تسألوننى ..كم أفنيت من عمرك ؟؟ ..أجيبكم !!
ملاحا أنا، منذ أمد بعيد أبحرت فى أيام وسنين حياتى راكبا بحارها غواصا فى أعماقها، تقاذفتنى أمواجها ولفتنى دوامَاتها .. ضربنى عصف رياحها، وأرعبنى صوت أنينها.. ضاع فيها مجدافى وكسر نصل شراعى... تلك حياتى الثائرة... ثم تهدأ ويصفو ماؤها... وريحا مُسالمة تقذفنى بشطها... أفقت بكيت ضحكت فكرت.. تدبرت.. ثم بدأت.
هكذا أنا --- أنا الإنسان !!
تسألوننى.. كم أفنيت من عمرك؟؟ ..أجيبكم !!
سجين وحدتى.. أنا من كُبلت يدى.. وعُصبت عينى.. وحُجب فكرى وعقلى، سجين داخل ذاتى وحولى الأرض بارحة زنزانتى عالم متسع كون لا متناهى....ضائقا به صدرى ... متيبساً فاقداً زمنى وحواسِ.
هكذا أنا --- أنا الإنسان!!
تسألوننى.. كم أفنيت من عمرك ؟؟.. أجيبكم !!
سجين حريتى.. عزيز شامخ فى زنزانتى ضيقا حجمها لا أساس لها، طليقات حرا أحلق خارج أسوارها أطلقت يدى.. وحررت قواى.. واتقد فكرى.. ونبض قلبى.. أحلاما لا متناهية.. وآمالاً ساطعة..وحياة زاخرة، مقيداً فى سجنى محررا إحساسى..طائرا أنا محلق فى سمائى
هكذا أنا --- أنا الإنسان!!
تسألوننى..كم أفنيت من عمرك؟؟ ..أجيبكم !!
قد عركت الحياة.. وخبرتها ..عشتها ..غصت فى أعماقها ..وقذفنى موجها أصبحت كنزها..وأمسيت زُبِدها وكنت يوما لؤلؤها وماسها، وأياما صدأ حديدها.
نبض قلبى..أضيئت حواسى.. أحببت.. كرهت.. اشتقت.. فارقت قربتنى.. أبعدتنى.. جذبتنى.. لفظتنى موج أنا.. وهى بحرى
هكذا أنا--- أنا الإنسان!!
تسألوننى..كم أفنيت من عمرك؟؟ ..أجيبكم !!
هذه حياتى..وتلك أيامى عشتها دهرا وعمرا حزنا وفرحا عزاً وذلا ً ملكتها ومَلكتنى سطرت تاريخا على صفحاتها خَلدتُ أمجادا تزخر بها كنت شمسها ضوءً ساطعاً ثم غربت وانزويت.
أجيبكم ..عشت حياتى ...يوما عمرا دهرا...حياتى حُلم لم أوقظ منه فأنا كهل.. ولكن لم أولد بعد.
