بدأت نظرة التدخل الخارجى تتجمع فى سماء سوريا بعد عامين ويزيد من الصراع المسلح المتأجج بين نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه فى بلد لا يتجاوز عدد سكانه ثلاثة وعشرين مليون نسمة، قتل أكثر من ثلاثين ألف شخص، إضافة إلى نحو مائة ألف من المفقودين غالبيتهم فى حكم الأموات، وجرح مئات آلاف أغلبهم صارت لديهم عاهات أو تشوهات دائمة، وهناك مئات آلاف المعتقلين والمطلوبين، وطبقا لتقديرات المنظمات الدولية، فإن عدد النازحين داخل سوريا بلغ نحو ثلاثة ملايين نسمة، وعدد اللاجئين إلى دول الجوار يزيد عن نصف مليون شخص.
روسيا، الحليف الدولى الأكبر لسوريا، أعربت عن قلقها الشديد بسبب وجود مؤشرات على تحضير الرأى العام العالمى لتدخل عسكرى محتمل فى سوريا، وكان من ضمن تلك المعطيات كثرة حديث الرئيس الأمريكى باراك أوباما على الوضع فى سوريا، استخدام الأسلحة الكيماوية، اللقاءات والمشاورات بين مسئولين عسكريين من دول مؤيدة للتدخل، مجازر فى حق مدنيين فى سوريا واتهام دمشق بارتكابها، وأخيرا الهجمات الإسرائيلية على أهداف فى سوريا ،كذلك الصين، الحليف الثانى لدمشق، أعربت عن رفضها لأى تدخل خارجى فى سوريا ودعت إسرائيل لاحترام سيادة الدول.
كما أن إيران، الحليف الإقليمى الأول لدمشق، نفت أن تكون المواقع السورية المستهدفة مخازن لصواريخ إيرانية مرسلة إلى حزب الله، وحذرت بدورها من مغبة توسيع الصراع فى سوريا وانتقاله إلى فضاء أوسع.
زعيم حزب الله حسن نصرالله كان قد حذر قبل الهجوم الإسرائيلى بأن سوريا لن تترك وحيدة ولن تسقط على أى حال.
فى المقابل وفى ظل التوتر بالحدود الشمالية وإغلاق المجال الجوى ونشر بطاريتين من "القبة الحديدية" فى أعقاب تلويح سورى بحق الرد على القصف الإسرائيلى على أهداف بدمشق، طمأن مسئول عسكرى إسرائيلى، أمس الاثنين، أنه ما من نذر حرب تلوح فى الأفق.
تصريح المسئول الإسرائيلى وكأنه يبدو متأكدا من عدم وجود نذر حرب من الممكن أن تشنها سوريا على إسرائيل يطرح العديد من علامات الاستفهام حول ثقة إسرائيل من عدم اندلاع حرب، ولا مانع أن يزعم أحدهم أن هذه الضربة تمت بطلب من نظام الأسد المقرب لإسرائيل لكى تُكسب الأسد تعاطفا شعبيا ولكى يروج أن إسرائيل تدعم الثوار، وبالتالى ينقلب الرأى العام على المعارضة السورية لتحالفها مع إسرائيل.
وفى نفس الوقت دفعت الغارة الإسرائيلية على سوريا النواب الجمهوريين إلى تكثيف ضغوطهم على الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالتدخل فى سوريا، نظرا لأن الوضع فى سوريا لم يعد محتملاً، كما أن الغارات الإسرائيلية أثبتت ضعف حجة من يحذرون من قوة الدفاعات الجوية لنظام الرئيس بشار الأسد، وفقا لتصريحات السيناتور الجمهورى جون ماكين.
ووضعت الإدارة الأمريكية عدة سيناريوهات لتدخلها فى سوريا إما بإرسال قوات برية، أو تزويد المعارضة بالسلاح أما اللجوء إلى استخدام المقاتلات والصواريخ للقضاء على القوة الجوية للأسد عن طريق تدمير مقاتلاته ومدرجات الإقلاع ومنصات الصواريخ ومواقعها، وهو الخيار الأكثر واقعية، ومن ثم القضاء على الأسد نظامة.
أجواء تنذر بالحرب وأخرى توحى بالتهدئة وتصريحات مهددة يتلوها تصريحات مطمئنة بينما تواصل عقارب الصراع فى سوريا حرجتها وهى تحصد أرواح مزيد من السوريين وتدمر سبل حياتهم.