د.محمد فؤاد منصور يكتب: سيناريو قديم للنظام الجديد

الثلاثاء، 07 مايو 2013 11:07 ص
د.محمد فؤاد منصور يكتب: سيناريو قديم للنظام الجديد الرئيس محمد مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أسوأ ما يصاب به حاكم أن يطمئن إلى أن أحداً لا ينازعه حكمه، وأن أمن الكرسى مستتب وكل شيء على ما يرام، هذه الحالة قد أصابت "مبارك" فى العشر سنوات الأخيرة من حكمه على الأقل، فبات يظن أن البلاد تسير بالدفع الذاتى وأن حاشيته التى انتقاها على عينه وعين ولده ممسكة بزمام الأمور، وصدّق أكذوبة أن الشعب راضٍ عن حكمه، بينما هناك حالة من الغليان تنتاب الشعب المصرى الذى صار كوحش جريح ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض، وتخليص البلاد من ديكتاتورية أمنية استمرت ثلاثين سنة متصلة.

حالة الغليان وحدها لم تكن كافية لإحداث انتفاضة كالتى حدثت فى الخامس والعشرين من يناير، فقد تعود مبارك على غليان شعبه ووصل إلى قناعة مؤكدة أن هذا الشعب لايعجبه شيء، ومن ثم فالغضب الشعبى لم يكن يؤخذ كعامل مهم ينبغى أن يضعه نصب عينيه، وأن يحاول تخفيف الضغط بحيث لا يؤدى إلى الانفجار الذى حدث بالفعل نتيجة المكابرة والتجاهل.

لكن حالة التجاهل هذه لم تكن وحدها هى التى أشعلت فتيل الثورة المصرية، بل فى اعتقادى أن المفجر الحقيقى للثورة كانت عملية التزوير الفاضحة فى انتخابات مجلس الشعب التى تبجح فيها أحمد عز، وأسقط جميع من لايدينون بالولاء لمبارك ورجال حاشيته.

إن تزوير الانتخابات فى بلاد العالم الثالث عملية تكاد تكون روتينية ومعروفة، أما فى مصر فكانت تمضى فى كل العصور السابقة بشكل سلس ودون أن يتوقف عندها أحد، أما لماذا؟، فلأن المزورون فى كل العصور السابقة كانوا فى الواقع يكرسون لنتيجة حتمية محسومة لصالح الحكم ورجاله حتى دون إجراء انتخابات، فالتزوير فى الواقع كان يجرى فى النتائج النهائية التى تتحول فيها النتيجة من 55% إلى 95% دون أن يستهجن أحد ذلك.

فى آخر برلمانات مبارك كانت المهمة أكبر، وهى الإعداد للخطوة الأخيرة فى مشروع التوريث فجاء التزوير فاضحاً بشكل غير مسبوق، إذ تم إقصاء كل من لا يروق لمجموعة التوريث بقيادة أحمد عز، وزكريا عزمى، فخسر فى الانتخابات أصحاب العصبيات الذين لا يمكن أن يخسروا فى أية انتخابات حتى لو اتسمت بنزاهة لا تتجاوز الأربعين فى المائة، هنا كانت السقطة الكبيرة لمبارك وعصابته، استهان بإرادة الشعب فاستهان الشعب به وخرج عن بكرة أبيه يهتف بسقوطه حتى خلعه عن كرسيه.

المشهد السياسى هذه الأيام يؤكد أن نظام الحكم الحالى لم يستفد شيئاً من أخطاء مبارك، فنفس الخطوات تقريباً يتم تطبيقها بتغييرات طفيفة فى السيناريو، فالإعداد هذه المرة هدفه بقاء الإخوان إلى ماشاء الله، عن طريق بث رجالهم فى كل أجهزة الدولة الحساسة بنفس أساليب مبارك ورجاله، وربما بكفاءة أقل ليضمنوا سيطرتهم على العملية الانتخابية وبقاء الحكم فى قبضتهم، مع تجاهل كل الأصوات المعارضة واعتبارها قلة مندسة أو منفذون لخطط تقودها أصابع خارجية، مع صم الآذان عن كل احتجاجات فى الشارع أو أى مطالب ترفعها المعارضة، مع هجوم شرس على الإعلام والإعلاميين لأنهم يسلطون الضوء على أخطاء النظام الذى قرر البقاء مهما ارتفع من أصوات أو سقط من شهداء.

ناقوس الخطر يدق هذه المرة بعنف أكثر من المرة السابقة، فالسيناريو القديم تتكرر مشاهده أمام كل الناس، دون أن يفطن صاحب القرار إلى أنه لا يمكن استغفال الشعب من جديد، مهما تخفى الممثلون الجدد وراء اللحى والجلابيب.









مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة