عجيب جدا ما تمر به مصر حاليا من أحداث، الحقيقة أنها لا تنم فى أغلب الأحيان عن أزمة ثقة، كما يريد أن يصورها البعض ولكنها فى الواقع هى أزمة أخلاق بل وصلت عند البعض إلى انعدام الأخلاق.
فإننى لا أستطيع تفسير كل ما يقوم به كثير، ممن أصابهم وصول تيار الإسلام السياسى للحكم لحافة الجنون، إنما هى ردود أفعال لفقدان الثقة وإنما حقيقة الأمر أنها أعمال تنم عن أزمة أخلاق عند أصحابها تصل إلى درجة انعدام الأخلاق فى كثير من الأحيان.
والحقيقة أيضا أننا أصبحنا نرى البلطجة فى صور عديدة وأنماط مختلفة تماما عن مفهومها التقليدى، فالبلطجة بصورتها التقليدية أصبحت فى الواقع لا تمثل إلا جزء ضئيل بجانب أشكال البلطجة الحديثة المبتكرة، وعلى العكس من المتوقع تماما فقد اتضح أن أنواع البلطجة الحديثة والتى تمارس بطرق راقية ويمارسها أشخاص راقين من حيث المظهر أو المجال أو المنصب، أشد فتكا وأعمق تدميرا من البلطجة التقليدية.
فهناك البلطجة السياسية فى نمط التظاهر الجديدة للمنتمين لبعض التيارات السياسية مثل التظاهر بالملابس الداخلية، أو الرقص المبتذل ! أو التظاهر بالبرسيم ناهيك عن الألفاظ والعبارات التى يتلفظون بها أو يكتبونها على الجدران.
وهناك البلطجة الإعلامية وما أدراك ما البلطجة الإعلامية فتجد الخطاب الإعلامى لبعضهم ما هو الا انحطاط فى الأسلوب وسفاهة فى الخطاب وجميع أنواع السباب ناهيك عن إدمان الكذب حتى صدقوا أنفسهم، كل ذلك تحت شعار حرية الرأى والتعبير.
وإذا أردت أن تسلط عليك الأضواء وتصبح ضيفا شهيرا لتلك الفضائيات وأولئك الإعلاميين فما عليك إلا أن تسب الرئيس وجماعته بما تجود قريحتك الخبيثة من جميع أنواع السباب والافتراءات وسوف تكون على الفور من أشهر المفكرين وألمع المحللين.
وللأسف الشديد أن بعض من ينتسبون إلى هيئات رفيعة محترمة، يجب على من ينتسب إليها التميز بجميل الأدب والأخلاق وحسن الخطاب، تجد بعض من هؤلاء وصل بخطابه إلى درجة من التدنى لا يمكن أن تصدق أن قائلها شخص منتسب لهيئات من المفترض أنها تجبل أفرادها على الأخلاق السامية.
أيها السادة إن جزءا كبيرا من مشكلتنا الحالية إنما هى أزمة أخلاق بل انعدام أخلاق عند كثير ممن يتصدرون المشهد السياسى، وللأسف إنهم يمارسون تلك الممارسات اللا أخلاقية تحت شعار حرية الرأى والتعبير وإذا قيل لهم أن ما تمارسونه إنما هى انحطاط فى الأخلاق وليس حرية يتهموك على الفور بالرجعية، وإذا طالب الناس السلطة بتصحيح المسار وتحديد مفهوم الحرية فى إطار من الأخلاق والقيم، ولول هؤلاء وسارعوا بطلب النجدة والغوث ممن يستعملونهم فى الحقيقة كأدوات لتنفيذ مخططاتهم للهيمنة على مقدرات ومصائر شعوبنا.
ولو أنهم يعقلون لعلموا أن الحرية حتى فى البلدان التى يستغيثون بها إنما هى مسئولية وممارساتها لا يمكن أن يتعارض مع الأخلاق والقيم الاجتماعية، ولو أنهم تدبروا للحظة لعلموا أن تلك الحكومات التى تغذى فيهم روح التمرد إنما تجعلهم فئران تجارب سياسية للوصول إلى تأكيد هيمنتهم العالمية دون أن يشعروا.
والحقيقة التى لا يريدون رؤيتها أو التدبر فيها أنهم هم من يسيرون كالقطيع لتنفيذ مخططات أعداء الوطن دون أى وعى وليس فرقاءهم السياسيين الذين يسعون لتحرير الوطن من كل اشكال الإستعمار التى لا تزال ماثلة للعيان .
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة