محمود الأبيدى يكتب: ياليتنى قدمت لحياتى

الثلاثاء، 07 مايو 2013 03:31 م
محمود الأبيدى يكتب: ياليتنى قدمت لحياتى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلمات سيقولها الإنسان وقت العرض على المحكمة التى لا ظلم فيها ولا جور، أمام المحكمة التى سيكون القاضى فيها هو العدل جل جلاله وعز جاهه وعظم سلطانه، أتوقف اليوم مع حضراتكم فى تخيل للموقف والمشهد قبل أن نصير إليه.

عن ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجل وهو يعظه، (اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك).. رواه الحاكم.

الإنسان لن يظل متمتعاً بشبابه إلى أرذل العمر، وإنما هو كالنبات، (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً)، والله يبين ذلك فقد قال تعالى، (والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيد كم فيها ويخرجكم إخراجا) لذلك لا بد أن تقف على حقيقة هذه الحياة ولا تغتر بها وتشغلك عن الهدف الأسمى الذى من أجله خلقت، وهو الرجوع إلى الله قبل فوات الأوان.

واحذر أن تعق يومك وتظلم نفسك، فأنت أحوج إلى كل لحظة من عمرك، وكما قيل، ليس المصاب من فارق الأحباب، إن المصاب من فقد الثواب.

إننا نمر فى هذه الدنيا بمراحل كثيرة ومتنوعة، والإنسان كالوردة لا بد أن يذبل، وكل يوم هو فى حال، فمن صحة وعافية إلى سقم، ومن فرح إلى حزن، ومن اجتماع إلى فرقة، تلك هى سنة الله فى خلقه.

ما أحوجنا إلى كل اللحظات فى حياتنا الأولى لنجمع زاداً كثيراً، قبل أن يأتى (يوم لا ينفع مال ولا بنون)، وقبل أن تتحسر وتقول (يا ليتنى قدمت لحياتى)، هلم بنا نقدم من الصالحات وفعل الطاعات والعبادات ونتسابق فى فضائل الأعمال منتفعين بقول الله سبحانه وتعالى، (وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).

أعلم أن الأيام ستنقضى لكى يجد المرء نفسه أمام الله فى موقف خطير سيسأل فيه عن كل شيء فعله فى هذه الحياة، وعن كل لحظة قضاها؛ تأمل قول القائل: "دقات قلب المرء قائلة له، إن الحياة دقائق وثوانِ، فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها، فالذكر للإنسان عمر ثانِ، تذكر الحساب ودقته، والموت وسكرته، والقبر وضمته، فلا تقنط من رحمة الله، وأكثر من الاستغفار، وهو طلب المغفرة منه سبحانه وتعالى، ثم التوبة إليه (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه).

قدموا لحياتكم شيئاً وقت الحساب لتعيشوا حياة هادئة مطمئنة وتنعموا باستقرار وأمن وأمان، واسمحوا لى استعرض اليوم أربع خطوات نستطيع من خلالها أن نقدم لحياتنا: أولاً التخطيط: التخطيط هو عملية تجميع المعلومات، وافتراض توقعات فى المستقبل من أجل صياغة النشاطات اللازمة لتحقيق الهدف، ويمكن أن نقول إن التخطيط هو نوع من "ارتكاب الخطأ على الورق" أى قبل الشروع فى التنفيذ، وحين نفشل فى التخطيط فإننا خططنا للفشل.

إن الله تعالى خلق الخلق لغاية عظيمة، ألا وهى غاية العبادة لله تعالى، قال الله تعالى: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) وهذه الغاية العظيمة (العبودية) أمرنا الله تعالى بتحقيقها فى جانبين:
الجانب الأول: فى الذات، كما دلّت عليه الآية السابقة ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )، والنفس أولى المخلوقات بالبذل فى سبيل تحقيق العبودية فيها.

الجانب الثانى: فى الآخرين، وهو من مقاصد عمارة الأرض فى قوله: ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ أن رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ 61 ) سورة هود،
وعلى هذا الوجه أمرنا أن نعمر الأرض ( أن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ).

وهاهنا يجب أن أضرب مثلاً واقعياً حدث بالفعل أمر الله تعالى فيه أحد عباده بل وأنبياءه وهو نبى الله نوح عليه السلام أن يُخطط واستجاب ففعل وصنع سفينة نوح عليه السلام فى بلدة ليس بها بحر؛
س1/ ما هدف التخطيط فى هذه الحالة ؟
الهدف: نقل مجموعة من الكائنات الحيّة إلى مكان آخر.
س2 / لماذا كان هذا الهدف ذا قيمة ؟ لأنه يحافظ على استمرار الحياة والعبادة على الأرض
س3 / من القائم على التخطيط ومن المستفيد منه ؟ النبى نوح عليه السلام ومن آمن معه، ومجموعة أزواج من المخلوقات.
س4 / كيف سيتم تحقيق هذا الهدف ؟ باستخدام وسيلة نقل بحرية.
س5 / متى سيكون العمل أو الحدث أكثر فاعلية ؟ عند بداية الفيضان مباشرة.
س6 / أين سيكون النشاط أكثر فاعلية ؟ فى ضاحية شرقى المدينة.
س7 / ما تكاليف العمل من موارد بشرية ومالية وزمنية ؟ أن يتفرغ نوح عليه السلام وعدد من المؤمنين للعمل التطوعى لفترة أسابيع عدّة وبذلك لن تزيد النفقات عن ثمن المواد المطلوبة لبناء السفينة.
س8 / ما المنفعة التى ستتحقق من هذا العمل ؟ عمارة الأرض بالحياة البشرية والحيوانية الخاضعة لله سبحانه وتعالى.

ثانياً: التضحية وهى كلمة رائعة وجميلة تحمل فى طياتها الكثير من الحب والكثير من الصدق والشيء الكثير من المشاعر النبيلة تجاه من أحببنا، لكى نعيش لابد أن نرى علامات الفرح والسرور والرضا فى عيون من نعرف ومن لا نعرف، لذا لابد من تقديم جزء ولو يسير من التضحية، فمتى ما وجدنا من يشاركنا أفراحنا وأحزاننا ومن يضحى من أجلنا نشعر بالكثير من الفرح والكثير من السعادة والتضحية للآخرين معنى كبير قال عنه القرآن [ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة]، وأعظم التضحيات من وجهة نظرى هى التضحية من أجل بناء الوطن وهذا ماتحتاج إليه مصر فى المرحلة الراهنة.








مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

الله يبارك لك ..................يا محمود !!...............مقالة ممتازة !!

فوق !!

عدد الردود 0

بواسطة:

نشأت زارع خطيب بالاوقاف

مستنير يامولانا

عدد الردود 0

بواسطة:

علي العتابي

بوركت يا أبيدي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة