روايات الثورة تجسد ملامح مصر قبل وبعد 25 يناير

الأربعاء، 29 مايو 2013 12:02 م
روايات الثورة تجسد ملامح مصر قبل وبعد 25 يناير عمار على حسن
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"سقوط الصمت" رواية لعمار على حسن تسرد التفاصيل الإنسانية لثروة يناير..
فشير توقع فى "باب الخروج" حالة عدم الاستقرار والمعارك السياسية
وأبو الفتوح يرصد حكايات الشهيد "فى أجندة سيد الأهل"
ما بين التفاصيل الإنسانية لثورة 25 يناير وحالة الحراك السياسى التى شهدتها البلد وما تبعتها من معارك سياسية وانقسامات، حتى حكايات الشهداء رصد عدد من الأدباء المصريين فى مجموعة روايات ملامح مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير، منهم من تناول الجانب الإنسانى للمصريين والتفاصيل التى عاشها الشعب المصرى فترة الثورة وحتى تنحى مبارك، وما بعد ذلك، ومنهم من رصد الحالة السياسية لمصر ومنهم من عمل على دراسة الثورات المشابهة للثورة المصرية وتوقع حالة البلد ما بعد الثورة، ومنهم من ترك كل هذا وفضل الكتابة عن من ضحوا بدمائهم مقابل حرية هذه البلد، فخرجت لنا فى النهاية مجموعة من الروايات التى حددت ملامح مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير.


"سقوط الصمت"، هى أحدث روايات الباحث الدكتور عمار على حسن، والصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، وتسرد بشكل ملحمى التفاصيل الإنسانية فى ثورة 25 يناير بلغة شاعرية تضفى جمالا على هذا الحدث الكبير، وتكشف جواهره وإبداعاته المنسية فى السجال السياسى الدائر، وتجعل البطولة فيه "جماعية" مثلما كانت فى الثورة، وفقا لما قاله حسن، وتتكون الرواية من خمسة وسبعين فصلا متتابعا فى رحلة زمنية تسبق انطلاق الثورة وتتجاوز ما يجرى حاليا إلى توقع ما سيحدث فى المستقبل، وقد حرصت فى كتابتها على أن ترسم الملامح الإنسانية للمشهد الثورى، وتضع من يقرأها ولو بعد سنين طويلة فى صورة ما جرى كاملا، كأنه شارك فى الثورة أو عايشها عن كثب، بل وطالع بعض الجوانب الخفية التى يمكن أن يصل الفن إلى أعماقها البعيدة، التى قد تستحيل على التحليل السياسى أو الرصد الإخبارى، وساعدنى على هذا أننى أكتب عن واقع كنت فى قلبه، وأعرف تفاصيله جيدا".

وتحاول الرواية أن تضم كل الشخصيات التى صنعت المشهد، الثورى الحالم والانتهازى، شباب من الشوارع الخلفية وأبناء الطبقة الوسطى، اليساريون والليبراليون والإخوان والسلفيون والجنرالات وأنصار النظام السابق وأتباع حزب الكنبة، ورسامو الجرافيتى والعمال والفلاحين والموظفون والإعلاميون، والشيوخ والأطفال والرجال والنساء، القاضى العادل وترزى القوانين، أرواح الشهداء والمصابين، الهلال والصليب، تمثال عمر مكرم الذى يتوسط ميدان التحرير وتمثال زورسر الذى يغادر المتحف ويتفقد الثوار، رسامو الجرافيتى وصانعو اللافتات وكاتبو الهتافات والشعارات، أطفال الشوارع والمعوقون، البلطجية والمتحرشون والمخبرون، كما تحمل الرواية نبوءة تبين قدرة الشعب المصرى على التخلص من الاستبداد فى النهاية وتصحيح المسار وإعادة الثورة إلى مجراها الطبيعى الذى كان يجب أن تسير فيه كى تحقق أهدافها وتنتصر لمبادئها التى حددتها فى لحظة انطلاقها وهى العيش والحرية والعدل الاجتماعى وكرامة الإنسان، ويقول حسن أنه اختار هذا العنوان للرواية لأنه يعبر عن خروج المصريين عن صمتهم وخوفهم الذى طال عقودا من الزمن قد يكون المكسب الأهم للثورة حتى الآن، وهو أمر ليس بالقليل؛ لأن ثقة الناس فى قدرتهم على التغيير وحرصهم على المشاركة الجماعية بوسعها أن تدفع المجتمع خطوات إلى الأمام، وتتغلب بمرور الوقت على الكثير من الصعوبات التى خلقتها اللامبالاة والسلبية"

بينما يرسم الروائى الدكتور عز الدين شكرى فشير، مدرس العلوم السياسية فى الجامعة الأميركية، فى روايته «باب الخروج»، الصادرة عن دار الشروق، رؤية سياسية لمصر ما بعد الثورة؛ مرحلة من عدم الاستقرار وتعاقب الحكومات، ومؤامرات حزبية لا تنتهى، على وقع ثورات شارع وجياع مستمرة، وضحايا تتساقط فى كل مرحلة، تنتهى إلى استلام عسكرى قديم للحكم. لا يقدم الحاكم العسكرى حلولاً لمشكلات مستعصية، بل يقوم بتدويرها ويُقدم على مغامرة مجنونة لامتلاك أسلحة نووية.
فببساطة شديدة تتلخص رواية «باب الخروج» فى رسالة يكتبها الأب لابنه المقيم فى إنجلترا، بعد أن هرب مع والدته وأخوته أثناء أحداث الثورة المصرية الثانية، غير السلمية هذه المرة، ورفض الأب الهرب معهم لأنه كان يعمل بمؤسسة الرئاسة كسكرتير للمعلومات، أى أن وضعه كان يجعله يعلم كل صغيرة وأغلب ما يتاح من المعلومات الكبيرة. ليعطيه خلفية خبرية عما يحدث فى كواليس الحياة المصرية، فيخلص إلى سيناريو بسيط قد يكون فى أغلبه قريب واقعنا اليوم، وهو أنه "إذا احتلت إسرائيل شرق سيناء بعد أن ضاقت ذرعا بفشل الجيش المصرى فى التعامل مع الجهاديين، الذين تعاونهم فصائل من حماس الفلسطينية تهرب إليهم السلاح لتوجيهه ضد الجيش المصرى وقوات الحدود الإسرائيلية، وضاق الشعب بالحكومات المتتالية التى لم تنهض بالبلد بل وسمحت بعودة رموز النظام القديم لمراكز السلطة، وسادت الفوضى وتشكلت قوات شرطة شعبية من الألتراس والإخوان والسلفيين، وقامت ثورة ثانية بعد ثورة يناير 2011، وتم التخلص من المؤسسة الرئاسية المنتخبة بعد فشلها فى كافة مهامها، وزاد الاستقطاب السياسى والشعب هو الذى يدفع ثمن عدم تعاون الفصائل السياسية واهتمام كل منهم فقط بإفشال الحكومة التى لا يشارك فى تشكيلها، وحتى يتم التعتيم على تدنى الوضع الداخلى، تم دفع مصر، بمعرفة ساستها المتواطئين، إلى شن حرب ضد إسرائيل حتى لا يعلو صوت على صوت المعركة".

وإذا كان رواية «باب الخروج» ترسم سيناريوهات النسخة الثانية من ثورة يناير، وما بعد ذلك، فإن رواية «أجندة سيد الأهل» الصادرة عن دار العين، للكاتب أحمد صبرى أبو الفتوح، تنفرد بحكاية الثورة المصرية، فالزمن فى الرواية لا يتجاوز أربعة أيام، وبناء الشخصيات بناء نفسياً متكاملاً، مثل الشخصية الرئيسية رفاعة سيد الأهل الذى تتشابه ملامحها كثيراً مع شخصية خالد سعيد، والذى يستغرقه همه الخاص من خلال أجندته التى أعدها، وهو معتقل فى سراديب أقسام البوليس تحت الأرض، فكتب فيها أسماء من ينوى الانتقام منهم بعد خروجه، وحين يخرج إلى الشارع يوم الثامن والعشرين من يناير فى فوضى أقسام البوليس، يكتشف أن ثمة أجندة أخرى هى الأَوْلى بتفكيره وإعداده؛ هى أجندة الوطن، التى امتلأت بأسماء من ظلموه ونهبوه، وتمضى الأحداث ليتحول فعلاً رفاعة إلى الأجندة الأخرى، بل ويموت شهيداً فى الميدان يوم الثانى من فبراير، فيُعثر على جثته، ويتنادى الناس لكى يروا ذلك الشهيد الذى مات مبتسماً، وكأن المؤلف حينما يجعل من «الشهيد المبتسم الذى لا نعرف اسمه» بطلاً لقصته؛ فهو يمنحه بذلك شهادة تعريف - وإن كانت شهادة فنية فقط - لعل ذلك يعيد إليه بعض حقه.

وفى رواية «ديجافو نمرة تسعة» لأحمد يوسف شاهين، الصادرة عن دار ميريت للنشر، للكاتب الدكتور أحمد يوسف شاهين، وتستعرض الرواية فى ما يزيد عن الخمسمائة صفحة من القطع المتوسط، حياة "مصطفى" الطبيب الناجح فى عمله والذى يستفيق من غيبوبة طويلة ليجد مصر بعد خمسة عشر عاما من ثورة يناير، ويرصد الكاتب التغيرات التى طرأت على مصر بعد أن فاق من الغيبوبة، وانعكاس ذلك على علاقاته بأولاده، وعائلته وأصدقائه والكثيرين ممن شاركوا فى ثورة يناير معه، وتتعرض الرواية لمصر تحت حكم الإسلام السياسى فى المستقبل وتحمل صفحاتها العديد من المفاجآت التى أجاد الكاتب صياغتها بأسلوب شيق وإطار يتراوح بين الحكى المحكم والطرفة المبكية والدراما المجسمة لمشاهد أقرب لمشاهد سينمائية متلاحقة.

أما فى «ليلة التحرير» الصادرة عن دار الحضارة للكاتب «محمد العون»، فهى تتحدث الثورة وفساد نظام المخلوع «مبارك»، وإذلاله للشعب المصرى الذى قام بثورته لإسقاطه واستعادة كرامته، وتتناول العناصر الكثيرة التى تشترك فى صنع ليلة أو ليالى التحرير، من بينها جيل الشباب الذى قام بهذه الثورة، وليقدم رؤيته حول الثورة من خلال تسجيله للعديد من الأحداث التى جعلت من الرواية عيون كاميرا، تمكن القارئ من متابعة ما كان يحدث وكأنه فى الميدان يصور ما يحدث، وتقنية الفلاش باك ليصور بعض الأحداث التى أدت إلى ما حدث فى ميدان التحرير، كما استخدم المناجاة ليرصد ما كان يدور فى باطن بعض الشخصيات، وعلى الأخص الرئيس المخلوع، إضافة إلى تقسيم الفصول بطريقة تستوعب كل هذه العناصر، وتعبر عن كثير مما حدث خلال الثمانية عشر يوماً التى استغرقتها أحداث هذه الثورة العبقرية.

وكذلك تأتى رواية «شمس منتصف الليل» لأسماء الطناني، والصادرة عن المركز العربى للتنمية المستدامة والتكوين المعرفي، وتتبنى الرواية رؤية الانتقال من العام إلى الخاص ومن الخاص إلى العام فى حكايتين متوازيتين وخطين مستقيمين فى إطار اجتماعى وإطار سياسى، وبالرواية معلومات عن ثورة 25 يناير يوم بيوم وبها معلومات قيمة عن مصر وتاريخها وبها خط درامى لعلاقة الحاكم بمصر وكيف أنه فعل بها كل ما عايشه الشعب وكيف استشرى الفساد وتمت إبادته، وبالرواية شخصيتين دراميتين فى القصة الموازية لقصة علاقة الرئيس المخلوع مع مصر الطيبة المعطاءة.

أما رواية «2025» فهى رواية تتحدث عن الثورة قبل حدوثها بيومين، ونشرت بعد هروب الرئيس التونسى بن على، للروائى مصطفى الحسينى الذى قال عن روايته أنه على الرغم من أنها كتبت ونشرت قبل الثورة، إلا أن الأحداث منعت القراء من الالتفات إليها، وهو ما جلعه يرى أنها كانت من أكثر الروايات التى تضررت بسبب الثورة، وهى رواية تحدثت عن ثورة مصرية فى عام 2025 تقوم بها حركة اسمها "اليائسون" يؤسسها شباب مصريون عانوا كثيراً من مستقبل مصر حالك السواد ولكنها حدثت بعد تولى جمال مبارك الرئاسة.

كما كان للكتاب العرب نصيب أيضًا من الكتابة عن الثورة المصرية، حيث صدرت رواية «ربيع الأشواك» لتكون أول رواية سعودية عن الثورة صدرت عن دار مدبولى للنشر والتوزيع للروائى السعودى الدكتور سليمان الشمرى، وتقدم الرواية بطلها ابن الصعيد المصرى الدكتور عصام أحمد الذى يرى «أن عدّاد القومية العربية بدأ بالعمل، منذ أن تلاحقت الأحداث العربية بشكل سريع جعل المشاهدين العرب فى الداخل والخارج يضعون رؤوسهم بين الأخبار فى القنوات الفضائية، يتابعون بشغف ما يحصل فى أوطانهم، والمتابعون لا يفرقون بين بلد عربى وآخر، أو بين بلد متحرك وبلد ساكن، إنهم يتابعون نسمات الحرية وكل يطلب أن يكون نصيبه كبيرًا من نسمات الحرية». ويذهب تفسير البطل «عصام» لمجريات الأحداث وما يجرى لبعض حكام العالم العربى بأن «رياح الفلسفة هى من تغشاهم، وتكشف حقيقة أبشع أنواع الفساد الذى كان مغطىً بوسائل إعلامية تقدم القادة وتصورهم ملائكة عظام، يعملون ليل نهار، من أجل روح الجمال التى تتغذى على رحيق الخير وطرد الشر».















مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة