ظهرت منذ أيام قليلة حملة "تمرد" لجمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس، والحملة يقوم عليها عدد من الشباب المتحمس الذى يشعر أن عليه واجب كبير نحو وطنه، وهى حملة معارضة نزلت إلى الشارع المصرى الذى غابت عنه المعارضة النخبوية، وسواء اختلفنا أم اتفقنا مع هذه الحملة فيجب أن نعترف أنهم يقومون بجهد كبير، وأن حملتهم توسعت بشكل كبير فى أيام قلائل.
والمتابع لتحركات الحملة يجدهم يتنقلون من محافظة إلى أخرى ومن جامعة إلى أخرى، إن طبيعة هذه التحركات ونوعيتها وهدفها هى التى ستحكم على هذه الحملة وغيرها من الجهود المشابهة بالنجاح أو الفشل.
وهنا يجب أن ينتبه القائمون على هذه الحملة إلى عدة نقاط لعل أهمها أنه بالرغم من أن الحملة قد يكون لها تأثير معنوى إلا أن كل الأطراف تجد أن جمع التوقيعات فى حد ذاته ليس له تأثير قانونى بقدر ما هو أسلوب للتعبير عن رفض بعض ما يخرج عن مؤسسة الرئاسة والحزب الحاكم.
وقد تكون الفائدة الأكبر إذا ما ارتبطت هذه الحملة بأنشطة توعية للمواطنين حول تبعات السياسات العامة التى ترى المعارضة أنها لا تصب فى مصلحة الوطن، فاستطلاعات الرأى العام التى أجراها مركز بصيرة فى الشهور الماضية تظهر بعض الحقائق الملفتة للنظر منها أن الأقل تعليماً والطبقات المتوسطة والأقل من المتوسطة من الناحية الاقتصادية والذين يشكلون السواد الأعظم من المصريين ينصب اهتمامهم الأكبر على أمور حياتهم اليومية ومشكلات المعيشة. فمثلاً الاستطلاع الذى أٌجرى فى ذروة أزمة تعيين نائب عام جديد واستبعاد المستشار عبد المجيد محمود والحكم الذى حصل عليه بعودته لمنصبه تظهر نتائجه أن حوالى 2 من كل خمس مصريين لم يتابعوا القضية والحكم الذى صدر فيها، وترتفع هذه النسبة بين الأقل تعليماً وسكان الريف وكذلك سكان الوجه القبلى وبالطبع بين ذوى المستويات الاقتصادية المنخفضة، وهو ما يوضح أن كثيراً من المصريين خاصةً الفئات الكادحة التى قامت الثورة من أجلهم تشغلهم طوابير حياتهم اليومية أكثر من تفكيرهم فى الطابور الذى يقف فيه النائب العام القديم والنائب العام الجديد.
نفس الأمر ظهر فى نتائج الاستطلاع الذى أجراه مركز بصيرة على الاستفتاء على الدستور والذى بين أنه قبل الاستفتاء على الدستور بأيام قليلة كان 14% من المصريين لا يعلمون أن هناك استفتاء سيتم على دستور جديد. ومن بين من يعلمون بأن هناك استفتاء سيتم على دستور جديد 7% فقط قرأوا مسودة الدستور كاملة و20% قرأوا أجزاء منها بينما 73% منهم لم يقرأوا أى جزء من مسودة الدستور على الإطلاق، وكما هو الحال فى معظم الموضوعات المشابهة ترتفع النسبة الأخيرة مع انخفاض المستوى التعليمى وفى الريف والوجه القبلى.
ولعل السبب وراء انصراف هذه الشرائح عن الاهتمام بهذه القضايا رغم أهميتها أمران أولهما كما قلت انشغال هذه الشرائح بهموم الحياة اليومية التى باتت عبء يتزايد ثقله كل يوم مع تزايد المشكلات الاقتصادية فى مصر، وثانيهما عدم قدرة هذه الشرائح على تصور تأثير موضوعات هى فى نظرهم معقدة -كموضوع الدستور وقضية سيادة القانون واستقلال القضاء وغيرها من الموضوعات التى تشغل النخبة المعارضة- على حياتهم اليومية وعلى قدرتهم على تحمل نفقات حياتهم وتحسين مستوى معيشتهم وتسهيل حياتهم التى تتزايد صعوبتها كل يوم، ولسان حالهم يقول هل تعيين نائب عام جديد أو البقاء على القديم أو تغيير الدستور سوف يحل أزمة البنزين وطوابير الخبز ومشاكل البطالة والصحة وغيرها؟.
وهنا يكون على حملة تمرد وغيرها من الحملات المعارضة أن تبدأ بتوعية هذه الفئات بأثر السياسات غير التوافقية على حياة المواطن اليومية وأن يعرفوا هذه الفئات بما يضيرهم من هذا الدستور أو ذاك القانون أوتلك القرارات التى يتخذها من هم فى الحكم.
هذا المدخل سيسمح لحركة تمرد بلعب دور طويل الأجل يغير من المعادلة السياسية فى مصر وربما يملأ الفراغ السياسى الحالى، وبدون وجود خطة طويلة الأجل تهدف إلى إحداث تراكم معرفى لدى فئات الشعب المختلفة سينظر الشعب المصرى إلى حملة تمرد بعد عدة أيام على أنها مجرد وقفة احتجاجية أخرى من تلك الوقفات والمظاهرات التى أصبح أكثر من ثلاثة أرباع المصريين يرفوضونها حسب ما وجدنا فى الاستطلاع الذى أجراه مركز بصيرة فى مارس الماضى، ساعتها سيتمرد المصريون على هذه الحملة كما تمردوا على المظاهرات والوقفات الاحتجاجية وستؤدى الحملة إلى نتائج عكس ما ظهرت من أجله.
إذاً فالبداية يجب أن تكون من ريف مصر ومن قرى ونجوع الوجه القبلى على الأخص وبين الشرائح الأقل تعليماً وليس من الجامعات التى يدرك جيداً معظم روادها ما يحيط بمصر من أخطار إذا ظل عدم التوازن بين الأغلبية والمعارضة قائماً.
بقى أخيراً أن تحافظ هذه الحملة على سلميتها والتخطيط لاستمرارها لتكون نواة لمعارضة جديدة تعبر عن المصريين على كل أرض مصر وليست على غرار المعارضة النخبوية التى تعمل على نطاق محدود على المستوى المركزى ولا تتجه للمواطن المصرى البسيط فى الشارع.
* مدير العمليات بالمركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة).
حنان جرجس تكتب: حتى لا يتمرد المصريون على حركة تمرد
الأربعاء، 29 مايو 2013 07:09 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي سلامه
لن تنجح
عدد الردود 0
بواسطة:
mana
مقال حق اراد به باطل
مقال حق اراد به باطل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود محمد حميد
اسم الرئيس مرسي كان موجود بين من وقعوا علي الاستمارة!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل عثمان
تمرد وثورة 19
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو
مدير عمليات مركز بصيرة هو الذى ينصح تمرد!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل عثمان
السيد محمود حميد انت عنصري
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم
مجرد ملاحظه
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
الي التعليق رقم3
عدد الردود 0
بواسطة:
Great
مش مهم الاعداد
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد عبدالحميد
فين التمراد فى المطرية وعزبات ابو حشيش
التعليق فوق