عرضت مجلة "الفورين بوليسى" الأمريكية اليوم مقالاً للمحلل وأستاذ العلوم السياسية مارك لينش يتحدث فيه حول النزاع بين السنة والشيعة، مؤكدا أنه ليس الخطر الذى يتهدد الشرق الأوسط حاليا بل أن أسوأ ما يتهدده هو النزاع داخل المعسكر السنى ذاته، والذى سيشكل ملامح الفترة القادمة، واصفا العلاقة بين الإخوان المسلمين والسلفيين بأنها أشبه بعض الإصبع.
ويؤكد مارك لينش أن المذابح المروعة التى ترتكب داخل سوريا زادت المخاوف بشأن أن تتسبب الحرب السورية فى انتشار حرب "سنية – شيعة" فى جميع أنحاء الشرق الأوسط- وهى المخاوف التى عززها تصاعد أعمال العنف فى العراق، والمواجهات فى البحرين والتوترات الدائمة التى لا يمكن احتواؤها فى لبنان، ويعتقد العديدون، وفقا للينش، أن هذا النزاع الطائفى سوف يعيد صياغة السياسة الإقليمية؛ فعلى سبيل المثال يقول جنيف أبدو، من معهد بروكينجز أن الانقسام الشيعى السنى سوف يحل محل النزاع بين المسلمين والغرب، كما أنه يمكن أن يحل محل القضية الفلسطينية كقضية مركزية فى الحياة السياسية العربية.
ويتساءل "لينش" إذا ما كان التعاطف العربى العميق تجاه القضية الفلسطينية لم يسفر عن سياسة عربية رسمية موحدة لدعمها، فهل الدعم السنى سيكون ناجحا؟، ويؤكد لينش أن الخطاب حول الطائفية يخفى أكثر مما يكشف عن الملامح الرئيسية للنزاع الذى ينشأ فى الشرق الأوسط، مؤكدا أن العصر القادم سيتميز بالصراع بين المتنافسين المحليين (معظمهم من السنة) على السلطة فى البلدان التى تشهد تحولا راديكاليا غير واضح.
وأضاف "لينش" أن مناهضة الشيعة لا تعد ضمانا لوحدة السنة أكثر من الدعوات القومية للوحدة العربية فى الخمسينيات، مضيفا "إذا ما كنا سنستخلص العبرة من الاقتتال بين النظم العربية خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فإن التنافس بين النظم السنية والحركات السياسية من المرجح أن يصبح أكثر حدة فيما يتراجع الخطاب الطائفى، وذلك حيث أن الوحدة السنية ليست عاملا للوحدة فى مصر وليبيا وتونس، ويمكننا إدراك ذلك من نوعية الجدل السياسى الدائر فى كل منهما".
وبالرغم من أن صعود الحركات الإسلامية منذ الثورات العربية، وهى التيارات التى تعادى الشيعة، وما يمكن أن يضيفه ذلك للنزاع الطائفى فى المنطقة، فإن ذلك لا يضاهى نتائج صعود ذلك التيار على السياسات السنية-السنية.
فالإخوان المسلمين والسلفيون يمارسون سياسة "عض الإصبع" فى مصر، فيما قام حزب النهضة التونسى بقمع منافسيه السلفيين.
وأضاف "لينش" أن الحكومات الإسلامية فى مصر وتونس ساهمت فى تقسيم العالم السنى العربى أكثر من توحيده، فقد أثارت عداء المملكة العربية السعودية والإمارات ولم تستطع توحيدهما حول هوية سنية، كما وفرت الساحات السياسية المفتوحة الجديدة، مثل الحرب فى سوريا، فرصا جديدة للزعماء المحتملين بالمنطقة للتنافس مع بعضهم البعض.
ويقول "لينش" إن فهم الخطاب الطائفى ربما يكون أفضل إذا ما نظرا له باعتباره مبررا للقمع المحلى ومحركا للقوى الإقليمية وليس باعتباره مبررا لسلوك الأنظمة فى الشرق الأوسط، حيث تجد الأنظمة السلطوية العربية، خاصة فى دول الخليج التى لديها عدد كبير من الشيعة، النزاع "السنى - الشيعى" وسيلة نافعة لنزع الشرعية عن المطالب السياسية للمواطنين الشيعة.
وذلك حيث تقابل احتجاجات الشيعة فى السعودية أو الأغلبية الشيعية فى البحرين بقمع منهجى فيما يتم شيطنتهم، ووصفهم بالطابور الخامس لإيران.
وبالمثل، يجد الزعماء العرب وواشنطن أن نعت خصومهم بالشيعة وسيلة نافعة للحد من الجاذبية الشعبية لإيران – سوريا وحزب الله، وهذا لا يعنى أن الزعماء السنة لا يكرهون الشيعة فقد وصف الملك عبد الله، ملك السعودية، رئيس الوزراء العراقى، نورى المالكى بالعميل الإيرانى، ولكن المسألة لا تتعلق بآرائهم الشخصية.
ومن ثم، يضيف لينش، فإن السعى لإقامة دولة سنية فى سوريا لن يحول سوريا إلى حليف بالضرورة للأنظمة السنية فى المنطقة، إلا إذا كان القادة الجدد لسوريا لديهم مصالح يمكن تحقيقها من وراء ذلك.
فقد عاد النزاع التقليدى بين الدول السنية الداعمة للتغيير فى سوريا، وكانت أهم العوامل التى عرقلت الوحدة بين أطياف المعارضة السورية، فإذا ما قام تحالف سنى بالاستحواذ على السلطة فى سوريا، فمن المرجح أن يصبح موضوعا لنزاع عنيف على النفوذ بين اللاعبين الخارجيين ذوى الطموح.
ولكن ذلك لا يعنى أن وجود حالة من الاستعداء الطائفى لن تؤدى إلى نتائج مأساوية، فلم يكن الاتجاه نحن الطائفية فى السياسات العربية متجليا فى حمامات الدم التى تغرق فيها سوريا فقط ولكن فى الشعارات المتعصبة فى مصر وحرق مقرات الشيعة فى جنوبى الأردن.
ويمكن أن يسفر حصاد هذه العداءات الطائفية عن صدع خطير يمكن استغلاله دائما من قبل النخب الطموحة ولذلك يجب أن تكون على قمة أولوياتنا، وفقا للينش، منع الظروف الملائمة لوضع برامج ضد الشيعة فى المجتمعات ذات الأغلبية السنية، وعدم السماح بتكوين محور من الدول السنية المعتدلة ضد إيران وربما يكون بداية الطريق لذلك من خلال قبول حل سياسى وإن كان غير مثالى فى سوريا ووقف هذا العنف المروع الدائر هناك.
فورين بوليسى: النزاع داخل المعسكر السنى هو الأخطر على الشرق الأوسط.. والإخوان والسلفيون يتبعون سياسة عض الأصابع.. جنيف أبدو: الانقسام "الشيعى – السنى" سيحل محل القضية الفلسطينية كقضية مركزية
الجمعة، 24 مايو 2013 03:01 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صوت الحق
نجحت امريكا
عدد الردود 0
بواسطة:
هدى عبد الفتاح
اقتراح