فى رسالة وجهها حزب الرئيس، حزب الحرية والعدالة، إلى الرئيس محمد مرسى بعد عودته من أديس أبابا، قال فيها الدكتور أحمد رامى، المتحدث باسم الحزب، تعليقا على عدم استقبال رئيس أثيوبيا للرئيس محمد مرسى، وإيفاد رئيسة وزيرة التعدين لاستقباله فى المطار، إن العظماء لا يؤثر فيهم طريقة الاستقبال، مؤكدا أن رئيس مصر عظيم بدون أى استقبال.
إنه من غير المفهوم على الإطلاق من أين أتى المتحدث الرسمى بهذه الكلمات؟ وكيف تم حسابها؟ وبأى منطق وأية معادلات فى القياس أو خلافه؟ أصلا لست أعرف كيف يدخل عقل أدمى مثل هذه المتغيرات، وكيف يمكن أن يخرج بهذه النتيجة.
وكيف تكون عظيما، وتعامل كالضعفاء، أو نسى الدكتور الشاعر الجاهلى وهو يقول مفتخرا بمكانة قبيلته بين قبائل العرب:
"ونورد الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا".. أو ليس هذا تاريخا، يؤسس للمكانة المرموقه، أو هكذا كان التفكير فى العصر الجاهلى، وهل اختلفت الثوابت فى عصرنا هذا، والغريب فى الأمر، أن المتحدث الإعلامى، يتحدث فى نهاية كلامه بلقب الزعماء، لم يكفه لقب زعيم واحد، فأراد ان يشعر القارئ بتعددية الزعامه، فيتخطى الصورة الهزيلة للرئيس، لكى يضعه فى مقارنة لا حقيقة فيها مع الزعماء، ومرة تلو مرة، وكذبة تلو الأخرى، يصدق الناس ما يقال، كما لو إنك تكتب على ورق أبيض خالى من المعاناة والفقر والعوز وقلة الأمن، وضياع الحقوق، وتسلط العباد على رقاب العباد.
والأعجب من ذلك كله أنك حينما تقول رئيس مصر فهى لغويا مضاف ومضاف إليه، وفى اللغة المضاف اسم نسب إلى اسم بعده، فتعرف بسبب هذه النسبة، فالمضاف إليه هو من يعطى القيمة للمضاف، فلو قلت كلمة رئيس لوحدها من دون أن تضاف إلى مصر أصبحت بلا معنى، ولكى تعطيها المعنى والقيمة تضيفها إلى ما يليها، فتتخذ شكلا جديدا، وقيمة يدركها العقل.
كإنما يريد حزب الحرية والعدالة، أن يرسلوا للمواطنين الغلابة، محدودى التعليم، تداعيا جديدا للكلمات، فمرسى ليس رئيسا وحسب، بل زعماء، ولا يؤثر فيه ردة فعل الأعداء، وطريقة استقبالهم له، لكننى أراهم يريدون أن يغيروا قاعدة المضاف والمضاف إليه لكى تكون بهذا الشكل "مصر رئيس" على أن تكون مصر نكرة لا قيمة لها من دون الرئيس، الرئيس الذى لم يفعل شيئا لمصر حتى اليوم، وكل إنجازاته هو وحزبه ووزراءه لا تتعدى كونها مهارات لغوية وخطابة ودعاية وإعلام لا أساس له.
إننى أقولها لكم لم يكن قبل رئاسة محمد مرسى لمصر للإخوان أية قيمة، ولم تصبحوا بقيمتكم إلا حينما وضعتكم مصر على أرفف السلطة، فأنتم المضاف، وأنتم من دونها لا قيمة لكم أو لغيركم.
إن هذا الحوار الدائر، وتلك التصريحات الفارغة والرسائل الهلامية، ما هى إلا تغطية على الخيبة، وخاوية الوفاض من أى عمل حقيقى ملموس على أرض الواقع، الواقع الذى يتحدى ببساطة خزعبلات التمكين، وإن لم تكن تصدقنى، فعليك الانتظار حتى شهر سبتمبر المقبل، الشهر الذى سيبدأ فيه الأثيوبيين لتحويل مجرى النهر.
فرطوا ما شئتم فى حق هذا الوطن، فبمثل هذا العار، لا أحد منكم سيبقى على الأرض.
علاء سعد يكتب: من أين أتى المتحدث الرسمى بهذه الكلمات؟
الأربعاء، 29 مايو 2013 08:13 م