عصام الحداد: مصر تتبنى توجها جديدا لإعادة بناء العلاقات المصرية الأثيوبية يرتكز على مبدأ الشراكة فى التنمية.. ونتمسك بمبدأ عدم الإضرار بأى من الأطراف كنتيجة لمشروعات تنموية حالية أو مستقبلية

الخميس، 30 مايو 2013 05:28 ص
عصام الحداد: مصر تتبنى توجها جديدا لإعادة بناء العلاقات المصرية الأثيوبية يرتكز على مبدأ الشراكة فى التنمية.. ونتمسك بمبدأ عدم الإضرار بأى من الأطراف كنتيجة لمشروعات تنموية حالية أو مستقبلية الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للشئون الخارجية
كتبت- نور ذو الفقار ويوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقال له بعنوان الشراكة فى التنمية: ركيزة للعلاقات المصرية الأثيوبية، قال الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للشئون الخارجية، إنه إذا كانت الرؤية الإستراتيجية للسياسة الخارجية المصرية تضع أولوية للبعد الأفريقى، فإن العلاقات المصرية الأثيوبية تأتى فى قلب هذا الاهتمام، مشيرا إلى أن أثيوبيا دولة هامة ومؤثرة فى القارة الأفريقية، وأحد اقتصاداتها الصاعدة، كما أنها طرف أصيل فى منطقة القرن الأفريقى التى لا تزال تشهد تفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية تؤثر بشكل غير مباشر على المصالح الوطنية ذات الصلة بالأمن القومى المصرى.

بالإضافة إلى كونها الشريك الأهم، مع السودان، فى ملف حوض النيل باعتبارها دولة أساسية من دول المنابع نظرا لسيادتها على منابع هضبة الحبشة إلى جانب تأثيرها المباشر فى منطقة البحيرات الاستوائية، مشيرا إلى أن تلك المعطيات مجتمعة تشير إلى ضرورة تطوير علاقات ثنائية مصرية أثيوبية قوية ومستقرة، وهو ما تعرض لكثير من التراجع منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى.
وأوضح الحداد، أن مصر تتبنى من هذا المنطلق توجها جديدا لإعادة بناء تلك العلاقات المصرية الأثيوبية يعتمد اقترابا متعدد الأبعاد ويرتكز على مبدأ الشراكة فى التنمية، مستهدفا خلق شبكة مصالح سياسية واقتصادية بين البلدين، إيمانا بأن التنمية الحقيقية التى توفر الاحتياجات الأساسية وترفع من مستوى المعيشة على كافة الأصعدة، المفتاح الحقيقى لمواجهة الأزمات والتحول تدريجيا نحو استقرار يحمى المصلحة الوطنية من خلال تحقيق المنفعة المشتركة، ليس فقط بين مصر وأثيوبيا ولكن مع كافة الدول الأفريقية بشكل عام.

وأشار خلال المقال إلى أن مصر تعتمد فى ذلك على مقاربة متعددة الأبعاد تشمل تواصلا سياسيا مستديما مع أثيوبيا على كافة المستويات بدءا باتصالات وزيارات رئاسية متبادلة، مرورا بالتنسيق بين كافة الوزارات المعنية للبلدين، ووصولا إلى تفعيل مؤسسات المجتمع المدنى والعلاقات الشعبية والتوعية الثقافية والإعلامية بأهمية العلاقات المصرية الأثيوبية والأفريقية ككل.

كما يتم ذلك من خلال مقترحات باتفاقيات وبروتوكولات تعاون فى مختلف المجالات الاقتصادية مثل الزراعة والرى والصناعات الغذائية والطاقة والبنية التحتية، والمجالات الخدمية مثل المشروعات التعليمية والصحية، تركز جميعها على إيجاد شراكة حقيقية تخلق فرصا جديدة وتحقق مصلحة مشتركة من خلال تفعيل مجالات التعاون القائمة وإضافة المزيد لتدعيمها ونقلها إلى مراحل نوعية جديدة.

وأكد على أن هذا التوجه يتيح على الجانب الآخر إيجاد أرضية مشتركة للتعامل مع الأزمات التى تؤدى إلى توتر العلاقات الثنائية بين البلدين ولازالت تراوح مكانها منذ فترة خاصة ملفى الاتفاقية الإطارية وسد النهضة المرتبطين مباشرة بقضية حصة مصر من مياه النيل وسبل حمايتها.

وفيما يتصل بالاتفاقية الإطارية، قال الحداد إنها مشكلة تتخطى ثنائية مصر وأثيوبيا إلى بقية دول حوض النيل، وتكمن مشكلتها الأساسية فى عدم النص على الالتزام بالحصص التاريخية لكل من مصر والسودان والمترتبة على الاتفاقيات السابقة، مشيرا إلى أنه على الرغم من سلامة الموقف المصرى السودانى قانونيا إلا أن التجربة أثبتت أن النتيجة النهائية تعتمد كثيرا على أبعاد سياسية للعلاقات بين الدول.

وأوضح مساعد الرئيس أن مصر ترى ضرورة إطلاق التفاوض من جديد، وأن تبذل الدبلوماسية المصرية جهدا مضاعفا للتوصل إلى اتفاق يرضى كافة الأطراف من خلال تبنى مفهوم عدالة الاستخدام الذى لا يعنى تقاسم المياه بالتساوى، ولكن توفير المياه اللازمة لاحتياجات كل دولة من دول الحوض أخذا فى الاعتبار مواردها المائية الأخرى بخلاف نهر النيل.

مؤكدا على أن هذا الأمر هو الذى يمكن المفاوض المصرى من دمج مفاهيم أكثر حداثة ضمن التفاوض ليشمل كافة موارد الحوض وليس فقط مياهه السطحية مثل المياه الخضراء والمياه الافتراضية وفرص حصاد الأمطار واستغلال الفواقد وغيرها، بحيث تزداد فرص التوصل إلى صيغة جديدة للاتفاقية الإطارية تحفظ مصالح مصر وتراعى فى ذات الوقت الاحتياجات المشروعة للدول الأخرى، وتقر نظاما مستقرا لتقاسم الموارد فى الحوض وتفتح الطريق أمام نموذج للتعاون التنموى بدلا من الصراع الذى يهدر مواردهم جميعا بدرجات متفاوتة.

وفيما يتصل بسد النهضة الأثيوبى، قال الحداد إن الطرح الحالى الذى يصدر بشأنه تقريرا نهائيا من اللجنة الفنية المختصة يثير المخاوف من تأثيره سلبا على حصة مصر من المياه ونوعيتها.

مشيرا إلى أنه فى الواقع نجح رئيس الوزراء الأثيوبى الراحل ميليس زيناوى فى تحويل السد إلى مشروع قومى يلتف حوله الشعب الأثيوبى، وتعزز معارضة مصر للمشروع من صورة نمطية سلبية لمصر أخذت فى الانتشار بين الشعوب الأفريقية خلال العقود الماضية مفادها أن مصر هى أحد أسباب غياب التنمية والتقدم الاقتصادى فى البلاد الأفريقية نظرا لاستحواذها، بغير وجه حق فى رأيهم، على الجزء الأكبر من المياه اللازمة لعمليات التنمية كافة وهى صورة يتوجب تغييرها وتصحيحها.

موضحا أن مصر تسعى لأن تكون شريكا حقيقيا فى التنمية فى أفريقيا وتعى وتحترم حقوق ومطالب الشعوب فى التنمية،ولكنها تتمسك أيضا بمبدأ عدم الإضرار بأى من الأطراف كنتيجة لمشروعات تنموية حالية أو مستقبلية، ومن هنا جاء توجه السياسة الخارجية المصرية فى محاولات التفاهم المستمر مع أثيوبيا حول كيفية إدارة مشروع السد من خلال قضايا فنية عديدة تشمل المواصفات الهيدرولوكية للسد بما فيها معاملات الأمان اللازم توافرها فيه، وخطة الملىء والتشغيل المناسبة التى لا تؤدى لتضرر المياه المتدفقة، واشتراك الخبراء المصريين فى لجنة إدارة وتشغيل السد.

وأشار إلى أن التحرك المصرى يتم فى هذا الإطار بالتنسيق الكامل مع السودان من خلال لجنة الخبراء الثلاثية الدولية المنوط بها إصدار التقارير الخاصة بتقييم السد، مع التأكيد الدائم من الجانب المصرى لدى الدول والجهات المانحة لمشروع بناء السد على ضرورة انتظار التقارير الفنية الرسمية النهائية قبل تمويل المشروعات المرتبطة بالسد، كما تتحرك الدبلوماسية المصرية مع الدول والجهات المانحة للمشروعات فى أى من دول الحوض بعدم البدء فى المشروعات المائية بدون إخطار مسبق والتوافق مع الدول الأخرى المتأثرة بتلك المشروعات.

واختتم الحداد مقاله مؤكدا على أن مصر تسعى لبناء منظومة علاقات إيجابية يتكامل فيها مسارى التعاون فى قضايا التنمية وملف المياه بحيث يصبح الثانى جزءا من الأول فى إطار مقاربة متعددة الأبعاد لإعادة بناء العلاقات المصرية الأثيوبية تستهدف جعل القضايا الخلافية جزء من منظومة أكبر للتعاون تساعد بمكوناتها المتنوعة على الحفاظ على المصالح الوطنية للجانبين.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة