال الفترة 19-21 أيار 2011 فى "حريصا" بلبنان، بهدف تطوير فهمٍ عميق للمبادرات الريادية التى تُلهم الذاكرةُ فيها الإنتاجَ الثقافى، وإنتاج أدوات تعليمية تفاعلية، والمحاولة بشكل جماعى لفهم وإدراك المعانى والتجليات المختلفة للذاكرة المُلهِمة، إضافة إلى تطوير رؤيا مشتركة ومتجددة للعمل مستقبلاً فى هذا المجال.

ضمّ اللقاء الذى ركز على التجربة الفلسطينية، زهاء أربعين مشاركاً من ثمانى دول هي: الأردن، فلسطين، لبنان، مصر، تونس، سوريا، فرنسا وجنوب إفريقيا، وكان المشاركون من النشاطين فى مجالات متعددة، من مثل: التعلم، الفن، الثقافة، والقاسم المشترك بينهم هو أنهم جميعاً يتخذون من الذاكرة المُلهِمة أساساً لعملهم.

أشتمل الكتاب على نصوص الأوراق التى قُدمت خلال اللقاء، وملخص للعروض الشفوية للمتحدثين، وعدد من المداخلات المتعلقة بالتجربة، أو بإعادة تعريف الكلمات.

المقدمة التى كتبتها الناشطة الثقافية سيرين حليلة، تقدم للقارئ رؤية متكاملة عن اللقاء وواقع الجلسات النقاشية والحوارية، مستذكرةً أحد المشاركين فى اللقاء وهو غسان الشهابى مدير دار "الشجرة" للنشر الذى اصطادته رصاصة قناص فى مخيم اليرموك بسوريا خلال الأحداث التى تشهدها البلاد هناك.

وكتب توطئة الكتاب منير فاشه، مؤسس مؤسسة تامر للتعليم المجتمعى والملتقى التربوى العربى، وفيها يقول: "نحن الآن فى بداية عصر جديد، أبطاله هم الشباب العربى الذى بدأوا (حركتهم الروحية) من تونس، ثم تجلت هذه الحركة بشكلها الإنسانى الرائع فى القاهرة والإسكندرية"، مؤكداً أن ما يحصل فى العالم العربى هو "حركة روحية" لمستْ قلب وعقل وروح كل طفل وشاب وشيخ فى وطننا العربى، فلم يتسنَّ لحركة فى تاريخ البشرية أن تحرز ذلك. لذا فإنه يدعو إلى التفكير بطريقة تمكّننا من "الإسهام فى تعميق هذه الروح وحركتها الجميلة".

وفى "إعادة تعريف الكلمات"، يروى ماهر شريف، مؤسس مبادرة "يدوية"، حكايته مع الثورة المصرية التى عاش أحداثتها وشارك فيها، ويوضح أن حى "كرموز" الذى يعيش فيه بالإسكندرية شهد مسيرات وإضرابات واعتصامات قادت إلى انسحاب الشرطة منه، حيث قام أهالى الحي، مسلمين ومسيحيين، بتنظيم الحياة فيه، يؤمّنون الحماية للناس ويديرون البيع فى السوق، حيث التزم الجميع بالقوانين والأنظمة التى وُضعت بالاتفاق بينهم.

ويتابع شريف فى هذا السياق: "كنت أسأل نفسى: من أين لهم كل هذه الخبرة كى يتمكنوا من تجاوز أصعب مرحلة واجهتها مصر؟ فأيقنت نتيجة ذلك، أن الناس بإمكانهم إدارة شؤونهم بعيداً عن السلطة أو الشرطة، أو غيرها من مؤسسات الدولة. الأهالى هم الذين فعلوا كل شىء، ووسط ما نعيشه، يصبح الأهالى هم القيمة الأساسية الأولى والأخيرة".

أما الكاتبة والباحثة الفلسطينية فيحاء عبد الهادى، فتعرّف كلمة "سياسة" من واقع حياة الناس، حيث يبدو المصطلحُ - ككلمة مجردة - عصيّاً على تقبُّل الناس له وفهمهم معناه. لكن وفيما يروى الناس قصصاً بسيطة من حياتهم، يتضح للمرء أنهم على صلة بالمصطلح وأنهم يمارسون السياسة بمعناها العميق والشامل.

وتقدم الفلسطينية الناشطة فى مجال العمل الأهلى هيفاء الجمال، قصة بحثها الخاص عن معنى شعار "وحدة، إرادة، فكر، وعمل"، من خلال تجربتها التى عاشتها أثناء الاجتياح الإسرائيلى التى وجدت فيه أنها تقف وجهاً لوجه مع "إسرائيل"، وفيها اختبرت معنى الشجاعة والقوة التى تمكّن الفرد الخروج من الأزمة.

وفى تعريف معنى "الرخاء"، تؤكد القاصة والروائية المصرية نورا أمين، "عدم الجدوى فى تعريف مصطلح خارج قاموس حياتنا"، متسائلةً: "هل يجب علينا كتابتها ونحن لا نعرف معناها ولم نعشه!".

أما سيرين حليلة، فتعرِّف "الاحتراف" من واقع تجربتها فى الرقص مع فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، مؤكدة: "وجدتُ أن تجربتى تقول لى إن الاحتراف هو أن تكون محترفاً بعملك -أى إتقان العمل- دون أن يكون للأمر، بالضرورة، علاقة بتقاضى الأجر".

وحول تعريف كلمة "كاسرة"، ترى مديرة مركز الفنون الشعبية الفلسطينية إيمان الحمورى، أن هذه الكلمة كانت توصَف بها الفتاة الناشطة فى مجال العمل الميدانى، أما الرجل فكان يوصف بـ"القوى"، قائلة: "كان ذلك، وما يزال، يزعجنى، لأن كلمة (كاسرة) فيها معنى سلبى، بينما وصف الرجل بـ(القوى) فهو مصدر اعتزاز وافتخار".

"ثق بنا" مصطلح يعرّفه الناشط الفلسطينى عبد السلام نخلة بقوله: "تعلّمتُ المعانى المختلفة لهذه الكلمة من ابنى الصغير، فهنالك إعلان لشركة تأمين يقول: (ثق بنا، أنت هنا فى أمان). فسألنى ابنى: ماذا يعنى ذلك؟ فبدأت أشرح له، وحين انتهيت سألنى عن قريب لى يُسْجَن دائماً وقال: لماذا لا يكون قريبنا معهم إذا؟! ومنذ ذلك الوقت بدأت انتبه إلى دعايات الراديو مثلاً التى لا تحترم بلغتِها الناسَ، كأن تسمع دعاية تقول: (ضلك احكى لَينشف ريقك)، وهكذا بدأت أشعر مع الإعلانات كيف أن الإنسان كائن مخدوع".

فى باب القصص الشخصية يروى الحكواتى والناشر التونسى عبد الرزاق كمون، حكايته مع "الحكاية"، مؤكداً أن منجم حكاياته تَشكَّلَ من أكثر من مصدر: حفيدة عمة والده "آسيا"، و"الكتّاب"، وجدّه، وحلقة الفداوى، والحكّاء التونسى الشهير عبد العزيز العروى.

من جهتها، تحكى الكاتبة والباحثة الفلسطينية فيحاء عبد الهادى عن "شهرزاد الفلسطينية"، التى عاشت وقائع الاجتياح الهمجى "الإسرائيلى" لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية فى 3 نيسان 2002. بينما يقدم مدير مركز "نوى" نادر جلال، حكايةً على شكل أبيات من "العتابا"، يؤكد فيها أن الذكرى الماضية هى التى تُلهم الإنسانَ الحكاية.

أما الفنان التونسى رؤوف كراى، فيروى حكايته مع "الصدفة" التى قادته للالتقاء بأحد أفراد عائلة صديقة له بعد أن انقطعت أخبارها عنه لفترة طويلة من الزمن. ويحكى منير فاشه قصته مع الصداقة. ويقدم الفنان المصرى حسن الجريتلى، مؤسس فرقة "الورشة" المسرحية، حكاية بعنوان "اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى" وتدور أحداثها فى ميدان التحرير بالقاهرة أثناء الثورة.

إلى ذلك، كتب فى باب القصص الشخصية أيضاً: الناشط فى مجال التصوير والإخراج محمود زيدان حول "عازف البيانو وياسين الحاج"، والمتخصص فى علم الآثار الباحث الفلسطينى عادل يحيى عن "استغلال المكان"، فيما قدمت فيحاء عبد الهادى نصاً حول "حكاية جفرا"، والفنان الفلسطينى معتز الدجانى (مؤسس مركز المعلومات العربى للفنون الشعبية "جنى") عن "اجتياز الحدود.. تجارب ألهمتنى".

كما يضم الكتاب تجارب ثرية وفارقة لعدد من المبادرات التى كانت فاعلة ومؤثرة فى مجتمعاتها المحلية وفى محيطها الأعم أيضاً، ومنها: "متحف الذاكرة السادسة" فى جنوب إفريقيا، مشروع "المؤرخين الشفويين الصغار" فى برج البراجنة بلبنان، فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، مركز المعمار الشعبى "رواق"، مركز "نوى" لتطوير الاهتمام بالموسيقى، فرقة "الورشة" المسرحية، بالإضافة إلى مبادرات فردية حققت نجاحا وتغييراً فى مجالات الموسيقى والكتابة والتصوير الفوتوغرافى والأفلام وتوثيق الحكايات بالصوت والصورة.

يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية فى مجال البحث والتوثيق للذاكرة المُلهِمة التى هى أساس الإبداع المغاير والفارق، ويتميز الكتاب بقطعه الورقى الذى يسْهُل تصفحه، وبإخراجه بالاعتماد على خطوط يدويه للفنان ماهر شريف، وعلى رسوم وتخطيطات مبدعة للفنان رؤوف كراى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة