قال خبراء مصريون فى الشئون المائية والسياسية والهندسية، إن إسرائيل "طرف خفى" وراء تغيير إثيوبيا لخططها بشأن سد النهضة، سواء ما يتعلق بتبكيرها بالبدء فى إنشائه أو بزيادة الكمية التى تقرر حجزها من المياه لصالح المشروع، وكذلك التسريع فى خطوة تحويل مجرى نهر النيل الأزرق.
وفى تصريحات لـ "الأناضول"، أشاروا إلى أن تعاون الجانب الإثيوبى مع إسرائيل فى هذا الصدد - من خلال شركات إثيوبية محلية تظهر فى الواجهة - سيضر بمصلحة دولتى المصب (مصر والسودان)، ويجعل من إسرائيل المتحكم الأول فى بوابات السد.
مغاورى شحاتة، عالم المياه المصرى والرئيس السابق لجامعة المنوفية، قال إن "ما يساور المصريين بشأن سد النهضة الإثيوبى ليس مجرد شكوك، ولكنه مستند على عدة وقائع، منها أن التصميم الأول للسد عام 1964 كان يقتضى حجز نحو 11 مليار مكعب من المياه، فيما تطور الأمر بعد ذلك ليصبح 74 مليار مكعب، إذًا نحن نتحدث عن نفس المكان بمواصفات أخرى، وهذا دون تقديم دراسات كافية للجنة الثلاثية، وهو ما يعنى حالة تعتيم واضحة".
"كذلك - يضيف شحاتة - القيام بعملية تحويل مجرى نهر النيل الأزرق فجأة رغم أنه كان من المفترض أن يفتتح فى سبتمبر المقبل، فكل هذا التعتيم، يصل بالجميع إلى أن إسرائيل هى المحرك الأساسى لهذه التغيرات".
وأضاف شحاتة فى تصريحات عبر الهاتف: "صحيح إسرائيل لا تساهم ماديا بشكل معلن، ولم تشارك فى وضع التصميمات بشكل معلن أيضا، لكن هذا يحدث فعليا عبر شركات إسرائيلية" متداخلة مع شركات محلية إثيوبية تظهر فى الواجهة.
وكانت وسائل إعلام مصرية نقلت عن مصادر- لم تسمها- أن الحكومة الإثيوبية أسندت لشركة إسرائيلية مهمة إدارة وتوزيع ونقل الكهرباء فى إثيوبيا، ومنها الكهرباء المنتجة من سد النهضة الجارى تنفيذه، فيما أعلنت الحكومة الإثيوبية رسميا أن شركة إيطالية (ساليني) تتولى رسميا تنفيذ المشروع.
واحتفلت إثيوبيا، أحد أهم دول منبع نهر النيل، أمس الثلاثاء، رسميًّا، ببدء تحويل مجرى النيل الأزرق قرب موقع بناء "سد النهضة" للمرة الأولى فى تاريخ نهر النيل، فى مراسم نقلها التلفزيون الرسمى.
متفقا مع شحاتة، قال هانى رسلان، المتخصص فى الشأن السودانى بمركز الأهرام للدراسات السياسية فى القاهرة، إن "إسرائيل لها ضلع كبير فى بناء سد النهضة الإثيوبي، وإن كان بطريقة غير مباشرة، لكنها اتضحت مؤخراً فى ظهور شركة إسرائيلية تعاقدت من الباطن مع الجانب الإثيوبى لتولى توزيع الكهرباء المتولد من سد النهضة، بحيث تكون مشرقة على سياسة تشغيل السد".
رسلان توقع بالتالى أن "إسرائيل ستكون الطرف المتحكم فى بوابات السد، بدلاً من إثيوبيا، فالخطورة أنها ستتولى التوزيع، وستكون متحكمة فى سياسة التشغيل، وتقرر لمن تورد الطاقة الكهربائية المنتجة من السد؛ وبالتالى ذلك سوف يمثل خطورة على دولتى المصب، لأنه سيتحكم فى كميات الماء التى تدفق لكل منها".
وهندسيا قال الاستشارى الهندسى، ممدوح حمزة، لـ"الأناضول" إنه بحكم عمله فى العديد من المشروعات الهندسية، اطَّلع على معلومات تفيد بأن الشركة التى ستدير الكهرباء من مجموعة السدود المقرر إقامتها فى إثيوبيا هى إسرائيلية الجنسية، وأنها ستكون المتحكمة فى بوابات تلك السدود من فتح وإغلاق حسب متطلبات توليد الكهرباء.
وأضاف أن تلك الشركة سيكون لها الأحقية كذلك فى توليد ونقل وتوزيع وبيع الكهرباء المولدة من السدود الإثيوبية .
وبحسب حمزة فإن إجمالى الكهرباء المولدة من السدود الإثيوبية ستقارب 45 ألف ميجا وات، ويختص سد النهضة وحده بتوليد 6 آلاف ميجاوات، وهو ما يعادل 5 أضعاف ما ينتجه السد العالى المصرى.
وفيما يخص حصة مصر من المياه، قال حمزة، إن سد النهضة سيحرمها من 9 مليار متر مكعب من المياه سنويا لمدة تقارب 10 سنوات، وهو الأمر الذى يتطلب أن تبحث مصر عن حلول غير نمطية لتعويض تلك المياه التى ستفقها بسبب السد الجديد والمياه التى سيحتاجها حتى يمتلئ.
ومن تلك الحلول التى يقترحها: الاعتماد على نظام رى الأراضى الزراعية بالرش بدل الغمر، وترشيد استهلاك الأفراد للمياه.
كما طالب أن تكون توجهات الدولة المصرية تجاه إثيوبيا فى المرحلة القادمة هى الحصول على كهرباء بأسعار منخفضة من خلال التفاوض.
وبخلاف هذه التصريحات قللت الرئاسة المصرية، على لسان المتحدث باسمها، عمر عامر، أمس من شأن قيام إثيوبيا بتحويل مجرى مياه النهر، قائلا إن ذلك لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل.
وبدأ التوتر بين مصر وإثيوبيا حول إعادة توزيع مياه النيل عندما وقعت إثيوبيا، إضافة إلى رواندا، بوروندى، أوغندا، كينيا، تنزانيا، اتفاقية "عنتيبي" الإطارية التى تهدف لإعادة توزيع حصص المياه بين دول حوض النيل العشر فى مايو من العام 2010.
وتعترض هذه الدول على أن الاتفاقية الأولى الموقعة فى العام 1959، "تمنح مصر والسودان، حق السيطرة على أكثر من 90% من مياه النيل".
وتمنح اتفاقية 1959 لتقسيم مياه النيل مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه، بينما تحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب، من إجمالى مياه النهر التى تبلغ 84 مليارا.
وفى المقابل ترى كل من مصر والسودان أن الاتفاقية الجديدة "تمس بحقوقهما التاريخية" فى مياه النيل، ورفضتا التوقيع، فيما لم تعلن دولة جنوب السودان التى تأسست فى 2011، موقفها بعد، كما تضاربت التصريحات بشأن توقيع الكونغو من عدمه.
خبراء مصريون: إسرائيل "طرف خفى" وراء تسريع إثيوبيا بناء سد النهضة
الأربعاء، 29 مايو 2013 02:39 م