سلطت صحيفة "انترناشيونال هيرالد تريبيون" الأمريكية، النسخة الدولية من صحيفة نيويورك تايمز، الضوء على مشروع النهضة، الذى يفترض أنه يمثل برنامج الإصلاح الاقتصادى للإخوان المسلمين، وقالت: إن فشل الحكومة المصرية فى إحياء الاقتصاد المتداعى من المحتمل أن يكون قضية حاسمة فى الانتخابات البرلمانية القادمة المتوقع إجراؤها فى أكتوبر، وقد كثفت جبهة الإنقاذ الوطنى من انتقاداتها للرئيس محمد مرسى وإدارته واتهامها بضعف التخطيط الاقتصادى والافتقار إلى الرؤية وعدم القدرة على تحسين حياة ملايين يعيشون تحت خط الفقر.
وقد اعترف جهاد الحداد، أحد كبار مسئولى الإخوان المعنيين بتطوير برنامج تعافى اقتصادى طويل المدى، فى مقابلة معه أن التقدم فى العناصر الأساسية للخطة المعروفة باسم مشروع النهضة، قد توقف وألقى بمسئولية ذلك على بيروقراطية الحكومة والصراعات الداخلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن مشروع النهضة يهدف إلى تقليل معدلات البطالة فى مصر إلى 5% خلال عام وزيادة الميزانية المخصصة للتعليم إلى 5.2 % من الموازنة العامة بدلاً من 3.3%، لكن معدل البطالة ارتفع فى مصر إلى 13% فى عامين، بعد أن كان 9%، وتباطئ النمو الاقتصادى ليحقق نسبة 2% بعد أن كان 5.5%، ولم يتخذ سوى خطوات قليلة للغاية جداً من أجل إعادة هيكلة مخصصات الميزانية.
ويقول الحداد، وهو ضمن فريق من خمسة تنفيذيين مسئولين عن المشروع، "لقد أخطأنا فى تقدير قوة وحش البيروقراطية.. الفكرة أن الجميع تقريباً لديهم القدرة على وقف أى شىء لعدم وضع القلم على الورقة"، ويقول الحداد وزملائه إن المشروع الذى يُكافح ضد النقص فى التمويل والأشخاص، تم تعليقه مؤقتا.
وتشير الصحيفة إلى أن مشروع النهضة أو برنامج الإنعاش الاقتصادى الذى يوصف بأنه برنامج شامل لمدة 20 عاما من أجل التغيير الاجتماعى، كان دعامة لبرنامج مرسى الانتخابى فى يونيو الماضى، إلا أن المشروع سرعان ما أصبح حاضنة للأفكار الكبرى أكثر من كونه مخطط مقترح لإجراءات محددة من أجل التحسين الاقتصادى.
وفى الأيام الأولى للثورة، بنى الإخوان سمعة لهم من خلال تقديم الرعاية الصحية والطعام الرخيص وخدمات التعليم، إلا أنهم لم يكونوا قادرين على نقل نجاحهم فى القاعدة الشعبية لإدارة بيروقراطية مصر مترامية الأطراف.
وتحت رئاسة مرسى، فإن فريق النهضة لم يكن قادرا على متابعة أى مشروع كبير، بما فى ذلك خطط لخفض عدد الوزرات البالغ 36 وزارة.
ويشير الحداد، الذى تقول عنه الصحيفة إنه مسئول ذو خبرة كان من بين أول من تم تعيينهم للوظيفة بعد أن عمل لسنوات فى المنظمات غير الحكومية، إلى أنهم يعانون من نقص فى فريق العمل، كما أنه لا يجحد موارد مالية أو بشرية كافية، لكن فى نفس الوقت، فإن الأولويات لا تزال موجودة.
لكن بغض النظر عن النوايا الطيبة، تقول الصحيفة، إن المشروع أصبح مسار السخرية. ففى وسال الإعلام الاجتماعية، هناك اتجاه شعبى للسخرية من هذا المشروع.
وتشير الصحيفة إلى أن الحداد واحد من أكثر مسئولى الإخوان قوة فى مصر، وكان هدفا لرد فعل عنيف بسبب دوره الواضح كمتحدث باسم الإخوان. ويعمل معه حسين القزاز، الرئيس التنفيذى لشركة الاستشارات التجارية "سكوبوس" ومستشار الرئيس مرسى، وهو الدور الذى يضمن درجة من التواصل بين الحكومة وفريق النهضة.
أما الاعضاء الثلاثة الآخرين فى الفريق الاستشارى هم أشرف سرى الخبير الاقتصادى الإخوانى وأحمد ضيف، مستشار سياسة فى حملة مرسى الانتخابية، وأحمد سليمان، عضو رفيع المستوى بالإخوان.
وتتابع الصحيفة قائلة، إن مشروع النهضة هو من بنات أفكار خيرت الشاطر، وتم تقديمه باعتباره خارطة طريق للإسلاميين فى مصر بعد الثورة.
من ناحية أخرى، قالت الصحيفة إن إيهاب الفولى، رجل الأعمال وهو من بين العديد من الاستشاريين للمشروع، لكنه ليس عضوا بالإخوان، يرى أن عدم الاتساق مع الحكومة هو العقبة الرئيسية فى طريق مشروع النهضة. ويقول: "نحتاج إلى نوع من الجهد المنظم، لكن لو غاب الانسجام فى الوزارات واشتراكها فى رؤية النهضة، أو فى أى رؤية، فعلينا أن ننسى المشروع".
ولا يزال المراقبون للإخوان يشعرون بتشكك ليس فقط فى غياب الانسجام ولكن الرؤية الأساسية للمشروع كله.
وتقول أليسون بارجيترت، الخبيرة فى شئون الإسلام السياسى والإخوان المسلمين، إن مشروع المعارضة هو بلورة مبادرات الإصلاح التى قدمها الإخوان فى السنوات الأخيرة، لكن مع الأسف، فإن المشروع مثل هذه الأفكار كان غامضا، ومعمما ليس له علاقة بالواقع.
وتضيف إن المشروع سلط الضوء على السذاجة السياسية للإخوان مع اعتقادهم بأن الوعود وحدها ستكون كافيا لجعل الناس تقف معهم.
"هيرالد تريبيون" الأمريكية ترصد توقف مشروع النهضة.. جهاد الحداد يعترف: تم تعليق المشروع مؤقتاً بسبب البيروقراطية والصراعات الداخلية.. خبيرة فى الإسلام السياسى: البرنامج كشف عن السذاجة السياسية للإخوان
الجمعة، 03 مايو 2013 02:08 م