هالة برعى تكتب: دموع الغارمات

الثلاثاء، 28 مايو 2013 01:06 ص
هالة برعى تكتب: دموع الغارمات صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عزيزى القارئ:
الأمانة المهنية تحتم علىّ أن أعترف بتعاطفى الجم مع فصيل من المهمشات يعيشون مرارة السجن نتيجة لوقوعهن فى مشكلة سداد ديونهن، حيث تناولت هذا الموضوع من قبل فى جريدة الأهرام الغراء، وحقيقة تلقيت العديد من ردود الأفعال المبشرة كان على رأسها وزارة الداخلية، والعديد من الأفراد والقطاعات الراغبة فى مساعدة هؤلاء النساء، الأمر الذى دفعنى للكتابة مرة أخرى لتتسع دائرة محاولة الإنقاذ السريع لفك أسر الغارمات..

عزيزى القارئ، فى الغالب تنهمر دموع كل عروس تلقائيا أمام المدعوين ليلة زفافها فرحا وخوفا من ذلك المجهول وتلك الحياة الجديدة التى تشق فيها الطريق بعيدا عن أسرتها..

فى الغالب تكون هناك دموع آخرى تنهمر، إنها دموع الأم التى يمر أمام عينيها شريط سريع جدا لذكريات بعينها، حيث تتذّكر لحظات إلتحاق ابنتها بالمدرسة، تتذّكر تلك اللحظات التى فرحت فيها ابنتها، تتذّكر تلك اللحظات التى غضبت فيها، تتذّكر أول هدية عيد أم (بالتأكيد كانت وردة رسمتها الابنة بالألوان لا زالت تحتفظ بها الأم حتى الأن)... تتذّكر ....تتذّكر

تتجمع جميع الذكريات فى دموع مختلطة بين الحزن على فراق ابنتها، والفرح على أنها ذهبت إلى عالم جديد مع زوج مناسب حيث الحياة وسنتها.

فى المقابل نجد أمهات أخريات فقيرات حاولن شراء ضروريات بيوتهن أوتجهيز بناتهن للزواج بـ"التقسيط" أو "أميات" لا يجدن القراءة والكتابة جميعهن وقعن فريسة سهلة لعمليات نصب منظمة يقودها محترفون يعرفون كيف يغررون بهذه الشريحة من الأمهات حتى يوقعن على عشرات الشيكات على بياض لقاء سلع بسيطة لا يمكن أن تكون ضمانا عادلا لحقوق الدائن وتكون النتيجة المؤلمة أن بينهن من دخلت السجن كعقوبة لدين لم يتجاوز ألفى جنيه!..

أتحدث عن المئات من النساء المصريات الفقيرات اللاتى يقضين عقوبة الحبس لعدة سنوات لعدم قدرتهن على الوفاء بسداد ديونهن لحفنة من النصابين الأوغاد عديمى الدين والضمير والإنسانية.

بالطبع أعلم تماما أن جزءا كبيرا من تلك المشكلة تتحمل مسئؤليته هذه الأم الفقيرة التى تعجز عن السداد، حيث تلاحقها شرطة تنفيذ الأحكام لإيداعها داخل الزنازين الموحشة جنبا إلى جنب مع معتادى الإجرام وتاجرات المتعة و المخدرات.

الغريب أن سجينات الفقر هؤلاء لا يشعر بهن أحد، لا المجتمع فى عامته ولا فى خاصته.. فإما أنه مغيب وراء البحث عن لقمة العيش اليومية أو نتيجة للظروف الراهنة التى تمر بها البلاد من مظاهرات واعتصمات ومليونيات بالطبع لا تعنيها ولا تهمها فى شىء.

من هنا أناشد أصحاب القلوب الرحيمة من الأثرياء ورجال الأعمال المقتدرين لتخصيص جزء من زكاة أموالهم لسداد ديون هؤلاء الأمهات والمساهمة السريعة فى الإفراج عنهن.

من هنا أناشد معالى السيد مساعد أول وزير الداخلية لقطاع السجون بعمل نشرات دورية متتابعة بأسماء وظروف جميع هؤلاء السجينات فى كل الصحف وجميع وسائل الإعلام علها تكون عبرة لتوعية أمهات أخريات حتى لا يقعن فى هذا البئر الموحش، كذلك للفت الأنظار تجاه تلك النوعية من الأمهات اللاتى هن فى أمس الحاجة لطوق نجاة سريع، يتمثل فى سداد ديونهن البسيطة كى يتمكن من الخروج الآمن إلى الحرية فى أقرب وقت ممكن، لتنعم كل منهن بإبنتها فى ليلة عمرها.

أعزائى الأمومة نعمة لا تقدر بثمن، حلم كل امرأة، هى عنوان وجودها إثبات لأنوثتها، بالتالى ومن هذا المكان أنادى بعمل حملة تبرعات قومية يشارك فيها الراغبين فى سداد ديون أو بمعنى أدق فك رقبة مئات السجينات، أطالب بتكاتف جميع القوى المدنية وجميع المهتمين بالأمومة على اختلاف المسميات والرؤى والتوجهات، أرجوكم القليل من المال، القليل من التبرعات يكفى لإسعاد أسرة بأكملها وليس الأم فقط. أرجوكم ليتنا نتحد كى نفك أسر هؤلاء الأمهات حتى لا يحرمن من التواجد فى حلم العمر كله، فى ليلة زفاف بناتهن.

أرجوكم ليتنا نشارك فى مسح دموع الحسرة والفقر والألم ونساهم فى رسم ابتسامة فرح على وجة أم لطالما انتظرت بمزيج من الشوق واللهفة تلك الليلة التى ترى فيها ابنتها عروسا رائعة تعوضها فى لحظة بالتأكيد لن تخلو من دموع الفرح والسعادة كل عذابات وشقاء السنين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة