الدكتور أيمن الظواهرى زعيم التنظيم الإسلامى الأشهر على مستوى العالم «القاعدة» سيظل محور اهتمام الكثيرين، إما من خلال «القاعدة» التى تستهدف المصالح الأمريكية بالعالم أو تبنى الجهاد ضد اليهود، أو من خلال آرائه التى تتغير بحسب تقلبات الأنظمة الحاكمة.
فلم يشأ حفيد الشيخ ربيع الظواهرى الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الشريف بالقاهرة أن تهدأ من حوله الهالات الإعلامية إلا ويكاد يفجرها من جديد، فبعد 14 عاما من صدور الطبعة الأولى لكتابه الحصاد المر، الإخوان المسلمون فى ستين عاما، التى شن فيها هجوماً حاداً على جماعة الإخوان المسلمين وشيخهم المؤسس حسن البنا وصولا إلى حقبة التسعينيات واتهامه لهم بترك الجهاد والتحالف مع الدولة من أجل إقامة الديمقراطية على حساب تطبيق الشريعة الإسلامية وتحكيمها، وصولا إلى مرحلة ما بعد الثورة التى شهدت تغيرا شديدا فى لهجة الشيخ الدكتور والزعيم الجهادى الأبرز.
الظواهرى الذى توجه إلى أفغانستان ليؤسس فصيلا لجماعة الجهاد المصرية بعد أن تم سجنه 3 أعوام فى 1981 بتهمة حيازة أسلحة بدون ترخيص على خلفية اتهامه فى قضية مقتل الرئيس الراحل أنور السادات، يقر فى شريطه «الطواغيت» بتكفير الحكومة ثم وصف أنصارها بطائفة الردة ثم كفر المشاركين فى العملية الديمقراطية فيقول عن التوصيف الشرعى لواقع مصر، إن حالها يتلخص فى أربع عبارات «حكومة كافرة، وطائفة مرتدة تساندها، وشعب تائه، وشباب مسلم حائر».
يقول فى كتابه الحصاد المر «هذه هى الديمقراطية وكفرها وأعضاء مجلس الشعب هم الأرباب من دون الله، الذين ينتخبونهم يتخذونهم أربابا من دون الله وينصبونهم طواغيت معبودة من دون الله، وهذا كاف فى تحريم الترشيح فى المجالس النيابية الديمقراطية، وتحريم المشاركة فى الانتخابات، وكل من شارك فى هذا عالم بحقيقة الديمقراطية فهو كافر مرتد خارج من ملة الإسلام، ويضيف حتى إن نص دستورهم على أن الدولة ديمقراطية ودينها الرسمى الإسلام، فإن هذا لا يغير من كفرهم شيئا».
ويضيف: فمن ادعى الإسلام إذا أتى بمكفر كالديمقراطية والاشتراكية فهو كافر مرتد، والذى يقول عن نفسه إنه «مسلم ينادى بالديمقراطية»، هو كمن يقول عن نفسه إنه «مسلم يهودى»، أو «مسلم نصرانى»، هو كافر مرتد.
وينتقد الظواهرى فى الفصل الثالث من الطبعة الأولى لكتابه الحصاد المر، الإخوان المسلمين لوصفهم الحكومات الكافرة بالشرعية وأنهم ارتضوا شرعية الكفر وأقروا بها وشاركوا فى الديمقراطية الشركية، مطالبا الإخوان بإعلان توبتهم من جميع هذه الانحرافات على الملأ، وتكون توبتهم بإعلانهم ردة الحاكمين بغير الشرعية، وأن يعلنوا براءتهم من هؤلاء الطواغيت وشرائعهم الكافرة ويعلنوا كفرهم بالدساتير والقوانين الوضعية والديمقراطية والانتخابات البرلمانية، وكذلك إعلان الإخوان إيمانهم بوجوب جهاد الطواغيت، وأن يعدوا الجهاد فريضة عينية واجبة على كل مسلم، وليس من النوافل أو المستحبات لأنه أحد أركان عقيدة التوحيد.
وعلى الرغم من أن الظواهرى قد بدأ حياته فى التيارات الإسلامية منتميا لجماعة الإخوان المسلمين فإن له موقفا واضحا من مؤسس الجماعة حسن البنا، ففى كتابه الحصاد المر الطبعة الأولى وكل الرسائل التى طبعت له فى حقبة الثمانينيات والتسعينيات فلم يترحم على البنا ولم يصفه بالإمام أو الشهيد.
وانتقد «الظواهرى»، البنا «مؤسس الإخوان» الذى دعا أفراد الجماعة إلى سلك طريق «منبر البرلمان»، فيقول كعادة الإخوان لم يستدل البنا لقوله بكتاب أو بسنة، بل بكلام إنشائى فيه مغالطات، فقد قال إن البرلمان هو «منبر الأمة»، ولم يقل لأتباعه إن البرلمان هو مجلس التشريع الذى يحلل ويحرم من دون الله.
ويوضح زعيم تنظيم القاعدة فى كتابه الحصاد المر كيف أفرط البنا والإخوان فى مدح الملك والثناء عليه ووصفه بالإسلام والتقوى، وهو ملك مرتد كافر فاجر، يحكم البلاد بموجب دستور علمانى وقانون وضعى، ويتابع: ولم يكتف الإخوان بهذا التمييع العقائدى بأقوالهم ومواقفهم، بل أصلوا لهذه الميوعة تأصيلاً شرعياً وجعلوها من عقائدهم عندما أعلن مرشدهم الثانى حسن الهضيبى مبدأ «دعاة لا قضاة»، وألف كتاباً ينهى فيه أتباعه عن الخوض فى مسألة الحكم الشرعى فى الواقع الذى يواجهونه.
وبعد 14 عاما من طبعته الأولى الحصاد المر أصدر الظواهرى الطبعة الثانية، وقام بحذف وإسقاط كل الأحكام التى أوردها فى الطبعة الأولى على الإخوان بممارستهم للديمقراطية وكذلك لم يتبرأ منهم ومن أفعالهم كما فى الطبعة الأولى كما ترحم على الشيخ حسن البنا ووصفه بأن الله أكرمه بالشهادة.
فيقول فى مقدمة الحصاد المر «الطبعة الثانية» من الذى ينكر أن حسن البنا «رحمه الله» هو الذى أنقذ آلاف الشباب من الخمارات وغرز الحشيش وخرافات الصوفية، وشكّلهم ونظمهم فى كتائب منظمة فى طول البلاد وعرضها تمتلئ بالحماسة والاستعداد للتضحية فى سبيل الله؟، ومن ينكر أن حسن البنا «رحمه الله» كان من رواد الجهاد فى مصر، وأنه قرن قوله بعمله فأنشأ النظام الخاص، ودرب الشباب على حمل السلاح، وعلم أتباعه مهنة القتال التى حرص المستعمر على أن يفصل بين المسلمين وبينها؟
واعتبر الظواهرى الشيخ حسن البنا «رحمه الله» بلا شك رمزا رائدا فى الحركة الإسلامية، أكرمه الله بالشهادة، وقال: يعلم الله وحده مدى الحب والاحترام الذى أكنه فى قلبى له، فهو الذى أنشأ حركة إسلامية عالمية بعد سقوط الخلافة كان لها أكبر الأثر فى إحياء روح الصحوة الإسلامية والتصدى لسم اليأس والقنوط الذى كان يمكن أن يفتك بالأمة المسلمة بعد سقوط الخلافة.
ويبدو أن العام 2007 كان عام بداية التراجعات لزعيم الجهاد فقال ردا على سؤال هل تكفرون الجيوش العربية كفر نوع أم كفر عين؟ فقال فى اللقاء المفتوح الذى كان يعقده للرد على أسئلة أتباعه، تكفير الجيوش وأجهزة الأمن فيه تفصيل، فالذى أراه أن ضباط مباحث أمن الدولة فرع مكافحة النشاط الدينى وأمثالهم الذين يحققون مع المسلمين ويعذبونهم كفار على التعيين، ورفض القول بكفرهم على التعيين وتكفير من لم يكفرهم.
وقال عن موقفه من الدعوة السلفية فى مصر، وهل الخلاف معهم من الخلاف السائغ؟ قال: موقفنا من الدعوة السلفية ومن أعلامها الصادقين الحب والتقدير والاحترام، ونحن قد اشتقنا لهم، واشتاقت لهم ميادين الجهاد، يعلمون إخوانهم، ويقودون سراياهم ويدكون حصون أعدائهم، ويرفعون لواء الجهاد.
فى رسالة الأمل والبشر الحادية عشرة لم يبن الظواهرى موقفه من الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية كحاكم ارتضى أن يحكم بالدستور والقانون الوضعى بعيدا عن تطبيق الشريعة الإسلامية وتحكيمها، ويجرى انتخابات ويشارك فى عملية ديمقراطية واكتفى فقط ببعض الأسئلة عن موقفه من الشريعة وإسرائيل وفلسطين وعن بعض الشؤون الداخلية، ووجه الشكر لمرسى على تصريحه بأنه سيسعى لإعادة الدكتور عمر عبدالرحمن لمصر.
ويضيف: أما رسالتى الأخيرة فهى لأهلنا فى مصر، ولكنى قبل تطرقى لها أود أن أوضح أمرا قد نسب لى أن هناك من زعموا أنى أدعو للثورة على الدكتور محمد مرسى، وأنا لم أدعُ للثورة عليه ولكنى دعوت لاستمرار الثورة المباركة التى جاءت به حتى تحقيق التغيير المطلوب الذى لم يتحقق حتى اليوم.
«ليس صاحب منهج فكرى ولا خارطة طريقة للعمل ولكنه ذو طموح تنظيمى»، هكذا وصف ممدوح الشيخ الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية الدكتور أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، مضيفاً: قراءة الظواهرى للواقع تتصف بشىء من البرجماتية والانتهازية، وأن الخصومة مع أى طرف تخرجه عن نطاق الموضوعية التى يجب أن يتصف بها اتساقا مع أفكار التنظيم التى نشأ عليها من البداية.
وأشار الشيخ إلى حكاية تخلى الظواهرى عن أفكاره لا تقتصر على كتاب الحصاد المر فقط، ولكنها سمة أساسية فى تفكيره الذى يتغير بحسب الزمن والسلطة، مضيفا أن الظواهرى يرى ضرورة استثمار صعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة وتحقيق مكاسب منها إعادة إحياء التنظيم فى مصر بتغير بعض الآراء والتراجع عن البعض الآخر.
أيمن الظواهرى من تكفير الإخوان قبل السلطة إلى الترحم على البنا بعد رئاسة مرسى.. هاجم الجماعة ورفض تسمية البنا بـ"الإمام الشهيد".. طالبهم بالتوبة والجهاد.. ثم حذف الأحكام الشرعية التى أوردها ضدهم
الخميس، 30 مايو 2013 05:55 م