قال خبيران فى ملف مياه النيل "إن قرار إثيوبيا البدء فى تحويل مجرى النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، اليوم، لبناء سد النهضة يحمل رسالة سياسية لكل من مصر والسودان مفادها "نحن ماضون فى بناء السد"، وذلك لاستباق تقرير اللجنة الثلاثية الدولية لتقييم السد، والتى كانت ستوصى بمزيد من الدراسات.
وأوضح الخبيران أنه رغم أن تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لن يمثل خطورة على المدى القصير، إلا أن إثيوبيا أرادت بذلك فرض أمر واقع، معتبرين أن تحويل مجرى النيل الأزرق البداية الفعلية لبناء السد.
هانى رسلان، مدير وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قال: "إن قرار إثيوبيا يمثل البداية الفعلية لتكوين جسم السد، وبنائه بشكل واقعى"، مشيرا إلى أنه يأتى كجزء من مخطط أوسع لبناء أربع سدود تحجز نحو 200 مليار متر مكعب من المياه، وتملك إثيوبيا بوابات تتحكم فى حجم المياه طبقاً لمصالحها.
وبحسب رسلان فإن "إعلان أثيوبيا تحويل مجرى النيل بشكل مفاجئ يعنى أنه كان هناك إعداد مسبق لذلك، وأن كل ما كان يدور طيلة الفترة الماضية ما هو إلا عملية تمويه وخداع إستراتيجي، معتبرا أن الإعلان عن التحويل رسالة سياسية مفادها "نحن ماضون فى طريق بناء السد".
وانفردت الأناضول أمس بإعلان إثيوبيا تحويل مجرى نهر النيل الأزرق، حيث نقلت عن المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، "بريخيت سمؤون"، فى تصريحات للتليفزيون الإثيوبى الرسمى، إن بلاده ستبدأ اليوم فى تحويل مجرى النيل الأزرق قرب موقع بناء "سد النهضة"، وذلك للمرة الأولى فى تاريخ نهر النيل.
وتستبق إثيوبيا بتلك الخطوة (البدء فى تغيير مجرى النيل الأزرق) نتائج التقرير المتوقع أن تقدمه اللجنة الثلاثية الدولية المكلفة بتقييم سد النهضة، والمزمع الانتهاء منه نهاية شهر مايو الجارى.
واعتبر رسلان أن الحديث عن اللجنة الثلاثية كان جزءا من الخداع، حيث إن اللجنة لم تكن بصدد إصدار تقريرها النهائى، خاصة أن الدراسات غير مكتملة بشكل عمدى، وكان البديل هو المماطلة فى أعمال هذه اللجنة لمدة سنتين، والدليل أن إثيوبيا بدت وكأنها لا تنتظر التقرير مقارنة بمصر والسودان.
وعن الأخطار الناجمة عن القرار الإثيوبى، قال رسلان "إن الأخطار ستكون كارثية، ولن تتوقف فقط عند نقص المياه، فضلاً عن المخطط الأوسع ببناء أربعة سدود تحجز نحو 200 مليار متر مكعب، فإن إتمام السد من شأنه إثارة لنزاعات بين مصر والسودان حول حصة كل طرف بالمياه، خاصة أن تحويل النيل الأزرق سيمكن إثيوبيا من التحكم فى المياه طبقاً لمصالحها بغض النظر عن مصالح مصر والسودان.
وتابع: "أما الأضرار الاقتصادية والاجتماعية لمصر فهى بالغة الخطورة، حيث إن فقدان 4 مليارات متر مكعب من المياه يعنى تبوير مليون فدان وتشريد 2 مليون أسرة وفقدانهم لأعمالهم ومعيشتهم فى مصر، وزيادة الفجوة الغذائية بنحو 5 مليارات دولار وزيادة الملوحة فى الأراضى الزراعية، ونقص فادح فى كهرباء السد العالى".
وعن الضرر الناجم على السودان على وجه الخصوص، أوضح رسلان أن السد معرض للانهيار لوجوده فى منطقة فالقه جيولوجية حيث يقع فى منتصف جبلين؛ وبالتالى متوقع وجود تشققات وهزات أرضية، وفى حال انهيار السد بعد اكتمال بنائه فمن المتوقع إغراق الخرطوم، وكذلك المسافة الموجود بها أراض ومياه بين الخرطوم والسد العالى.
الرسالة السياسية التى شدد عليها هانى رسلان تتلخص فى رأيه فى أن أى إجراء مفاوضات أو حلول وسط ستكون متأخرة الآن؛ حيث أن إثيوبيا أعلنت بوضوح أنها ماضية فى إنجاز السد بمواصفاته الحالية بغض النظر عن موقف مصر.
من جانبه قال علاء الظواهرى، أستاذ الهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة القاهرة، "إن إثيوبيا أخطأت عندما أعلنت عن ذلك القرار فى هذا التوقيت، خاصة أن تقرير اللجنة من المقرر أن يتم الكشف عنه خلال الأيام القادمة".
وتابع أن تحويل مجرى النيل فى هذا التوقيت، ليس سوى رسالة سياسية بأنه إثيوبيا ماضية فى بناء السد، خاصة أن تحويل المجرى يعنى إخضاعه لمسار بحيث يعود فى النهاية إلى النهر والخطورة ستظهر مع البدء فى تخزين المياه.
وأضاف الظواهرى أن أعمال السد "سوف تظهر فوق سطح الأرض، لكن هذا لا يعنى أن هناك خطرا سيقع على مصر والسودان على المدى القصير، ولكنه على المدى البعيد حين يستكمل البناء".
وعن مدى تأثير ذلك القرار على تقرير اللجنة الثلاثية، أوضح الظواهرى أن التقرير لن يتأثر نهائيا بذلك القرار، خصوصا أنه "شبه جاهز" وما يحدث من اجتماعات فى إثيوبيا فقط مجرد نقاشات، مشددا على أن إثيوبيا تحاول فرض سياسة الأمر الواقع وتحديدا قبل أن يوصى التقرير بمزيد من الدراسات.
وكان الظواهرى، الذى يشغل أيضاً منصب عضو باللجنة الفنية الوطنية المصرية لدراسة سد النهضة الإثيوبى كشف لـ"الأناضول" فى وقت سابق بأن اللجنة ستوصى فى تقريرها بمزيد من الدراسات حول آثار تشغيل السد على (حصتى) مصر والسودان (من مياه النيل).
ومضى الظواهرى، موضحًا أن "الدراسات التى قدمها الجانب الإثيوبى بشأن سد النهضة لم تكن كافية لإثبات عدم الضرر على مصر من بناء السد"؛ وهو ما سيدفع باللجنة الثلاثية إلى المطالبة بإجراء دراسات إضافية يقوم بها الخبراء الدوليون فى اللجنة، وعددهم 4 خبراء".
وتتكون اللجنة الفنية الثلاثية لتقييم سد النهضة من 6 أعضاء محليين، (اثنان من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين فى مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود.
وجاء قرار تشكيل اللجنة وفقا لاقتراح من رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل ميليس زيناوى، الذى دعا وزراء المياه فى الدول الثلاث لبحث ودراسة موضوع السدود من جميع جوانبها، وذلك بعد أن أعلنت بلاده رسميا فى الثانى من أبريل 2011 عن بدء العمل فى الأعمال الإنشائية لسد النهضة.
خبراء: إثيوبيا تستبق قرار لجنة تقييم سد "النهضة"
الثلاثاء، 28 مايو 2013 07:26 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة