باقى من الزمن شهر وأيام قليلة وتطرق الأفراح كل أبوابنا، لقد تم تجهيز كل شىء وطبعت بطاقات الدعوة وكل الترتيبات، ويبقى شىء واحد.. هو تلبية الدعوة والمشاركة والاهتمام بهذا الفرح الكبير.. أعتقد أن الكثير يتساءل عن هذا الفرح الكبير وصاحب الفرح وأين المكان..
فى بادئ الأمر عندما كنت بأحد المساجد بالدوحة وفى نهاية الخطبة خرج علينا الإمام يحدثنا عن هذا الفرح الكبير، ودورنا كمسلمين، فقررت أن أتحدث عن تلك الدعوة وهذا الفرح الكبير على نطاق أوسع من خلال مقالتى هذه، ونعود للشيخ الجليل عندما أفصح عن هذا الفرح بل الأفراح، أوضح لنا الشيخ الصورة بشكل أكثر عندما قال: ليلة القدر إنه رمضان بكل أفراحه، ويجب أن نلبى النداء قال تعالى "شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه".
نعم أحبتى فى الله، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، وواجب علينا أن نستعد لهذا الشهر الكريم، ونستعد للقاءه ونعمم الدعوة حتى تطمئن القلوب وتصفى النفوس، إنّ الفرح والسرور غاية مبتغاة وهدف منشود، والناس كل الناس يسعى إلى فرح قلبه وزوال همه وغمه، وتفرق أحزانه وآلامه، إنه الفرح فى الصيام، الفرح بليلة القدر الفرح بالعيد الفرح باللباس الجديد، أيّها الصائم الكريم: "الفرح لذة تقع فى القلب بإدراك المحبوب، ونيل المشتهى، فيتولد من إدراكه حالة تسمى الفرح والسرور، هذا وإن للصائمين من هذا الفرح نصيباً كبير غير منقوص، كيف وقد قال النبى، صلى الله عليه وسلم، فى الحديث المتفق عليه : "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه".
قال ابن رجب، رحمه الله : أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم، ومشرب، ومنكح، فإذا امتنعت من ذلك فى وقت من الأوقات، ثم أبيح لها فى وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، خصوصاً عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعاً، فإن كان ذلك محبوباً شرعاً. والصائم عند فطره كذلك، فكما أنّ الله تعالى حرم على الصائم فى نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها فى ليل الصيام، بل أحب منه المبادرة إلى تناولها من أول الليل وآخره، فأحب عباد الله إليه أعجلهم فطراً، والله وملائكته يصلون على المتسحرين، فالصائم تحرم شهواته فى النهار تقرباً إلى الله وطاعة له، وبادر إليها بالليل تقرباً إلى الله وطاعة له، فما تركها إلا بأمر ربه ولا عاد إليها إلا بأمر ربه، فهو مطيع فى الحالينن.
ولهذا نهى عن الوصال، فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقرباً إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله، فإنه ترجى له المغفرة، أو بلوغ الرضوان بذلك".
إلى أن قال رحمه الله: "ثم إنه ربما استجيب دعاؤه عند فطره، وعند ابن ماجة: إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد، وإن نوى بأكله وشرابه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثاباً على ذلك، كما إنه إذا نوى بنومه فى الليل والنهار التقوى على العمل كان نومه عبادة. ومن فهم هذا الذى أشرنا إليه لم يتوقف فى معنى فرحه عند فطره، فإن فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته، فيدخل فى قوله تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" (يونس)
وقال ابن رجب رحمه الله: "وأما فرحة عند لقاء ربه ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخراً فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى :"وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً" المزمل.
اللّهم أفرح قلوبنا بالإيمان، والقرآن، والسنة، والعلم، والصيام وليلة القدر يا الله.
"هلال" شهر رمضان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة